رأى خبراء أن وسائل الإعلام الأميركية بدأت تظهر شكوكاً في تغطيتها للحرب في العراق، كما يبدي الصحافيون استعداداً أقل لقبول تصريحات ادارة الرئيس جورج بوش على عواهنها. ووجهت انتقادات الى وسائل الاعلام من الناشطين المعارضين للحرب منذ سنة، عندما غزا بوش العراق، بسبب فشلها في توجيه أسئلة صعبة وتراجعها الى خطاب الوطنية العمياء. ويقول خبراء إن اللهجة تغيّرت بعد شهر تزايد خلاله عدد القتلى والجرحى، والمعلومات الجديدة التي كشفتها كتب لمسؤولين سابقين في الحكومة والصحافي بوب وودوارد حول الطريقة التي قرر بها بوش خوض الحرب. مايك ماكوري الذي شغل منصب الناطق باسم البيت الأبيض خلال عهد الرئيس بيل كلينتون، قال: "انها ليست عامة لكن هناك احساساً جماعياً بأن الصحافة تشعر بارتياح اكبر عندما تنتقد اداء بوش كقائد، وكانت عازفة عن ذلك لفترة طويلة بعد هجمات 11 أيلول سبتمبر". وفجرت هذه الهجمات براكين غضب والتف الأميركيون حول الرئيس. لكن سقوط العراق في فوضى وإراقة الدماء والفشل في العثور على أسلحة الدمار الشامل التي ساقها بوش كذريعة رئيسية للحرب، أحدث تحولاً في التغطية الصحافية. وحتى الثلثاء خسرت القوات الأميركية مئة جندي في القتال منذ بداية هذا الشهر، ما يجعله أسوأ الشهور منذ بدء الحرب. وفي مؤتمره الصحافي الاسبوع الماضي، سُئل بوش عن أخطاء ارتكبها وهل هناك خطأ في الاتصال بالنسبة إليه أو ساق بلاده إلى الحرب بناء على سلسلة من الافتراضات الكاذبة، أو كان عليه ان يعتذر عن هجمات 11 ايلول. كذلك واجه وزير الدفاع دونالد رامسفيلد أسئلة أكثر حدة في المؤتمرات الصحافية الأخيرة، عما واجهه خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقال الاستشاري الجمهوري كيث أبل، وهو أحد أشد مؤيدي بوش، إن تركيز وسائل الاعلام على الجانب السلبي طبيعي عندما تبدو الأمور كما لو أنها تسير في منحى سيئ. وأضاف: "هناك الكثير من الأمور الحسنة التي تحدث في العراق، لكن أكثر الاشياء الحاحاً يبدو سلبياً. والتقدم يستغرق وقتاً ولن يحدث بالسرعة الكافية لارضاء الشبكات" الاخبارية. واعتبر أبل أن هناك "مؤشرات الى ان الصحافة تتخذ لهجة من يقول: لم نعد نصدق أي شيء تقولونه لنا، ربما لم نصل بعد الى ذلك، لكننا نقترب منه". قبل 30 سنة كان ظهور هذا النوع من الفجوة في الصدقية عاملاً أساسياً في تآكل الدعم الشعبي لحرب فيتنام. آنذاك ظلت الحكومة تصر على ان الحرب يمكن الفوز بها، لكن وسائل الاعلام توقفت عن تصديق ذلك. والاتجاه الجديد يعكسه استعداد بعض وسائل الاعلام لنشر مزيد من الصور المؤلمة. ونشرت صحيفة "سياتل تايمز" صورة لصف من النعوش الملفوفة بالأعلام لجنود أميركيين، داخل طائرة شحن عملاقة. والتقط الصورة أميركي يعمل في مطار الكويت، ومنعت ادارة بوش كاميرات التلفزيون من تغطية وصول رفات الجنود القتلى الذين تنقل جثثهم الى قاعدة دوفر الجوية في ديلاوير. وأشار رالف بيغليتر، استاذ الصحافة في جامعة ديلاوير، إلى أن وسائل الإعلام الأميركية تميل الى وضع مزيد من الضغوط عندما تتخذ الأمور منحى سيئاً بالنسبة إلى الرئيس. وقال الاستشاري الديموقراطي مايكل غولدمان ان رد فعل الصحافيين على الاحداث يتزايد، و"لا أحد يشعر بأن من الضروري ان يحمل وجهة نظر الادارة، سوى وسائل الاعلام المحافظة العنيدة". وخلص إلى أن إدارة بوش "أكثر رئاسة محكمة القبضة في التاريخ في ما يتعلق بالحفاظ على أسرارها، والاصرار على رسالتها، والتحايل على الرأي العام. لكن هذه السفينة بدأت تتسرب اليها المياه في صورة خطيرة".