جاء استخدام روسيا حق النقض ضد مشروع قرار في مجلس الامن رعته بريطانيا والولايات المتحدة يحض القبارصة اليونانيين والاتراك على مساندة خطة لتوحيد جزيرتهم استفتاء يجرى غداً، ليوجه ضربة الى مؤيدي هذه الخطة. اذ تعارض روسيا الحليف التقليدي لليونان اتخاذ المجلس اي اجراء عشية الاستفتاء وتعتبر ذلك محاولة للتأثير في رأي القبارصة، ليلتقي موقف موسكو في شكل غير مباشر مع موقف الرئيس القبرصي تاسوس بابادوبولوس المعارض العنيد لخطة الاستفتاء، على رغم التأكيد الروسي بأن الاعتراض يرتدي "طابعا تقنيا اكثر منه سياسيا" وان موسكو "ستكون مستعدة لاعادة النظر في مشروع القرار ودعمه اذا اقرت خطة الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان. يتوجه القبارصة اليونانيون والاتراك غداً الى صناديق الاقتراع لتحديد مصير خطة الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان وبالتالي مصير جزيرتهم التي مضى على تقسيمها ثلاثين عاماً. وبعد اكثر من سنة على تقديم خطة الاممالمتحدة واثر محادثات مكثفة بين قبرصونيويوركوسويسرا قدم موفد الاممالمتحدة الى قبرص الفارو دي سوتو الصيغة الخامسة والنهائية لهذه الخطة، على ان تعرض على سكان الجزيرة في استفتاءين منفصلين في 24 الشهر الجاري للموافقة او الرفض. واذا كانت ال"نعم" مرجحة جداً في الشمال حيث القبارصة الاتراك، فان ال"لا" في المقابل تبدو قوية في الجنوب حيث القبارصة اليونان. ويكفي ان يرفض طرف واحد الخطة في الاستفتاء لتصبح ملغاة بالكامل، وكأنها لم تكن كما اكدت الاممالمتحدة وحذرت مراراً. وبعدما وضعت خطة انان في صيغتها النهائية تمهيداً لعرضها على الاستفتاء انتقل التجاذب الى قلب كل من المجموعتين القبرصيتين بين انصار الخطة ومعارضيها. واللافت ان الرئيس القبرصي تاسوس بابادوبولوس الذي قاد المفاوضات دعا مواطنيه الى التصويت ب"لا" على الخطة، ليلتقي بذلك مع زعيم المجموعة القبرصية التركية رؤوف دنكطاش الذي اصر على رفض الخطة بالكامل منذ البداية. فيما تفاوتت ردود الفعل لدى الاحزاب الاخرى في كل من قطاعي الجزيرة مع الاشارة الى ان استطلاعات الرأي تكشف التوجه نحو "نعم" في الشمال ونحو "لا" في الجنوب ما لم يحصل تطور اساسي في المواقف يقلب الاوراق ويدفع في اتجاه الموافقة على هذه الخطة في الجنوب. ومما لا شك فيه ان عوامل خارجية عدة دفعت الى تسريع وتيرة الاتصالات لحل المسألة القبرصية: من موافقة الاتحاد الاوروبي على قبول عضوية قبرص بدءاً من مطلع ايار مايو المقبل مع تفضيل انضمام الجزيرة موحدة اليه، الى انتهاج تركيا سياسة جديدة ازاء قبرص مع تسلم رجب طيب اردوغان رئاسة الحكومة فيها، الى تحسن العلاقات بين تركيا واليونان وموافقة اثينا على دعم الترشيح التركي الى الاتحاد الاوروبي، تضافرت الظروف وباتت مواتية امام كوفي انان لطرح حل ينهي هذه المسألة المزمنة. فالاممالمتحدة تريد ان تطوي ملفاً يقبع في ادراجها منذ نحو اربعين عاماً، واردوغان يبحث عن شهادة حسن سلوك في قبرص يقدمها الى الاوروبيين لتسهيل انضمام بلاده الى الاتحاد الاوروبي. واذا اضفنا الى كل ذلك رغبة اميركية بالتوصل الى حل باتت الطريق معبدة امام الحل. بدايات الحل في كانون الثاني يناير 2002 وضع انان حداً لمفاوضات عقيمة وغير مباشرة بين الطرفين ودعاهما الى مفاوضات مباشرة في الجزيرة وصلت وتيرتها الى ثلاثة اجتماعات اسبوعية وامتدت حتى نهاية الصيف من السنة نفسها تحت اشراف موفده الخاص الى قبرص الفارو دي سوتو من دون ان تتوصل الى نتيجة ملموسة. وفيما كانت تركيا منشغلة بانتخابات تشريعية ودنكطاش في المستشفى يعاني من ازمة قلبية اطلق انان خطته لحل مشكلة الجزيرة والتي باتت تعرف ب"خطة انان" لتكون وثيقة بين ايدي المتفاوضين بدلاً من العودة في كل مرة الى النقطة الصفر. وهكذا اطلقت الصيغة الاولى من وثيقة انان في تشرين الاول اكتوبر 2002 لنصل الى الصيغة الخامسة الاخيرة في 31 اذار مارس الماضي التي ستعرض على الاستفتاء في غداً. وبين هذين التاريخين تعثرت المفاوضات مراراً وكان لا بد لموفد الاممالمتحدة من ان يستخدم كل حنكته لتقريب وجهات النظر بين الطرفين والاستعانة بأنان عندما تدعو الحاجة. في مطلع العام 2003 استؤنفت المفاوضات في نيقوسيا على اساس خطة انان، الا ان الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الشطر اليوناني من الجزيرة في السادس عشر من شباط فبراير من العام نفسه اطاحت بالرئيس غلافكوس كليريديس عراب المفاوضات عن الجانب القبرصي اليوناني والسياسي العريق المحنك الذي يعرف خصمه اللدود دنكطاش منذ اكثر من اربعين عاماً. وانتخب خلفاً له تاسوس بابادوبولوس الذي شدد في حملته الانتخابية على ما سماها تنازلات يعتبر ان كليريديس كان يقدمها الى الطرف الاخر خلال المفاوضات. ومع ان المفاوضات استؤنفت بين دنكطاش وبابادوبولوس فان فشلها اعلن في اذار 2003 وحملت الاممالمتحدة الطرف القبرصي التركي وخصوصاً دنكطاش مسؤولية الفشل لانه لم يوفر اي مناسبة الا واستغلها لمهاجمة مجمل خطة انان في وقت اعلن بابادوبولوس موافقته عليها مع طلب ادخال تعديلات لتحسينها. اجتماع نيويورك الحاسم وشهد القسم الثاني من العام 2003 تطورين مهمين: الاول تمثل في اطلاق مبادرات حسن نية من الطرفين عبر فتح الابواب المغلقة بين شطري الجزيرة فتدفق السكان في الاتجاهين لزيارة مناطق كانت محرمة عليهم منذ نحو 30 عاماً، والثاني في انتخابات تشريعية في القسم الشمالي من الجزيرة شهدت منافسة شديدة بين دنكطاش واخصامه من القبارصة الاتراك المؤيدين لخطة انان. وانتهت هذه الانتخابات بالتعادل بين الطرفين وتشكلت حكومة برئاسة محمد علي طلعت المعارض لدنكطاش ولكن بمشاركة سردار دنكطاش ابن رؤوف دنكطاش فيها. في مطلع العام 2004 وبعد تكثف الضغوط الاميركية والاوروبية على طرفي النزاع للتوصل الى حل وبعدما اعلن الاتحاد الاوروبي في تشرين الثاني نوفمبر 2003 ان عدم التوصل الى حل لجزيرة قبرص "يمكن ان يشكل عقبة اساسية امام انضمام تركيا" الى الاتحاد الاوروبي، ما يعني زيادة الضغوط التركية على الطرف القبرصي التركي خصوصاً على دنكطاش للمضي قدماً في الحل، جمع انان طرفي النزاع في نيويورك في 131 شباط 2004 واطلق جدولاً زمنياً محدداً ومحكماً لا يمكن الا ان يصل الى استفتاء الرابع والعشرين الجاري. فقد وافق الطرفان خطياً امام انان على ان تعقد مفاوضات بين الطرفين في نيقوسيا تحت اشراف الاممالمتحدة وفي حضور خبراء من الاتحاد الاوروبي لمدة شهر بين 19 شباط و19 اذار. وفي حال لم يتوصل الطرفان الى صيغة موحدة لخطة انان تتوسع المفاوضات لتشمل ايضاً الطرفين التركي واليوناني لمدة عشرة ايام اي حتى 29 اذار. واذا فشل الاطراف الاربعة مع ذلك في التوصل الى اتفاق يكلف انان بالفصل في نقاط الخلاف ويقدم صيغة اخيرة لخطته تعرض على استفتاءين في المنطقتين حتى ولو كان الطرفان غير موافقين عليها. وهذا ما حصل، اذ انتقلت المفاوضات بعد 19 اذار الى سويسرا بعد فشلها في التوصل الى حل في نيقوسيا، لينضم اليها اضافة الى بابادوبولوس ومحمد علي طلعت بعد رفض دنكطاش التوجه الى سويسرا، كل من رئيسي الحكومتين التركية اردوغان واليونانية كوستاس كارامنليس. وفي 31 اذار اعلن انان الصيغة الخامسة الاخيرة من الخطة بعدما فشل المفاوضون في الاتفاق على تسوية في شأنها. فانتهت بذلك مرحلة المفاوضات وبدأت مرحلة التجاذب داخل كل فئة بين الموافقة او عدم الموافقة على هذه الخطة. اردوغان مع الخطة وفور انتهاء محادثات سويسرا بدأت المواقف الجديدة بالظهور، وبدا واضحاً ان اردوغان هو الفائز الاول في هذه المعركة الديبلوماسية التي تتداخل وتتعارض فيها المصالح بين مختلف الاطراف. اذ اعلن قبل ان يغادر سويسرا انه يؤيد خطة انان وابلغ لاحقاً الاممالمتحدة بذلك، وذهب رئيس البرلمان التركي بولند ارينج الى حد الكلام عن "انتصار ديبلوماسي كبير حققته الحكومة التركية". وفي المقابل ابدى رئيس الحكومة اليوناني كوستاس كارامنليس بعض التحفظ في سويسرا عندما اعلن ان القرار النهائي يعود الى الشعب القبرصي. الا انه عاد بعد ايام واعلن من اثينا ان حكومته تدعم الخطة لكي لا تغرد خارج سرب الاتحاد الاوروبي الذي يريد هذا الحل بأي ثمن لكي لا يكون مجبراً على ضم قبرص مقسمة اليه في الاول من ايار. وفي الثامن من الشهر الجاري فجر الرئيس القبرصي اليوناني تاسوس بابادوبولوس قنبلته عندما وجه رسالة الى الشعب دعاه فيها الى التعبير ب"لا عالية" عن معارضته لخطة انان متهماً تركيا بتقديم مطالب عرقلت التوصل الى حل في سويسرا ومعتبراً ان "الموافقة على الحل ستكون اشد وطأة من رفضه". واذا كانت معارضة دنكطاش للخطة متوقعة فان هذا الموقف المتشدد للرئيس اليوناني فاجأ الاممالمتحدة والاوروبيين على حد سواء وبدأت الاتصالات ان لم يكن الضغوطات على القبارصة اليونانيين لاقناعهم بالحل خصوصاً ان استطلاعات الرأي اعطت في حينه رافضي الخطة نحو 70 في المئة في مقابل حفنة قليلة من الموافقين عليها ونحو 20 في المئة من المترددين. عزل دنكطاش وفي القسم الشمالي نشط رئيس الحكومة محمد علي طلعت رئيس الحزب الجمهوري داعياً علناً الى دعم الخطة في وجه دنكطاش مستفيداً من تجاوب السكان القبارصة الاتراك مع الحل حيث تؤكد استطلاعات الرأي موافقتهم بأكثر من 60 في المئة عليه. وبعد نحو 30 سنة من العزلة وغياب اي اعتراف دولي ب"جمهورية شمال قبرص التركية" التي اعلنها دنكطاش من جانب واحد عام 1983 باستثناء الاعتراف التركي، يجد القبارصة الاتراك الفرصة سانحة لهم لتنفتح امامهم ابواب اوروبا، لذلك تخلى القسم الاكبر منهم عن دعم دنكطاش ونزلوا في تظاهرات دعم لخطة انان وللتنديد بمواقف زعيمهم التاريخي المتشدد الذي لم يجد حرجاً في وصف الخطة بأقسى النعوت. وخرج الخلاف الى العلن بين دنكطاش واردوغان. فتوجه الأول الى انقرة للمشاركة في اجتماع للبرلمان التركي خصص لمناقشة المسألة القبرصة وشن هناك حملة شعواء على خطة انان في غياب اردوغان الذي فضل عدم المشاركة في الجلسة خلال القاء دنكطاش كلمته. وابدى اردوغان امتعاضاً شديداً من دنكطاش عندما ألقى الاخير كلمة حماسية في انقرة امام نحو ألف من المتشددين القوميين الاتراك اتهم فيها الحكومة التركية ب"بيع قبرص" لليونانيين في مقابل وعد بضم تركيا الى الاتحاد الاوروبي. وطلب اردوغان من دنكطاش عدم الادلاء بهذا النوع من التصريحات في تركيا والعودة الى قبرص. ويستطيع اردوغان الاعتماد على الحزب الجمهوري القبرصي التركي برئاسة رئيس الحكومة في القطاع الشمالي محمد علي طلعت وعلى حركة السلام والديموقراطية القبرصية التركية برئاسة مصطفى اكينجي اضافة الى تعطش السكان القبارصة الاتراك للانضمام الى اوروبا للتأكد من ان نتيجة الاستفتاء في القسم الشمالي من قبرص ستكون "نعم" قوية على رغم كل ما يقوله رؤوف دنكطاش. حتى ان سردار ابن رؤوف دنكطاش الذي يتزعم الحزب الديموقراطي في قبرص التركية ويتسلم وزارة الخارجية في هذا القطاع فضل عدم مواجهة المد الشعبي المؤيد لخطة انان وقال انه يترك الخيار لمؤيديه في الاستفتاء مخالفاً بذلك ما يقوله والده. وعلى الجانب القبرصي اليوناني تبدو الامور اشد تعقيداً واكثر غموضاً. ولم يشمل الانقسام المشهد الحزبي في هذا القسم من الجزيرة بل امتد الى داخل كل حزب. اول الرافضين للخطة هو الحزب الديموقراطي، حزب الرئيس بابادوبولوس المتحالف في اطار ائتلاف حكومي مع الحزب الاشتراكي المعارض ايضاً للخطة، ومع حزب اكيل الشيوعي القوي. وبالنسبة الى حزب الرئيس بابادوبولوس هناك اجماع داخل قيادته على رفض الخطة، فيما ظهر داخل الحزب الاشتراكي الذي يعتبر فاسوس ليساريديس زعيمه التاريخي والفخري، بعض الانشقاق اذ استقال عضو الحزب تاكيس حاجي ديميتريو من منصبه كمنسق انضمام قبرص الى الاتحاد الاوروبي وانضم الى صفوف الداعين الى ال"نعم". الا ان الاكثرية داخل الحزب الاشتراكي تبقى متمسكة برفض الخطة. ويبقى مصير ال"نعم" او ال"لا" على خطة انان رهناً بموقف حزب اكيل. اذ اجتمع المكتب السياسي لهذا الحزب بعد انتهاء محادثات سويسرا وصوّت الى جانب دعم الخطة. الا ان امينه العام ديميتريس كريستوفياس فوجئ لدى عقد المؤتمر العام للحزب لاتخاذ موقف من الخطة بأن قاعدته الحزبية رافضة لها. وتجنباً لاتخاذ موقف نهائي رافض وافق اعضاء المؤتمر على طلب ارجاء موعد الاستفتاء، وفي حال لم يتم هذا الامر فان الحزب سيدعو الى التصويت ضد الخطة وهو يملك تأييد 35 في المئة من القبارصة. وبعدما رفض الجانبان التركي والقبرصي التركي الارجاء وبعدما اعتبرت واشنطن ان الارجاء لن يحل المشكلة عاد كريستوفياس وطالب بأن يصدر قرار عن مجلس الامن يضمن تنفيذ الاتفاق في حال الموافقة عليه ليتخذ طابعاً دولياً بدلاً من ان يكون اتفاقاً ثنائياً بتغطية تركية ويونانية فقط. نعم عالية لكليريديس وبالنسبة الى مؤيدي الخطة يأتي حزب التجمع الديموقراطي المعارض الذي اسسه الرئيس السابق غلافكوس كليريديس في الطليعة. فهو يعتبر الحزب الثاني في قبرص اليونانية بعد حزب اكيل ويقدر عدد مؤيديه بنحو 30 في المئة. ويبدو الصراع حاداً اليوم بين كليريديس وبابادوبولوس الذي توجه الى الشعب قائلاً :"انا آسف لان اقول لكم انني لن استطيع التوقيع على خطة انان"، معتبراً انها "لا تترجم تطلعات القبارصة بل تلبي تماماً محاولات تركيا للسيطرة على قبرص". وفي المقابل توجه كليريديس الى القبارصة قائلاً: "بلغت الخامسة والثمانين من العمر وافضل ان اموت قبل ان ارى قبرص ارض اجدادنا مقسمة"، مضيفاً بصوت مؤثر وهو يحبس دموعه: "ان بلادنا على مفترق طرق. القول نعم يعني انقاذ بلادنا ومد اليد الى القبارصة الاتراك والغاء الحدود والحواجز في اطار اوروبا موحدة. اما لا فستعني الدخول في فترة طويلة من العزلة الدولية، مرحلة من اللاستقرار والمخاطر على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية". ودعا كليريديس القبارصة "الى امساك مستقبلهم بيدهم" ورفض ال"لا السهلة التي ستؤدي الى الدمار" واختيار ال"نعم الصعبة ولكن الشجاعة التي هي ضرورة تاريخية لاعادة توحيد بلادنا وانقاذها من الاحتلال التركي". وارتفع مؤيدو خطة انان بعد قرار حزب كليريديس تأييدها. الا ان هذا الحزب لم ينج من الانشقاقات. وفي وقت كان انصار الخطة يلتقون في ساحة الحرية في نيقوسيا مساء الاربعاء الماضي، كانت مجموعة من اعضاء الحزب برئاسة ياناكيس ماتسيس تجتمع في مكان آخر من العاصمة داعية الى رفض الخطة. وانضم الى مؤيدي الخطة الرئيس السابق جورج فاسيليو الذي يتزعم حزباً صغيراً لا تتجاوز نسبة مؤيديه 2 في المئة. وتؤكد كل المصادر ان الموافقة على خطة انان لن تكون ممكنة في القسم الجنوبي من الجزيرة ما لم يعلن حزب اكيل الشيوعي في شكل واضح موافقته عليها. وبات رئيس هذا الحزب كريستوفياس قبلة انظار كل القادة الدوليين وتلقى اتصالات عدة من وزير الخارجية الاميركي كولن باول يحثه على تأييد الخطة، فطلب زعيم حزب اكيل ان يصدر قرار عن مجلس الامن استناداً الى البندين السادس او السابع لضمان تنفيذ خطة انان في حال حصول اي عرقلة لدى بدء تنفيذها. اذ يصر معارضو الخطة على ان القبارصة اليونانيين لن يحصلوا على مكاسب في اطار هذه الخطة الا بعد مرور فترة طويلة على البدء بتنفيذها، فيما يبدأ الاتراك والقبارصة الاتراك بالاستفادة من المكاسب الخاصة بهم فور التوقيع على الخطة وبدء تنفيذها. وهم يخشون حصول عرقلة من قبل الاتراك توقف تنفيذ الخطة بعد فترة من اطلاقها اي قبل ان يكون بدأ تنفيذ البنود التي ستعطي القبارصة اليونان المكاسب الموعودين بها. وينص البند السادس من شرعة الاممالمتحدة على تدخل مجلس الامن في شكل تفاوضي لحل اي اشكال في اطار الاتفاق، فيما يتيح البند السابع فرض عقوبات او استخدام القوة بحق الطرف الذي يرفض تنفيذ الاتفاق وهو البند الذي استخدم لشن حرب العراق عام 1991 بعد احتلاله الكويت. وكان من المقرر ان يصادق مجلس الامن على خطة انان في 29 من الشهر الجاري اي بعد صدور نتيجة الاستفتاء. لكن انان عاد وطلب ان يتم التصويت على الخطة قبل ذلك لطمأنة القبارصة اليونانيين في شكل خاص ودفعهم الى تأييد الخطة. الا ان هذه المحاولة فشلت مساء الاربعاء عندما استخدمت روسيا حق النقض على قرار يدعو الى تعزيز صلاحيات قوة الاممالمتحدة المنتشرة في قبرص لتكون قادرة بشكل افضل على مراقبة تنفيذ الاتفاق، وهو الامر الذي قد يدعم مؤيدي ال"نعم" في القسم الجنوبي من قبرص. لكن روسيا استخدمت حق النقض معتبرة ان تعزيز قوة الاممالمتحدة يحتاج الى مزيد من الدرس وان هذا القرار ليس سوى محاولة للتدخل في الشؤون القبرصية. وتحول هذا الموضوع الى تبادل تهم بين الاطراف في القطاع القبرصي اليوناني. واتهمت المعارضة الرئيس بابادوبولوس الرافض لخطة انان بأنه ارسل وزير خارجيته جورج ياكوفو الموجود حاليا في موسكو لاقناع روسيا باستخدام حق الفيتو وابقاء ال"نعم" بعيدة. الا ان ياكوفو نفى هذه التهم واكد ان زيارته كانت مقررة سابقا وارجئت مرتين لاسباب تتعلق بروسيا قبل ان تحصل اخيرا لتتزامن مع قرار مجلس الامن الاخير. واعلن كريستوفياس الامين العام حزب اكيل الشيوعي امس ان قراره لا يزال يدعو الى التصويت ب"لا" في حال عدم ارجاء الاستفتاء مؤكدا في الوقت نفسه انه ليس ضد الخطة من حيث المبدأ. تركيا الرابحة اخيراً يبدو ان الرابح الوحيد في كل الاحتمالات هو تركيا اردوغان. ففي حال تمت الموافقة على الخطة في امكان زعيم حزب العدالة والتنمية ان يؤكد ان الفضل يعود اليه في عزل دنكطاش وضمان ال"نعم" في القسم الشمالي، وسيطالب في المقابل مساعدة بلاده لبدء مفاوضات الانضمام الى الاتحاد الاوروبي في كانون الاول ديسمبر المقبل. وفي حال لم يوافق القبارصة اليونانيون على الخطة في الاستفتاء فان اردوغان سيعتبر ان تركيا قامت بواجبها ولا يمكن بالتالي معاقبة القبارصة الاتراك وابقاء الحظر المفروض عليهم بعد ان يكونوا تجاوبوا مع النداءات الدولية، في وقت يكافأ القبارصة اليونانيون ويدخلون وحدهم الاتحاد الاوروبي من دون القبارصة الاتراك في الاول من ايار. ووسط هذه المعمعة والتخبط خصوصاً في القسم القبرصي اليوناني يبقى شيء واحد يتفق عليه الجميع: ان عدم التصويت على الحل غداً يعني ارجاءه الى مرحلة لن تكون قريبة على الاطلاق.