تعني مدينة الفلوجة، وهي معقل الولاء لصدام حسين ورمز المقاومة العربية للاحتلال الاميركي، شيئا مختلفا تماماً للاكراد العراقيين الذين كان يضطهدهم صدام. وبينما يرى كثير من العرب في العراق وخارجه في معارك الفلوجة أكبر إراقة للدماء منذ الغزو الاميركي للعراق، يرى الاكراد في هذه المدينة المعقل الاخير لحزب بعث صدام الذي استخدم الاسلحة الكيماوية ضدهم. وقال برهام صالح رئيس وزراء نصف المنطقة الكردية الشمالية التي انتزعت من بغداد بعد حرب الخليج عام 1991 ان قتل المتعاقدين الاميركيين والتمثيل بجثثهم الذي اثار الهجوم الاميركي على الفلوجة يشبه وحشية صدام مع شعبه كما يقوض التزام الاكراد بوحدة العراق. وقال في مقابلة في السليمانية عاصمة المنطقة التي يسيطر عليها "الاتحاد الوطني الكردستاني" "المشاهد التي رأيتها من الفلوجة تقلقني لأن نظام القيم الذي ادى الى بروز صدام حسين هو ما نراه في البلطجة التي يحرق فيها هؤلاء الاميركيون ويمثل بجثثهم". واضاف "هذا النوع من الثقافة ما زال يرشح من بعض تلك الاماكن ومن الواضح انه خطر على الشعب الكردي... بل انه خطر حتى على عرب العراق ايضاً". وهذه التعليقات وكذلك الاتهامات بأن القوات الكردية تقاتل الى جانب القوات الاميركية في الفلوجة تؤكد عمق العداء بين عرب العراق واكراده، الذين شن صدام حسين حملة عسكرية عليهم لسحق طموحاتهم الانفصالية ومعاقبتهم على مساعدتهم ايران في حربها ضد العراق بين عامي 1980 و1988. والدستور العراقي الموقت الذي يعترف بحق الحكم الذاتي للاكراد في الشمال في إطار دولة فيديرالية مستقبلية يثير حفيظة العرب الذين ينظرون الى الامر مثلهم في ذلك مثل الدول المجاورة ذات التجمعات الكردية الكبيرة على انه خطوة نحو التقسيم المحتمل للعراق. وقال صالح ان هذه الفكرة مثل دعوات بعض الغالبية الشيعية لدور موسع للاسلام في الحكم يجعل من الصعب التضحية بالاكراد في عراق ديموقراطي موحد التزمت به القيادة الكردية وهي على علاقة طيبة بواشنطن. واضاف "اننا مستعدون ان نكون جزءاً من عراق فيديرالي ديموقراطي ولكن اذا فكرتم انتم يا مواطني العرب ان تحولوا العراق الى دولة أصولية او ديكتاتورية قومية عربية مرة أخرى... فإنه يؤسفنى القول اننا لسنا مستعدين لأن نصبح جزءاً من هذه الدولة". وقال ان الاكراد يرحبون بفكرة دولة فيديرالية باعتبارها أفضل ضمان ممكن لحقوقهم في ضوء العداء من قبل الجيران، مثل تركيا التي تخشى ان يؤدي الحكم الذاتي الى اذكاء الميول الانفصالية بين اكرادها. وقال "نحن نتفهم محنتنا السياسية الجغرافية، ونتفهم ايضاً ان عراق فيديرالياً ديموقراطياً يعمه الاستقرار والرخاء يمكن ان يكون جيدا للشعب الكردي ويمكن ان يحمينا من الضواري التي لا تريد بنا خيراً". وتابع صالح بقوله "اننا مستعدون للعمل مع مواطنينا العراقيين لتحويل المد والتأكد من ان العراق سيكون له مستقبل ولكننا لا يمكن ان نفعل ذلك وحدنا". وتابع "واذا فشل الامر فليس هناك ما يمكن ان افعله لكي اقنع شعبي بالالتزام بذلك... ولن افعل اي شيء في موقعي او اي موقع اكون فيه لكي احاول ذلك". وقال صالح ان الاكراد لا يمكنهم كسب التأييد لحججهم في مستقبل العراق بدون توحيد الحكومتين الشماليتين للاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني اللذين اشتبكا في حرب اهلية في كردستان في منتصف التسعينات. وقال "هناك كره لنا لأننا قاتلنا بشدة في بغداد من اجل الاعتراف بوضعنا هنا، كما اننا نوفر ذخيرة لخصومنا بالسماح لهم بأن يشيروا الى ان منزلنا غير مرتب وان يسألوا لماذا يحق لكم ذلك وانتم غير متحدين".