دخل الفنان حسين فهمي مجال السينما من باب الدراسة والوسامة معاً، وعلى رغم أنه درس الاخراج ومارسه في الولاياتالمتحدة الاميركية، فإنه لم يمارسه في مصر أبداً، وكأنما رسمت له وسامة ملامحه الطريق مسبقاً، فظل لسنوات طويلة يلعب دور الفتى الثري الوسيم المثقف، حتى فاجأنا اخيراً باداء أدوار لم نتصوره يؤديها مثل دور الفلاح والحرفي والمعلم. "الحياة" التقته وسألته عن السينما وعن ادواره الجديدة ورأيه في النجوم الجدد والقدامى وعن بعض المصطلحات السينمائية الجديدة. ما رأيك في الحال السينمائية حالياً، نقصد سيطرة الشباب على صناعة السينما فهم الذين يتولون التمثيل والاخراج وكتابة السيناريو؟ - انا الذي اريد أن اسأل، ما نتيجة هذه الحال؟ من الخطأ جداً ان يتم تصنيف السينما في هذا الشكل على اساس سينما شباب وسينما كبار السن وسينما حديثة، لأن السينما هي السينما والعاملون في الحقل السينمائي لا بد من أن يتعاونوا مع بعضهم بعضاً. فالمخرج الجديد لا بد من أن يتعاون مع مدير تصوير قديم له خبرة، والوجه الجديد، لا بد من أن يتكئ على ممثل له خبرة، عندما بدأت كوجه جديد ظهرت مع النجم رشدي اباظة وعندما بدأ رشدي اباظة ظهر مع نجم اقدم منه، إذ لا بد من تواصل الاجيال، لكن ان يأتي مخرج شاب - تنقصه الخبرة - ويستعين بممثل جديد ومدير تصوير جديد ومؤلف جديد، فلا شك في أن النتيجة ستكون كارثة. وفي رأيي، لا بد من حدوث تصفيات طبيعية لكل الموجودين، وفي النهاية فإن النجم يبقى وغيره يختفي، والدليل على صحة كلامي، ان النجوم الكبار عندما مثلوا للتلفزيون حازوا اعجاب الجماهير لأنهم نجوم، وكلهم تفوقوا وعلى رأسهم يحيى الفخراني ومحمود ياسين وإلهام شاهين وليلى علوي ويسرا ونور الشريف. وهذا معناه ان النجم لا ينتهي. إذاً ما تفسيرك لموجة افلام الشباب واستمرارها؟ - هذه موجة وستنتهي بالتأكيد وما نسمعه من ارقام ايرادات غير حقيقي وغير صحيح. الايرادات ضعيفة للغاية لأن الناس تجلس في المنازل لتشاهد النجوم الحقيقيين والتمثيل الحقيقي والمواضيع القوية على شاشة التلفزيون، أما الشباب فلديهم شبكة الانترنت التي تشغلهم وتسليهم وهؤلاء لن يقبلوا السينما الجديدة وما يحدث فيها، لأنهم اصبحوا منفتحين على العالم. وما رأيك في شعار "السينما النظيفة" الذي انتشر اخيراً؟ - هذا كلام فارغ طبعاً، ولا ادري من الذي ابتكره وماذا يقصد به، هل يعني ان هناك سينما غير نظيفة؟ الذي اطلق هذا التعبير او الشعار بالتأكيد قام بغسيل امواله في السينما، لأننا "ناس نظيفة وطوال عمرنا بنقدم سينما نظيفة". اشتهرت بأداء الادوار الرومانسية ثم قدمت ادواراً كوميدية راقية، ولكن في الفترة الاخيرة قدمت دور الاب والفلاح والمعلم، ما الذي دفعك لتقديم هذه الشخوص؟ - هذا نوع من الذكاء فالنجم لا بد من أن يكون ذكياً، وأنا بكل تواضع اقول ان عندي ذكاء. هذه الادوار ما هي الا طاقات بداخلي، لكن كان لا بد من أن ادخرها للمستقبل، لذلك لم اؤد كل انماط الشخصيات في بداياتي بل احتفظت بمخزون منها للمستقبل، فالنجم لا بد من ان يعرف ما يناسبه في كل وقت ولا بد من أن يقسم حياته إلى مراحل، وانا بدأت بمرحلة فتى الشاشة الاول بعدها قدمت بعض افلام الحركة والخير والشر وكلها تدخل تحت منطوق التراجيديا، بعدها وقفت على خشبة المسرح ثم اتجهت الى التلفزيون حيث قدمت الكوميديا وبعض الادوار الجديدة، ولا أجد مبرراً أن استمر في اداء دور معين لمجرد أن المشاهدين لا يتصورونني في غيره، إذ لا بد للفنان من ان يتلون ويغير في نمط الادوار التي يقدمها على ان يؤديها في شكل جيد، وهذا فيه نوع من التحدي للذات وللمتفرج في الوقت نفسه. بما انك من نجومنا الكبار، هل يمكن ان تخبرنا لماذا اتجه نجوم السينما الى العمل في التلفزيون، خصوصاً أننا الى فترة قريبة لم نكن نشاهد نجوم السينما الا على الشاشة الكبيرة فقط؟ - المسألة ببساطة هي أن التلفزيون حالياً اصبح يقدم مواضيع قوية من خلال مؤلفين وكتاب سيناريو ممتازين، اضافة الى أن التلفزيون اصبح يوفر موازنات ضخمة في ظل وجود مدينة الانتاج السينمائي والاعلامي وما فيها من امكانات هائلة لنا كنجوم كبار، كما أن هناك احتراماً لنا ولتاريخنا. في فترات سابقة كانت السينما المصرية تنتج عشرات الافلام، أما الآن فلا يتجاوز إنتاجنا السنوي عشرة افلام وقد لا تعرض، هل هي ازمة انتاج ام ازمة متفرج ام ازمة فكر؟ - هي ازمة توزيع في المقام الاول. لم نعد قادرين على توزيع الفيلم المصري خارجياً كما كان يحدث سابقاً عندما كنا نعتمد على الموزع التقليدي الموجود في لبنان والاردن وشمال افريقيا، وكان الفيلم يجلب ايرادات عالية جداً من الخارج تغطي تكاليفه، اما اليوم فهناك سوء توزيع واصبح المنتج يعتمد على التوزيع الداخلي فقط وهذا غير كافٍ على رغم أننا نسمع ان فيلماً ما يعرض في 60 دار عرض. قبلاً كان الفيلم يعرض في دار عرض واحدة او دارين على الاكثر وكان يحصل ايرادات عالية جداً، لأن المسألة ليست في عدد دور العرض، حالياً دار العرض لا يوجد فيها اكثر من 80 أو 100 كرسي، لكن في السابق كانت دار سينما ريفولي وحدها تحتوي 1300 كرسي وسينما راديو 1200 كرسي، وعندما يعرض الفيلم 4 حفلات يصبح لدينا 5 آلاف متفرج في اليوم الواحد في دار عرض واحدة. اليوم في كل دور العرض التي تعرض الفيلم لا يتحقق هذا الرقم، اضافة الى ان هناك مشكلة اخرى تتمثل في اننا اصبحنا مغيبين عن الواقع، لذلك ابتعد الجمهور العربي عن السينما المصرية، لأننا لم نعد قادرين على تقديم افلام تجذب المشاهدين من العرب كما كان يحدث سابقاً. السينما المصرية اليوم اصبحت مليئة بالمؤثرات التي يزعم اصحابها انها كوميدية وهي مملوءة بالكلام المصري الدارج جداً والذي يعرف بالكلام الشبابي، لقد اصبحنا نتكلم لغة - ولا اقول لهجة - غير مفهومة، لذلك عزف الشباب العربي عن مشاهدة افلامنا، خصوصاً ان معظمها اصبح افلاماً كوميدية، ولا أدري من افترض ان العالم كله يريد مشاهدة سينما كوميديا فقط. هل توافق ان تعمل ابنتك "منة الله" في الفن؟ - لا اريد لها ان تمارس التمثيل من دون دراسة، إذ انني أرفض ان يقال ان ابنتي دخلت المجال الفني لمجرد انها ابنة حسين فهمي وميرفت امين، او لأنها جميلة فقط، من هنا لو ارادت دخول المجال الفني لا بد من أن تدرس في معهد التمثيل ولا بد من أن تكون مثقفة في المجال الذي ترغب العمل فيه: تدرس أولاً ثم تتجه للتمثيل. هل تشجع أن يكون للفنان دور سياسي، خصوصاً في الفترة التي نمر بها الآن؟ - طبعاً... فالفنان بلا دور سياسي لا يكون فناناً. ثم ان الفن في حد ذاته سياسة. وعندما نسافر لحضور اي مهرجان دولي، فإن أول سؤال يوجه إلينا في اي حوار أو مؤتمر صحافي هو لماذا لا تقبلون التعاون مع اسرائيل في المجال السينمائي؟ ولماذا تخلطون بين الفن والسياسة؟ لو ان الفنان غير واعٍ بقضية وطنه ولو انه لا يهتم بالسياسة فإنه لن يستطيع الرد في شكل يقنع الاجانب بعدالة قضيتنا وإيماننا بحقنا، خصوصاً انهم لا يكتفون بالاجابات المسطحة او سابقة التجهيز، فهم مغرمون بالمناقشة والحوار ولا بد من ان يكون الفنان مؤمناً بدوره السياسي كي يستطيع ان يتحاور معهم بفهم ويوصل وجهة نظرنا.