قلما يمضي يوم دونما تتزين الصفحات الأولى للجرائد الفرنسية بإخبار العنف المتنامي في ضواحي المدن، حيث تقيم غالبية من المهاجرين العرب والسود. ويلاحظ أن الأطفال ممن هم في سن المراهقة هم الذين يثيرون هذه القلاقل، التي يستغلها اليمين الفرنسي المتطرف في حملاته التي تهدف الى "تنظيف" فرنسا من الأجانب ومشكلاتهم. وفي وقت سابق كان جنوح الأطفال متمثلاً في الاعتداءات العنيفة على الأشخاص والممتلكات والاتجار بالمخدرات. لكن الأسابيع الأخيرة كشفت انتشار ظاهرة جديدة، هي الاعتداءات الجنسية الجماعية التي تطاول "بنات الحي". وتدور أحداث هذه الجرائم في أبنية مهجورة، أو في الحدائق العامة التي تحيط ببعض الأحياء السكنية. والى الآن لم تتمكن الأجهزة الأمنية من تقديم إحصاءات دقيقة، ليس بسبب التقصير الذي تتحجج به بعض جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة، بل هو نتيجة حتمية لانتشار التكتم. إحجام الغالبية من الضحايا عن التبليغ، لدواعٍ كثيرة، أولها الخوف من رد الفعل السلبي من جانب المحيط العائلي. ومما زاد دهشة الباحثين في سوسيولوجيا جنوح الأحداث، أن هذه الاعتداءات الجنسية لا تلقى معارضة صريحة من جانب أولياء الشبان الذين تورطوا فيها. ففي جلسة علنية لمحاكمة مجموعة من الشباب اعتدوا معاً على فتاة، عمرها 14 سنة فقط، في مدينة نانتير غربي باريس، لم يتردد آباؤهم في تبرير جريمة الأبناء، بقولهم إن تلك الفتاة تكون وافقت على اغتصابها، وإنها معروفة بخروجها عن الطريق المستقيم، بحسب زعمهم أمام كاميرات التلفزيون، وبوجوه مكشوفة! وفي لقاء مع أسمهان، أوضحت أنها تعرضت للاغتصاب الجماعي بعد عودتها برفقة صديقها من سهرة راقصة، مضيفة أنها تشعر بالمرارة كلما تذكرت أن صديقها لم يبد أي معارضة، متهمة إياه بالاشتراك في تنظيم ما أسمته "الكمين". اسمهان تعيش منذ سنتين في مساكن جماعية معدة لاستقبال النساء اللواتي تعرضن لمثل هذه الاعتداءات، وكشفت ان لا علاقة لها مع عائلتها، باستثناء شقيقتها التي تزورها سراً، خوفاً من تهديدات الوالدين بطردها من البيت، في حال اكتشفا اتصالاتها بأسمهان. وتسعى الغالبية من بنات المهاجرين الى الهروب من الأحياء التي تربت بها، للإقامة في باريس، بعيداً من نظرات الاتهام، وبحثاً عن حماية إزاء جرائم الشرف التي ورّدها المهاجرون من بلدانهم الأصلية. وبحسب اسمهان فإن هذه الجرائم ترتكب في أحيان كثيرة، بعد تخدير الضحية، أو تهديدها بفضح علاقاتها الجنسية، بإرسال الصور إلى أفراد عائلتها. ودعت اسمهان الى تنظيم حملات توعية في المدارس كي لا تقع المراهقات تحت رحمة هذه المقايضة الرخيصة، برأيها. وآخر ما كشفت عنه تقارير أمنية، ان بعض الشبان ، يقومون بعرض صديقاتهم، كسلعة مقايضة، للحصول على كمية من الحشيش أو الحبوب المخدرة، أو حذاء أخر موضة.