سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحول موقف الولايات المتحدة وضعهم وقيادتهم امام تحديات جديدة . الفلسطينيون سيتوجهون الى الامم المتحدة ومحكمة لاهاي لتعلنا موقفهما من تجاوز بوش القانون الدولي ب"وعده"
وضع التحول "النوعي" الذي طرأ على سياسة الولاياتالمتحدة ومواقفها إزاء قضية الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي وأسس الحل السلمي لها كما تمثل في "وعد" الرئيس الاميركي جورج بوش لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الفلسطينيين، قيادة وشعباً - في مواجهة جديدة مغايرة لمجمل التحديات التي واجهتهم خلال قرن من الزمن وامام مفترق طرق وصفه بعضهم بأنه استراتيجي في ضوء "الخيارات" المحدودة المتاحة بعدما بات العرب خارج اللعبة السياسية الدولية لجهة التأثير والفاعلية اضافة الى الوضع الذي آلت اليه الحركة الوطنية الفلسطينية بعد اقامة السلطة الفلسطينية بموجب قرارات واتفاقات دولية، علاوة على الموقف الاوروبي بما فيه الروسي الذي اكتشف "ركاكة" المواقف العربية، ان تبقى منها شيء. والجديد في المواجهة، ليس "خطة فك الارتباط الشارونية" بل هو تجاوز رئيس الدولة العظمى في العالم القانون الدولي والاتفاقات الدولية وقرارات الاممالمتحدة بما يتماثل مع سياسة دولة محتلة دانها المجتمع الدولي ورفضها على مدى نحو اربعة عقود من خلال مئات القرارات الصادرة عن مجلس الامن والجمعية العامة ومنظمات حقوقية دولية. واكد مصدر فلسطيني رسمي ل"الحياة" ان السلطة الفلسطينية ستتوجه، في اطار حملتها المضادة لهذا "التحول" الاميركي، الى الاممالمتحدة لتحدد موقفها من التجاوز الاميركي للقانون الدولي والى محكمة العدل الدولية في لاهاي لتصدر حكمها القانوني في من يأخذ على عاتقه شطب القرارات الدولية بما فيها حدود معترف بها دوليا. وتساءل وزير العمل في السلطة الفلسطينية غسان الخطيب: "هل يعقل ان يتخطى رئيس اي دولة القانون الدولي على اساس "وجود سكاني"؟ ان كان هذا هو الوضع، فيمكن الحديث عن اعادة رسم حدود ولاية تكساس الاميركية ذات الغالبية السكانية المكسيكية وضمها الى المكسيك". واضاف: "كيف يمكن اضفاء اي شرعية على مستوطنات اقامتها دولة محتلة داخل أراض محتلة وان تشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذي كفلته الشرعية الدولية منذ تهجيرهم قبل نصف قرن واكثر؟". ويرى الفلسطينيون ان "وعد بوش" وما يحمله من تغيير في السياسة الاميركية تجاه القانون الدولي يمس العرب والعالم وليس الفلسطينيين فقط. وفي هذا الاطار نشطت الديبلوماسية والاتصالات الفلسطينية لحشد موقف اسلامي واوروبي واممي ممثلا باللجنة الرباعية مضاداً لاعلان بوش بعد ان أثبتت المحاولات العربية فشلها في اقناع بوش الذي وجد شبيها له "شجاعا"، كما وصف شارون اكثر من مرة في المؤتمر الصحافي في الرابع عشر من الشهر الجاري للتوحد مع سياساته. وقد أبلغ الرئيس المصري حسني مبارك القيادة الفلسطينية ب"تعنت" بوش وتأكيده ان المطروح الان فقط خطة شارون. واوصلت واشنطن الرسالة نفسها الى وزير المال الفلسطيني سلام فياض، بحسب ما اكدته مصادر فلسطينية قبل انعقاد قمة واشنطن الاسبوع الماضي. وفيما لا يختلف الفلسطينيون في شأن "خطة الفصل" الاحادية الجانب التي حصل شارون على دعم بوش لها على اعتبار ان اي انسحاب اسرائيلي من اي جزء من الارض الفلسطينية اولا هو امر "مرحب به ومطلوب"، وثانيا انه - بحسب الاسم الذي تحمله الخطة ذاتها- فإن الفلسطينيين لم يستشاروا بشأنها، فلم تخرج القيادة الفلسطينية حتى الان بموقف استراتيجي موحد ازاء هذه الخطة بعد ان ارتبطت ب"وعد بوش". ورأى مستشار الرئيس الفلسطيني ممدوح نوفل ان القيادة الفلسطينية تنظر في ثلاثة اتجاهات لم يحسم رأس الهرم الرئيس الفلسطيني أمره بشأن اي منها حتى الان: الاتجاه الاول الذي ينادي ب"اغلاق" ملف عملية السلام ويؤكد ان ما حدث في الرابع عشر من نيسان ابريل الجاري ما هو الا "وهم" والانتقال فقط الى النضال، والنضال فقط، بكل أشكاله. اما الاتجاه الثاني فيدعو الى "تقبل" ما حدث والبحث عن طريقة لدخول السلطة الفلسطينية من خلال التمني على الاطراف الدولية وغيرها باشراك السلطة في ما يجري وسيجري كمدخل للعودة الى "خريطة الطريق" كما يقول الاميركيون. اما الاتجاه الثالث فيدعم سياسة "الانتظار" بمعنى ان يتخذ الفلسطينيون ويتعاطوا مع "نتائج" خطة شارون بعد تنفيذها من دون الالتزام بأي اتفاقات او الاعتراف بها رسميا. ولم تبلور السلطة الفلسطينية رؤيتها بهذا الصدد، في حين ينتظر عقد اجتماع لوزراء خارجية المؤتمر الاسلامي وما ستتمخض عنها الاتصالات مع اعضاء "الرباعية" . ودعا المحلل السياسي الفلسطيني علي الجرباوي في صحيفة "الايام" في مقال تحت عنوان "كي لا يكون "وعد بوش" قدراً نافذاً" الفلسطينيين الى اتخاذ أربع خطوات للتصدي ل"وعد بوش" و"خطة الفصل"، اولها الاعلان الرسمي عن التوقف الفلسطيني التام عن التعامل او المشاركة بما يسمى عملية التسوية السياسية وتوجيه اعلان واضح وصريح للعالم بأنه "ان لم تتغير المعطيات خلال ثلاثة اشهر، فإن السلطة الفلسطينية التي تدفع اميركياً واسرائيلياً للقبول بتسوية "الكانتونات" ستجد نفسها ملزمة حفاظا على الحقوق الوطنية الفلسطينية بإعادة الأمانة التي تسلمتها الى منظمة التحرير وترك اسرائيل مجبرة على تحمل كامل مسؤولياتها على الارض الفلسطينية المحتلة وليس ان تستقطع اسرائيل ما تريد من الضفة للحفاظ على الصبغة اليهودية لدولة اسرائيل وضم المستوطنات وما تحتها من مياه. ورأى الجرباوي ان من الضروري "ترميم الأداء الفلسطيني الداخلي بما يدعم التوجه العام المقاوم".