صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر رواية للأديب والشاعر والوزير والديبلوماسي الكبير، الدكتور غازي القصيبي، بعنوان "سعادة السفير"، وقد حاول غازي القصيبي، ولا ادري ان كان جاهداً ام لا؟ مواكبة الوضع في العراق إبان الحرب عليه. ولم يتكلم عن البلاد بل اكتفى بالكلام عن رئيسها همام بو سنين. ووصف حياته عن قرب، وعلاقته بأهله وأصدقائه - ان كان له اصدقاء - وعلاقته بالنساء، ودقائق حياته، وكأنه صديق مقرب جداً لذلك الرئيس - ويتضح ذلك من خلال علاقة يوسف سفير دولة الكوت بهمام بو سنين، زعيم النهروان والقائد المنصور، الخ... اعتقد ان القصيبي لم يتوقع النهاية الحقيقية لصديقه اللدود، زعيم النهروان، ولم يتوقع ان زعيم النهروان العظيم صاحب القصور العظيمة والقوة العظمى، سيُمسك في جحر صغير، لأن الرواية صدرت قبل نهاية الزعيم الواقعية بمدة قصيرة. فلو تأخر صدور الرواية لتغيرت النهاية على الاقل، وأصبحت اعمق من النهاية التي رسمها للزعيم. اعترف ان الرواية شيقة، وأحداثها تجعل القارئ يحاول التهام باقي الكتاب بأسرع وقت ليعرف تتمة الاحداث. وقد قرأت الرواية في ساعتين، وانتهيت منها، ولم أشعر بالوقت الذي قطعته في قراءتها. ولكن لو عقدنا مقارنة بين هذا الرواية والروايات التي اصدرها القصيبي، على النسق الساخر نفسه، فلن نجد وجهاً للمقارنة، فلو تذكرنا، على سبيل المثال، رواية "ابو شلاخ البرمائي" لتأكد القارئ ان كاتب الرواية الاولى لا يمت بصلة الى كاتب الرواية الثانية، حتى لو اجتمع الاسلوب الساخر في الروايتين. ففي الرواية الثانية رسم القصيبي شخصية بطل الرواية - ان لم يكن هو - بطريقة لا تخلو من العمق الفكري، ووصف التطور الفجائي، والافكار التي صاحبت بيئة الارض التي ينتقل اليها بطل الرواية. ولو قارناها برواية "سبعة"، او قارنها القصيبي نفسه بالرواية الجديدة، لتبرأ من "سعادة السفير"، وكسر اقلامه، وتمنى لو لم تقم الحرب على النهروان، لكي لا تستهويه الفكرة، ويأخذه وحي الرواية بيده الى مكتبه ليكتبها. فوجه الشبه الوحيد بين الروايتين هو اسم المؤلف المكتوب على غلافيهما. ففي رواية "سبعة" قسم القصيبي بطل الرواية الى سبع شخصيات، وجميعهم في قارب واحد بدأت به احداث الرواية الشيقة، على رغم تباين اختصاصاتهم وتفكيرهم. اما "السفير" فكانت الملامح مركبة والشخصيات غير واضحة. سألت صديقي. هل قرأت رواية غازي القصيبي الاخيرة "سعادة السفير"؟ ففوجئت برده: انا احب القصيبي شاعراً ولا احبه راوياً، وليتني احببت القصيبي شاعراً فقط، لكي لا يأتي اليوم الذي اقرأ فيه "سعادة السفير"، لأن "غلطة الغازي بألف"! ويبدو ان الاعمال الادارية لعبت دوراً كبيراً ابعد معالي الوزير الدكتور غازي القصيبي عن فن كتابة روايات عالمية. اتمنى ان تكون الفكرة التي اراد القصيبي طرحها في روايته قد اشكل علي فهمها. فعدم فهم افكار القصيبي اهون علي من عدم وجود افكار في رواياته. الرياض - فيصل الشايع [email protected]