أكاذيب وادعاءات قوى الهيمنة السياسية في لبنان لم تعد تنطلي على احد، لا على البسطاء والسذج ولا على غيرهم من المواطنين الأبرياء. فهم يجاهرون ويدّعون، ليلاً ونهاراً، احترام ارادة الشعب والاهالي والعائلات في خياراتهم الديموقراطية، ومنها الانتخابات البلدية. ويصرّون على ان دورهم حيادي بحت، ويقتصر على لمّ الشمل والمساعدة على الوفاق والوئام. ولكن ما يشعر به المواطن حقاً، وما يلمسه ويسمعه ويراه بأم العين، هو عكس ذلك تماماً. فهنالك، في الحقيقة والواقع، صفقات وبيع وشراء ما بين القوى السياسية النافذة والمتسلطة على ارادة الناس في المناطق اللبنانية. بمعنى آخر، هنالك مساومات ومقايضات سرية تحت الطاولة، وأخرى علنية، وعلى عينك يا تاجر، كما يقول المثل الشعبي. وذلك من اجل تقاسم الجبنة البلدية الشهية الدسمة. اي ضحك على الناس هذا؟ وأي التفاف هذا على ارادة وتطلعات الاهالي وعلى الحريات والديموقراطية المنكوبة بمحادل التحالف غير المقدس وغير البريء لقوى رأس المال الجشع وميليشيات الامر الواقع، ولقوى الطائفية والمذهبية والمناطقية؟ فبينما هم يدّعون ان الانتخابات البلدية ليست انتخابات نيابية وصراعات سياسية، بل هي كفاءات وخدمات وعمل وجهد وتفان وطني، يزجون بأنوفهم في كل صغيرة وكبيرة، وشاردة وواردة، ويعملون على بث الفتنة والتفرقة بين الاهالي، ولا يتورعون، في سبيل ذلك، عن استعمال كل ما لديهم من وسائل وأساليب دعائية، وامكانات مادية طائلة. فهم، خلافاً للقانون والدستور، يغدقون المال بقوة لشراء الذمم والرشوة، ويتعمدون اثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعائلية والمناطقية لتضليل الرأي العام، وتزييف الحقائق والوقائع. كل هذا النفاق والرياء والغش والاحتيال من اجل الهيمنة على البلد والبلديات، وفي سبيل احكام طوق الحرمان المتعدد الاشكال والظلم والاستبداد حول عنق الحرية والديموقراطية، اي عنق المواطن المستضعف، والمهدورة حقوقه في الوطن المحدول حدلاً. صور - د. قاسم اسطنبولي