يمثل مصير مؤسسة"الخطوط الجوية الكويتية"ما يمكن وصفه بأنه"قنبلة موقوتة"امام الحكومة التي تسعى لفتح الاجواء ومنح تراخيص لتأسيس شركات طيران جديدة، ما قد يودي بالمؤسسة المثقلة بديون تُقدر بنحو 1.8 بليون دولار وبأكثر من الفي موظف كويتي فائض عن الحاجة. اتخذ مجلس الوزراء الكويتي اخيراً مجموعة قرارات تصب كلها في خانة تشجيع حركة الطيران من الكويت واليها في ضوء المستجدات الاقليمية المتمثلة أساساً بسقوط نظام صدام حسين في العراق، وزيادة الطلب على السفر الى الكويت بفعل سببين رئيسيين: 1 - إقرار قانون الاستثمار الأجنبي الذي حفّز عدداً من الشركات ورجال الأعمال للحضور الى الكويت لاستطلاع الفرص المتاحة. 2 - كثافة قدوم رجال الأعمال الأميركيين والبريطانيين وغيرهم من دول"التحالف"الى الكويت بغرض التمركز فيها والاطلالة منها على العراق وورشة الاعمار التي حصدت معظم عقودها شركات دول التحالف المتواجدة قواته في العراق. والى هذين السببين يُضاف انتعاش الحركة الاقتصادية عموماً في الكويت بعد سقوط صدام ما أدى الى زيادة الطلب على اليد العاملة الأجنبية بمعدل 10 في المئة. والقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء لتحرير حركة الطيران والسفر من الكويت واليها تُوجز بالآتي: 1 اطلاق عجلة تخصيص"الخطوط الجوية الكويتية". 2 السماح بتأسيس 3 شركات طيران جديدة، واحدة تجارية وثانية اقتصادية ايزي جت وثالثة للشحن. 3 - منح نحو 34 جنسية معظمها غربية حق الحصول على سمة الدخول الى مطار الكويت وبأقل اجراءات ممكنة. 4 - اتخاذ قرار مبدئي بفتح الأجواء أمام شركات طيران العالم Open Sky. وما كان ممكناً لهذه القرارات والاجراءات أن تمر من دون"التضحية"بمؤسسة"الخطوط الجوية الكويتية"، التي شعر رئيس مجلس ادارتها أحمد الزبن بالخطر الداهم عليها فاستقال مع أحد أعضاء مجلس الادارة وهدد المدير العام بالاستقالة بعد اقالة نوابه الثلاثة. وانطلقت الشرارة عند مناقشة السماح بتأسيس شركات طيران جديدة لا سيما شركة طيران تجارية على غرار"الكويتية"لإنهاء احتكار دام منذ استقلال الكويت. وما كان مستوراً لسنوات طويلة أضحى مادة للتراشق الاعلامي من جهات متضررة من الانفتاح وأخرى مستفيدة منه. وظهر ان في"الكويتية"فائض عمالة يصل الى ألفي موظف معظمهم من الكويتيين. وقال مصدر كويتي في مجال النقل الجوي ل"الحياة": انفضحت سياسة التكويت إحلال عمالة وطنية مكان تلك الاجنبية على نحو سافر في"الكويتية"اذ تبين ان فائض العمالة الذي يرهق المؤسسة باعباء خيالية متوسط الخسائر السنوية 330 مليون دولار معظمه كويتي. وتصل كلفة الموظف الكويتي 3 أضعاف الموظف الأجنبي. وأضاف المصدر:"انها كرة نار ملتهبة لا ندري كيف ستُخمدها الحكومة في ظل معارضة نيابية عنيفة لأي تخصيص يبيح صرف الموظفين الكويتيين، فهذه القضية مكان مزايدة نيابية يكسب فيها معارضو التخصيص المزيد من الأصوات المنددة بالسياسات الحكومية الانفتاحية لا سيما منها المضرة بالطبقة العاملة الكويتية". وأوضح ان هذه المعارضة تكتسب شرعية اضافية عندما اتضح للرأي العام ان من تقدم للحصول على رخص الطيران الجديدة ليس سوى من"المحسودين"على ثرواتهم الخيالية من الطبقة التجارية التي طالما كانت متهمة ب"النهب"المنظم لخيرات البلاد. ومعارضو الانفتاح هم عادة من صفوف الاسلاميين والمجتمع البدوي أو القبلي الذين اعتبروا دائماً ان"حضر"الكويت وتجارها أكلوا"البيضة وقشرتها". يُذكر أن مجلس الوزراء وافق الاسبوع الماضي على منح رخصة لشركة طيران اقتصادية على غرار"العربية" وكانت من نصيب أحد كبار التجار على ان يُطرح جزء منها للاكتتاب العام. كما تقدم عدد من كبار التجار بطلب ترخيص لشركة شحن جوي رأس مالها 335 مليون دولار. شركة لرحلات الاثرياء الى ذلك ترددت معلومات عن طلبات عدة لتأسيس شركات طيران تجارية على غرار"الكويتية"علماً بأن"مجموعة المشاريع"يملكها حمد صباح الأحمد حصلت على ترخيص أسست بموجبه شركة"الطيران المتحدة"الخاصة بنقل رجال الأعمال والأثرياء والعائلات في رحلات خاصة أو رحلات استشفاء. وعلت أصوات العاملين في مؤسسة"الكويتية"لمواجهة خطوات تخصيصها التي تقودها الهيئة العامة للاستثمار بناء على قرار من مجلس الوزراء. 1.8 بليون دولار ديون الكويتية وقال أحد كبار العاملين في الكويتية ل"الحياة":"السياسيون أساس بلاء الكويتية. فهم من أتخم المؤسسة بالموظفين بواسطة ومحسوبيات وبتدخلات مباشرة وغير مباشرة بالشؤون الداخلية، حتى باتت الموازنة مرهقة باعباء مالية لا علاقة لها بالتشغيل. ففي الكويتية حوالى 470 موظفاً لكل طائرة في مقابل 350 موظفاً لكل طائرة في"طيران الامارات"، على سبيل المثال لا الحصر، علماً ان المعدل في"القطرية"لا يتجاوز 170 موظفاً للطائرة الواحدة. وتبلغ مصاريف الموظفين في"الكويتية"نحو 215 مليون دولار سنوياً. وما فاقم المشكلة المالية عدم اعتماد الحسابات الختامية للمؤسسة منذ 5 اعوام، الأمر الذي أجبر"الكويتية"على الاقتراض والسحب على المكشوف اذ تُقدر تلك المبالغ المقترضة بنحو 1.8 بليون دولار". ويلخص مسؤول في"الكويتية"المشكلة في نقطتين هما فائض العمال الكويتيين 50 في المئة من اجمالي العمال الذين يحظون بنسبة 75 في المئة من بند الرواتب مقابل 25 في المئة فقط من ذلك البند للاجانب 50 في المئة من اجمالي الموظفين. أما النقطة الثانية فهي قدم الاسطول الذي لم تقر خطة لتحديثه عمرها 10 سنوات. تبقى الاشارة الى أن أزمة"الكويتية"مرشحة للتفاقم سياسياً اذ بدأت الاسئلة البرلمانية بالانهمار على الحكومة لمعرفة مصير المؤسسة عموماً والعاملين الكويتيين فيها خصوصاً.