لمس رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري من الرئيسين الفرنسي جاك شيراك والمصري حسني مبارك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر ووزير خارجيته يوشكا فيشر، اعتقادهم بأن الرئيس الأميركي جورج بوش دخل في مرحلة الانتخابات الرئاسية وان "مواقفه الداعمة لخطط رئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون تندرج في حساباته الانتخابية ومن شأنها ان تتطيح فرص السلام في المنطقة". ونقل الحريري عنهم قلقهم من الوضع في منطقة الشرق الاوسط وبخاصة في الاراضي الفلسطينيةوالعراق. وقال الحريري الذي التقى أمس مبارك في باريس وشرودر في برلين، بعد ان كان التقى شيراك أول من أمس، ان الظروف الحالية تحتم انعقاد القمة العربية. أجرى رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري محادثات في باريس مع الرئيس المصري حسني مبارك ثم انتقل الى برلين حيث اجرى محادثات مع المستشار الالماني غيرهارد شرودر تركزت على أوضاع المنطقة. ودعا شرودر والحريري بعد بحثهما الوضع المتأزم في الشرق الأوسط الى العودة الى "خريطة الطريق" وقرارات الأممالمتحدة وإيجاد حل سياسي للأزمة في العراق على قاعدة اقتراحات مفوض الأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الابراهيمي. وأكد شرودر ان بلاده تواصل وساطتها بين اسرائيل و"حزب الله" لتبادل المجموعة الثانية من الأسرى. وعن خطة الانسحاب الجزئية التي قدمها رئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون وحظيت على دعم كامل من الرئيس الأميركي جورج بوش، قال شرودر انه متوافق مع الرئيس الحريري على ان اي انسحاب من الأراضي المحتلة ايجابي ومرحب به، لكن شرط ان يكون من ضمن "خريطة الطريق" التي اقرتها "الرباعية الدولية" ووافق عليها طرفا النزاع. وأضاف ان المسألة "تتعلق بكيفية تنفيذ الانسحاب ويتوجب هنا إشراك الفلسطينيين كما تنص على ذلك خريطة الطريق، ولهم الحق في ذلك". وأكد ضرورة التفاوض بين طرفي النزاع المعنيين بالحل النهائي، و"استباق ذلك امر غير مقبول ولا بد من العودة الى خريطة الطريق". وأعرب شرودر عن قلقه من تصاعد العنف في العراق، مشيراً الى ان السبب في عدم وجود حل سياسي. وأمل ب"ان تحقق مهمة الابراهيمي النجاح وأن يتم تسليم السلطة في العراق الى العراقيين في الموعد المحدد على ان تلعب الأممالمتحدة في الوقت نفسه دوراً اكبر مما كان سابقاً". وعن شكل الحل المطلوب ذكر شرودر بأن "لا توجد نماذج محددة، وان نموذج تقسيم السلطة في لبنان لا يمكن ان يعتمد بكامله، لكنه يمكن ان يشكل عاملاً مساعداً على ايجاد حل". ورفض شرودر من ناحية ثانية اعطاء اي معلومات عن الوساطة التي تجريها بلاده لاطلاق المجموعة الثانية من الأسرى بين اسرائيل و"حزب الله"، لكنه اكد ان المانيا "تريد مواصلة دور الوساطة، وهذا لن يكون ممكناً اذا تحدثنا عنه". وقال الحريري ان البحث مع شرودر تركز على التجربة اللبنانية قبل الحرب الأهلية، مشيراً الى ان الابراهيمي الذي يمثل الآن الأممالمتحدة في العراق كان يمثل الجامعة العربية إبان الحرب الأهلية في لبنان. وطالب ب"العودة الى قرارات الأممالمتحدة ومبدأ "الأرض مقابل السلام" وبانسحاب اسرائيل من الأراضي المحتلة على ان تقام دولة فلسطين في اسرع وقت ممكن". وعن امكان ان يؤدي الحل الانفرادي الذي تسعى اليه اسرائيل الى توطين الفلسطينيين في لبنان، أشار الحريري الى "وجود توافق بين كل القيادات اللبنانية على رفض التوطين". ودعا الحريري كل الاطراف وخصوصاً الولاياتالمتحدة الاميركية الى "اعادة ترتيب الأمور والحد من اللجوء الى القوة في المنطقة". والتقى الحريري لدى وصوله الى برلين وزير الخارجية يوشكا فيشر وأجرى معه محادثات تركزت على العلاقات الثنائية والوضع في المنطقة. وكان الحريري بحث مع مبارك الذي يقوم بزيارة رسمية إلى فرنسا، في تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية والاتصالات الجارية لعقد قمة عربية. وأوضح الحريري بعد اللقاء ان البحث تطرق الى الأوضاع الفسلطينية وبخاصة بعد اغتيال الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي وانعكاس الأمن على الوضع العربي العام والقمة المرتقبة. وقال الحريري: "من الواضح أن الجميع يشعر بخطورة الوضع في المنطقة. الآن أصبح موضوع العراق والأراضي الفلسطينيةالمحتلة والتصرفات الإسرائيلية مترابطة. وهذا يضع أمام القمة العربية تحديات كُبرى". واعتبر ان على "القادة العرب أن يتشاوروا في هذا الأمر في شكلٍ مكّثف، لأن الأمور تصل إلى حدود خطيرة جداً". وعما يطلب العرب من فرنسا قال: "الموقف الفرنسي كما فهمته خلال اجتماعي بالرئيس شيراك واضح، ويقول نحن نتفهم المخاوف العربية ونتفهم المخاطر والتحديات، أحسموا أمركم وقرروا ماذا تريدون، ونحن سنقف بجانبكم. وفي الحقيقة فأن الموقف الفرنسي ممتاز جداً ولكنهم يقولون قرروا ماذا تريدون ونحن نساندكم". وعن توجه قادة عرب الى فرنسا لا الى اميركا قال: "هناك بعض المسؤولين في الدول العربية زاروا واشنطن، ولكن واشنطن في المرحلة الحالية لها وضعيتها في العراق من جهة، والمرحلة الانتخابية التي تمر بها لها تأثير أيضاً في السياسة الخارجية من دون أدنى شك". ورأى "ان لا سبب لعدم عقد القمة. فإذا لم تعقد في هذا الظرف، ففي أي ظروف ستعقد إذاً؟ وإذا عارضها أحد فسيكون ذلك أمراً غريباً".