قال ديبلوماسيون أوروبيون معتمدون في المغرب في تصريحات إلى"الحياة"ان توسع الاتحاد الاوروبي، بدخول 10 اعضاء جدد في اول ايار مايو المقبل، ستكون له انعكاسات ايجابية على اقتصادات مجموع منطقة البحر الابيض المتوسط خصوصاً الدول التي لها اتفاقات شراكة مع الاتحاد مثل المغرب وتونس ومصر والأردن، وهي نفسها الدول المنضوية ضمن تجمع اعلان اغادير وتقدر اسواقها بنحو 120 مليون مستهلك وانتاج قومي يزيد على 200 بليون دولار. اعتبر السفراء، على هامش زيارة رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو للمغرب، ان انضمام دول من المعسكر الشرقي سابقاً الى معاهدة روما سيجعل الاتحاد الاوروبي يضم 25 دولة بسوق تجارية واستهلاكية ستكون الاولى دولياً وهي فرص سانحة امام دول جنوب البحر الابيض المتوسط لزيادة حضورها في الاسواق الاوروبية. وينتظر ان يزيد سكان الاتحاد الاوروبي 75 مليون نسمة بعد أيام ليصبح ثالث تجمع سكاني دولي يتألف من حوالى 450 مليون نسمة ويأتي خلف الصين والهند وقبل الولاياتالمتحدة وروسيا. وخصص الاتحاد الأوروبي 27.5 بليون يورو بين سنتي 2004 و2006 للانفاق على توسيع عدد اعضائه وبعضهم في وضعية اقتصادية اقل مما هو متوافر في بعض دول اوروبا الغربية تاريخياً. وتحتاج هذه الدول الجديدة الى تأهيل في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي. في المقابل خصص الاتحاد الاوروبي 10 بلايين يورو لمساعدة دول جنوب البحر الابيض المتوسط منها 5 بلايين يورو من موازنة الاتحاد في اطار برنامج"ميدا"ونحوها من قروض المصرف الاوروبي للاستثمار لتأهيل اقتصاداتها استعداداً لاقامة منطقة تجارية حرة يورومتوسطية سنة 2012 بين الضفتين تزول فيها الرسوم الجمركية. وينتظر ان تقود باريس ومدريد هذا التوجه داخل الاتحاد الاوروبي لاثارة الانتباه الى اهمية العلاقة مع دول الشراكة العربية - الاوروبية وضمان تنمية حوض المتوسط. وقال الديبلوماسيون ل"الحياة":"كلما توسعت اوروبا شرقاً او شمالاً زاد اهتمامها بالبحر الابيض المتوسط الذي تتقاسمه مع الدول العربية ويشكل مصدراً مشتركاً للثقافة والحضارة". وتحرص باريسوروما ومدريد الحكومة الجديدة ولشبونة على تنمية علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع جنوب الضفة المتوسطية واشعار الاعضاء الآخرين باهمية الامتداد المتوسطي لاوروبا. لكن مصادر اقتصادية متابعة اعتبرت ان اوروبا المتوسطية ستكون اقلية في التوسع الجديد كما ان الشركات الاوروبية والعالمية قد تفكر في الانتقال الى دول المعسكر الشرقي سابقاً عوض الحضور الى منطقة جنوب المتوسط العربية. ومن المؤشرات الى ذلك انتقال شركة"سيمنس"الالمانية الى هنغاريا ونية شركة"لوفتهانزا"الالمانية الانتقال الى بولندا كما ان شركة صناعة السيارات"فولكسفاغن"بدأت انتاجها من مصانع بولندا وتشيخيا. وقررت شركة الغسالات الاميركية"وايربول"نقل مصانعها من فرنسا الى سلوفاكيا واعلنت"سامسونغ"الكورية الانتقال من برشلونة الى سلوفاكيا. كما أعلنت"فيليبس"الهولندية نقل مصانعها الى بولندا، وشركة"الكترولوكس"السويدية بدأت أولى خطوات نقلها الى هنغاريا. وحسب المحللين فإن دول أوروبا الشرقية تتمتع ببنى تحتية جيدة ومستوى تعليمي متقدم ويد عاملة متطورة وأقل كلفة، إضافة الى الاستقرار الاجتماعي والقرب الجغرافي والعمق الاوروبي ببناء طرق سريعة جديدة وقطارات تخترق جبال الالب. وحسب السفراء ستظل اوروبا مع ذلك في حاجة الى وارداتها الزراعية والغذائية الاسماك والطاقة والنفط والغاز والمواد الاولية والعمالة من جنوب البحر الابيض المتوسط. كما بدأ نقل بعض الصناعات الى جنوب البحر المتوسط في مجال السيارات وقطاع غيار الطائرات اضافة الى الصناعات التقليدية مثل الملابس والنسيج والحياكة والالكترونيات ورقائق الكومبيوتر. وكلما زاد الاستهلاك الفردي الاوروبي زاد الطلب على السلع المستوردة من الدول العربية المتوسطية. وتزيد تجارة الدول العربية المتوسطية مع الاتحاد الاوروبي على 70 في المئة بينما تقل عن 10 في المئة مع الولاياتالمتحدة وعن 3 في المئة في ما بينها. ولاحظ الديبلوماسيون ان التجارة بين ضفتي المتوسط ظلت تتزايد نحو 10 في المئة سنوياً طيلة العشرين عاماً الماضية وكان بامكانها تحقيق طفرة اكبر لولا تعثر مسلسل السلام في الشرق الاوسط. وتنظر اوروبا حالياً بعين الرضا الى اتفاق المنطقة التجارية الحرة بين المغرب والولاياتالمتحدة. وقالت مصادر ديبلوماسية ان الرباط بامتدادها المتوسطي والعربي والافريقي والاطلسي يمكن ان تلعب دور الرابط او"القنطرة"بما يساعد في تنمية منطقة المغرب العربي وجلب الاستثمارات اليها وتحقيق التقدم والاستقرار في مجموع منطقة غرب المتوسط. وكانت أوساط أوروبية انتقدت في الماضي التوجه التجاري المغربي نحو الولاياتالمتحدة على اعتبار ان المنطقة تقع في حيز النفوذ الاوروبي، قبل ان تتراجع تحت ضغط واشنطن الراغبة في الاعداد لسوق شرق اوسطية جديدة تمتد من المحيط الاطلسي الى جبال افغانستان. وانتقد السفراء تدمير البنى التحتية في الأراضي الفلسطينية على اعتبار انه تم تمويلها اوروبياً لتحسين اوضاع السكان. وفي المنظور الاوروبي الجديد الذي تتبناه فرنسا والمانيا واسبانيا وحتى ايطاليا، فإن النمو الاقتصادي وزيادة الدخل وتحسن المستويات الاقتصادية والاجتماعية وفرص العمل للشباب، تعتبر اكبر ضمان للاستقرار في منطقة البحر الابيض المتوسط التي ستعطى لها اهمية كبيرة في نهاية العقد الجاري بعد الانتهاء من"هضم"الاعضاء الجدد المتحدرين من التاريخ الشيوعي.