مع كل موسم تلفزيوني، يُطلق عدد من المسلسلات الجديدة على الشاشات الصغيرة، وغالبية المواضيع تهدف الى إضحاك الناس وزرع الفرح في قلوبهم. وأبرز ما شاهدناه على شاشة الLBC مثلاً في الفترة الأخيرة مسلسل "مرتي وأنا" الذي أحبه الناس وشاهده الصغار والكبار على رغم ان الشجار كان العنوان الأبرز لكل حلقة. وقد تلا "مرتي وأنا" "عبدو وعبدو" الذي حاول جورج خباز من خلاله وبطريقة فكاهية أن يتحدث عما يجري في المجتمع برسائل مختلفة. لكن لا شك في أن "عبدو وعبدو" ما زال ينتظره الجميع بشغف مثل برنامج "بسمات وطن"، مع ان لكل منهما رسالته الاجتماعية أو السياسية. ولكن ما هو الهدف مثلاً من مسلسل "المحتالة"؟ هل هو إضحاك الناس؟ هل هو إبراز ذكاء الممثلة ورد الخال من خلال الدور الذي تلعبه؟ وهل كان يليق بالممثل القدير انطوان كرباج مثلاً بعد سنوات طويلة من العمل ان يلعب هذا الدور وهو دور الجد المساعد في تنفيذ ونجاح كل سرقة تخطط لها حفيدته؟ وهل أدرك القيمون على هذا العمل ان نسبة الأطفال الذين يشاهدون "المحتالة" أكثر بكثير من نسبة الكبار؟ لا شك في أنهم أدركوا ويدركون ذلك، خصوصاً حينما نشاهد مع بداية عرض كل حلقة نصاً يقول ان غالبية المشاهد خيالية وبعيدة من الواقع. وهل كان من الضروري أن تكون السرقة هي الشغل الشاغل للمسلسل كي نتأكد أكثر من أن هناك فكرة جديدة لم يأت أحد بعد على إظهارها وتبيانها؟ ألم تكن هناك أفكار سليمة أخرى تساعد "المحتالة" على مساعدة الفقراء خارج اطار السرقة؟ ألا يعتقد القيمون على العمل ان هذه الخطط قد تختمر في عقول الأطفال وقد يحاولون تنفيذها على طريقتهم؟ فهل يكمن العمل الصالح في ايذاء بعض الناس وسلبهم؟ وهل سيكون الفقير مرتاحاً حينما يعرف مصدر الأموال التي حصل عليها؟ مع كل هذه الأسئلة المطروحة نعترف بأن كل المشاهدين يستمتعون بمتابعة المسلسلات خصوصاً الاجتماعية منها والمحلية في شكل خاص بعدما كسحت المسلسلات المكسيكية شاشاتنا العربية، وبتنا بحاجة أكثر فأكثر الى أعمال تترجم واقعنا وحياتنا وهمومنا. فاللبناني يستمتع مثلاً بمشاهدة الأعمال الكوميدية الساخرة والأعمال الاجتماعية والوطنية أيضاً، إلا أنه يميز مثله مثل بقية المشاهدين العرب بين ما يريح أفكاره وأعصابه وقلبه وبين ما يزعجه ويسبب له القلق والتعب. ويبقى السؤال الكبير المطروح: هل تستدعي ولادة الأفكار الجديدة سلوكاً خاطئاً في انتاج مسلسل جديد؟