سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
طالب بإلغاء 100 بليون دولار من الديون المستحقة وإعادة النظر في التعويضات من زاوية انسانية . وزير التخطيط العراقي ل"الحياة": المانحون الدوليون سيبقون متحفظين إلى حين تعيين حكومة معترف بها دولياً
دعا أكبر مسؤول عراقي عن شؤون إعادة الإعمار المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في حجم التعويضات والديون المستحقة على بلاده، مطالباً بالغاء 100 بليون دولار من ديون العراق. وقال وزير التخطيط والتعاون الانمائي رئيس الهيئة الاستراتيجية لاعادة الاعمار الدكتور مهدي الحافظ في مقابلة مع"الحياة"إن الديون المستحقة على العراق والبالغة 120 بليون دولار يجب أن تنخفض بحيث لا تتجاوز إجمالي الناتج المحلي العراقي البالغ 20 بليون دولار. وطالب بإعادة النظر في حجم التعويضات الدولية الناجمة عن غزو الكويت عام 1990 والتي تناهز 300 بليون دولار، مطالباً بمراجعة دولية سياسية وانسانية لمنطلقاتها. وعبر عن أمله بأن يسفر اجتماع الدول المانحة في الدوحة الشهر المقبل عن صدور تعهدات لتنفيذ 700 مشروع قدمها العراق. وأكد أن بعض الدول المانحة متلكئ عن دفع مساهماته بسبب تحفظاته عن الوضع الحالي، وتفضيله التعامل مع حكومة عراقية معترف بها دولياً، مشيراً إلى أن هذه العقبة سيواجهها العراق لمدة طويلة. وفي ما يأتي نص المقابلة: ماذا يميز الموازنة الجديدة التي وضعتموها لسنة 2005 عن سابقتها العام الماضي؟ - أهم ما يميز هذه الموازنة أنها تستند الى ثلاث ركائز: الاولى، الاعتماد على الموارد الذاتية فهذه المسألة في غاية الاهمية، إذ ليست هناك قروض او ديون. الركيزة الثانية، هي أنه ليست هناك زيادة في الانفاق وهذه مسألة ايجابية لأنها توفر امكان تفادي عجز جديد. والركيزة الثالثة هي جعل العجز بحدود الصفر وهذا أمر مهم لمعالجة مشكلة الديون، فضلاً عن تثبيت حال استقرار في البلد. كما تعلم الموازنة هي مؤشر اقتصادي مهم، ليس فقط في التعامل مع العالم الخارجي من الناحية الاقتصادية والتجارية، ولكن أيضاً للاستقرار الداخلي للبلد. لهذا أعتقد أن صوغ موازنة متوازنة من غير عجز سيسهل مهمة الفريق العراقي الذي سيفاوض حول الديون مع نادي باريس، لأن هذه المسألة ستكون شرطاً اساسياً للنظر إيجابياً في اعفاء العراق من بعض ديونه، وحرصنا على مراعاة هذه النقطة بشكل مباشر لدى صوغ الموازنة الجديدة لسنة 2005. كيف هي علاقتكم الآن مع الدائنين؟ هل هناك دول أبدت فعلاً استعدادها أو أبلغتكم رسمياً انها ستشطب ديوناً لها مستحقة على العراق؟ - في الحقيقة لم يجرِ التزام رسمي بهذا الامر، لكن أحب أن أشير الى ان الدائنين الاساسيين اعطوا مؤشرات أو تلميحات على انهم مستعدون لخفض بعض الديون أو الغائها. فمثلاً الامارات أعلنت عن الغاء كل ديونها والتي هي بحدود ثلاثة بلايين دولار. وكذلك فرنسا، وخلال زيارتنا الى باريس، أعلن الرئيس جاك شيراك أنه سينظر في امكان خفض الدين العراقي. وهذا ما حصل مع انكلترا والمانيا وايطاليا والصين واليابان. وفي الحقيقة هناك مؤشرات حقيقية إلى خفض الديون. لكن أرادت هذه الدول معالجة هذه الديون في نادي باريس حسب قرار مجلس الامن 1483، ويفترض أن يجري البحث في هذا الامر خلال السنة الجارية. لكن على رغم كل المؤشرات الى خفض نسبة معينة للديون، نحن نعتبر أنه يجب ان نواصل العمل لخفضها بنسبة أخرى، لأن هناك أمراً مهماً مفاده أن يصل الخفض إلى درجة لا يتجاوز معها الدين اجمالي الناتج المحلي العراقي الذي هو بحدود 20 بليون دولار سنوياً. علينا ان نعمل من اجل خفض الديون بنسبة كبيرة جداً بحيث لا تتجاوز بكثير اجمالي الناتج المحلي. وبعض الدول يدعي أنه واثق ان ديون العراق بحدود 120 بليون دولار. وهذا المبلغ لا بد أن ينزل أكثر من 60 او 70 في المئة على الأقل. هل هناك حسب الوعود التي حصلتم عليها ما يؤكد هذا التوجه؟ - ليس هناك التزام من أحد، لكن هناك تخمينات واشارات. وفي تقديري أنه من الممكن خفض هذه الديون الى حدود مثلاً 40 او 45 بليون دولار، لكن هذا الحد يبقى غير مقبول. ولا بد للديون ان تنزل الى ما هو ادنى من ذلك. تنزل 80 بليوناً؟ - لا، تنزل الى ما هو أقل من 40 بليون دولار. لا أستطيع أن أعطي رقماً معيناً، لكن أعطيك بعض التصورات المبنية عن المؤشرات التي صدرت من بعض الدول وهي تفيد بامكان الخفض أكثر من 66 في المئة او 70 في المئة من الرقم الاجمالي. وفي اعتقادي أن هذا لا يكفي، ولا بد أن ننزل الى أدنى من ذلك بكثير. والتعويضات؟ - التعويضات هذه قضية لا بد أن تبحث من جديد. ولا صعوبة هنا فقد تم الاقرار بموضوع التعويضات بقرار من مجلس الامن، وطبعاً حسب ما هو معروف فان قرار مجلس الامن رقم 1483 يلزم العراق دفع خمسة في المئة من عوائد النفط لصندوق التعويضات في جنيف. هذا أولاً مبلغ غير قليل، وثانياً إن خطورة هذا الأمر تبرز عندما تتم مراجعة حجم الطلبات التي تتجاوز 300 بليون دولار. وقد سدد جزء غير قليل بحدود نحو 19 بليون دولار من الأموال العراقية. وحسب سجلات صندوق التعويضات في جنيف، يبلغ الآن مستوى ما أقر للدفع زهاء 50 بليون دولار، وهذا أمر في غاية الخطورة بالنسبة إلى مستقبل اقتصاد العراق، وليس من العدل أن تستمر التعويضات بهذا الشكل، ولا بد من مراجعتها في اطار مجلس الأمن والأخذ في الاعتبار حاجات العراق للتنمية واعادة الاعمار. وأن نأخذ في الاعتبار الالتزامات الدولية الكثيرة لدعم عملية اعادة الاعمار. إذا كان الأمر يُدرس بهدف أن تقدم منح دولية لاعادة الاعمار، فلم لا يصار إلى اعادة النظر بموضوع التعويضات، على أساس انساني عادل، ويؤخذ في الاعتبار عامل سياسي مهم، وأن ما يرتبط بغزو الكويت سنة 1990 ليست للشعب العراقي مسؤولية عنه، بل كان هناك نظام لا يقيم وزناً للقواعد الدولية ولا يحترم الجيران ولا مصالح بلده ولا مصالح الشعوب العربية، فعند ذاك لا بد أن ينظر إلى هذه المسألة بمنظار سياسي واسع من دون الاخلال بمصالح الآخرين، لكن هناك حاجة حقيقية لإعادة النظر بموضوع التعويضات بما يضمن احترام وخدمة مصالح الشعب العراقي ومصالح الآخرين. في 23 الشهر المقبل يعقد مؤتمر للدول المانحة في الدوحة، ستشاركون فيه وسيكون له دور لتحديد مسار عمل المانحين الدوليين، ما سيفيدكم هذا المؤتمر؟ - هذا في الحقيقة اجتماع مهم، تقرر عقده في الاجتماع الأخير في أبوظبي. وستقدم الدول المانحة في هذا الاجتماع ردودها حول المشاريع المقدمة من الجانب العراقي والتي يتجاوز عددها 700 مشروع وهي تغطي كل القطاعات والوزارات العراقية. ونأمل بأن يجري التزام بعض المشاريع وأن تتعهد دول بالصرف على هذه المشاريع، وله أهمية خاصة بأن يترافق مع التقدم في العملية السياسية ولهذا الغرض بالذات جرى الاتفاق على هذا التأريخ لأن هذا الموعد سيعطي مؤشراً إلى كيفية تطور الأوضاع السياسية في البلد ويولد نوعاً من الثقة ونوعاً من الطمأنينة للمانحين الدوليين أنه بامكان نقل السلطة إلى الجانب العراقي، ومن ثم حضهم على اعطاء التزامات جديدة. وانا اعتقد أنه لا بد أن نحافظ على هذا الزخم وان نطوره وآمل بأنه في ذلك التاريخ ستكون هناك تطورات سياسية ايجابية تساعدنا على دفع عملية اعادة الاعمار وتفعيل الالتزامات الدولية. وماذا لو لم تستقر العملية السياسية في العراق؟ بكل تأكيد لا بد أن يجري العمل بشكل جدي لانجاز العملية السياسية لأنها شرط اساسي لكل البرامج الاخرى المنوي تنفيذها، وهذا ليس بالواقع رأي العراقيين وانما هذا هو رأي العالم الخارجي ايضاً. وليس هناك من شك ان مستقبل العملية الاقتصادية واعادة الاعمار مرتبطان ارتباطاً أساسياً بترسيخ النجاح والاستقرار، ولا يمكن الفصل بين الاثنين. لذا أنا أعتقد ان مركز الثقل في الجهود المقبلة يجب أن يقوم على العملية السياسية والاستفادة من الأممالمتحدة وتمكينها من أن تلعب دور الشريك الفعال بانجاز هذه المهمة الكبيرة. هل هناك تلكؤ فعلاً في دفع أو سداد الحصص التي تعهد بها المانحون؟ ليس هنالك ما يوحي بالتلكؤ، لكن هناك تحفظات واضحة، بعض المانحين يفضل أن يتعامل مع حكومة معترف بها دولياً وتخضع لأحكام القانون الدولي حتى يطمئنوا على مستقبل أموالهم، وعلى المُنح المقدمة للبلد. وهذا أيضاً ينطبق على الأممالمتحدة وعلى البنك الدولي وعلى صندوق النقد الدولي الذين لا تبيح لهم أنظمتهم الداخلية أن يلتزموا شيئاً ما لم يكن هناك جانب قانوني أو شرعي متوافر لهم. وهذه عقبة سنواجهها لمدة طويلة. لهذا يصبح العمل مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بانجاز العملية السياسية حتى نستطيع التعامل مع دول العالم الخارجي بطرق قانونية وضمانات حقيقية. وهذه مسألة بالحقيقة مهما تكلمنا عنها لا نستطيع أن نخرج عن التقاليد والاعتبارات التي تؤكد عليها الدول المانحة. اذا لم تبقَ في الحكومة الجديدة كوزير للتخطيط والتعاون الانمائي فهل ستبقى رئيساً للهيئة الاستراتيجية لاعادة الاعمار؟ لا أعتقد ذلك، لأن هذا الأمر بموجب القرار المتخذ هو ان يكون وزير التخطيط عضواً في هذه الهيئة، ومن ثم يجري انتخابه من قبل الهيئة نفسها.