توقعت غرفة تجارة دمشق أن يتعرض سعر الليرة السورية الى انخفاض بين 5 و10 في المئة السنة الجارية،"نتيجة التوسع المرتقب في استيراد السلع التي سيتم السماح بها مع تطبيق الاتفاقات الحدودية"، مشيرةً الى انتعاش حركة السوق الداخلية بعد"التحسن النسبي"للاقتصاد في العامين الماضيين وزيادة الكتلة النقدية. جاء في التقرير السنوي، الذي تُعده غرفة تجارة دمشق عن أهم ملامح الاقتصاد السوري ونشاطات الغرفة، ان القطاعات الصناعية العامة والخاصة المنتِجة للأجهزة والمعدات المنزلية والاستهلاكية، بالإضافة الى قطاع العقارات والليرة، ستكون أهم القطاعات التي قد تعاني من صعوبات،"نظراً لانفتاح السوق السورية على السلع العربية والاوروبية من خلال الاتفاقات الموقّعة أو التي سيتم توقيعها في 2004". وأكد ان الاقتصاد السوري حقق في 2002 نسبة زيادة في نمو إجمالي الناتج المحلي بلغت 3.2 في المئة، متوقعاً أن يرتفع الى 3.3 في المئة في 2003. لكنه أشار الى ان هذه الزيادة المتحقّقة"لا تلبي حاجات التنمية والزيادة السكانية التي تصل الى 3.2 في المئة". ووفقاً للتقرير، فإن الميزان التجاري حقّق في 2002 فائضاً بقيمة 80 بليون ليرة. وأشارت إحصاءات النصف الأول من العام الماضي الى استمرار هذا الفائض بقيمة 32.3 بليون ليرة. إلا ان النفط ما زال يرجح كفة الصادرات، حيث انه يشكّل 64 في المئة منها. أما على صعيد الموازنة، فقد شهدت موازنة السنة الجارية زيادة بمقدار 29.5 بليون ليرة عن عام 2003، وشكّل الانفاق الاستثماري ما نسبته 48.2 من إجمالي هذه الاعتمادات. ولفت التقرير إلى ان الاقتصاد استطاع تجاوز الأزمة التي خلّفتها الحرب الأميركية على العراق، على رغم الخسائر التي تكبّدها والمقدرة بنحو بليوني دولار،"نتيجة التوجه بسرعة"نحو أسواق تصديرية جديدة والاعتماد"بصورة أكبر"على تنمية الموارد المحلية المتاحة. ولاحظ ان التحسن النسبي على أوضاع الاقتصاد السوري في العامين الماضيين انعكس على انتعاش حركة السوق الداخلية، نتيجة زيادة الكتلة النقدية،"مما خلق طلباً إضافياً على السلع والخدمات التي كانت تعاني ركوداً"في الأعوام السبعة الماضية. وتُظهر الأرقام التفصيلية ان الرقم القياسي لأسعار الجملة شهد ارتفاعاً بنسبة 5 في المئة بين عامي 2001 و2002 بالمقارنة مع نسبة تراجع سلبية بنسبة 9 في المئة بين عامي 1999 و2001. وعلى رغم ان هذا الارتفاع يُعبر عن ارتفاع معدلات التضخم، إلا أن التقرير أشار إلى"ان تلك المعدلات ما زالت في النسب المقبولة اقتصادياً والتي تساهم في تحريك الطلب الداخلي وتدفع حركة العمل الانتاجي". ولفت التقرير الى ارتفاع في أسعار التجزئة لمواد وخدمات عدة في 2002، مثل الحبوب بنسبة 4 في المئة، والوقود والإضاءة والمياه بنسبة 10 في المئة، والنقل والمواصلات بنسبة 8 في المئة، فيما انخفضت الألبسة بنسبة 6 في المئة والأثاث بنسبة 1 في المئة. وعلى صعيد الكتلة النقدية المتداولة، فقد ارتفعت بنسبة 16.4 في المئة بين عامي 2001 و2002"مما انعكس ايجاباً"على صعيد السيولة في السوق التي شهدت"تحسناً نسبياً". وتوقع التقرير بالنسبة للسنة الجارية استمرار"الوضع الزراعي الجيد"الذي حقّقه موسم عام 2003، واستمرار تحسن أسعار النفط والتوقعات المتفائلة بتزايد انتاج النفط والغاز، واستمرار إصدار التشريعات والقوانين المحدّثة لبيئة العمل الاقتصادي والاجتماعي، و"تحسن حال الجمود ونقص الطلب والسيولة"، بعد بدء المصارف الخاصة بممارسة أعمال الإقراض لغايات تجارية واستثمارية وعقارية. كما توقع"قرب افتتاح سوق دمشق لتداول الأوراق المالية، مع ما ستخلقه هذه السوق من وعاء ادخاري لتثمير المدخرات الفردية وتحفيز إقامة الشركات المساهمة". ودعا التقرير إلى"استخدام احتياطات المصارف العامة لأهداف تنموية طموحة، خصوصاً أن تحقيق معدلات نمو طموحة بحدود 8 في المئة يحتاج إلى استثمارات لا تقل عن 5.1 بليون دولار سنوياً، و تحسين بيئة الاستثمار، والإسراع بإصدار تعديل قانون الاستثمار، وانجاز المدن الصناعية الجديدة ودعم العمل التصديري بصورة أكبر، من خلال إنشاء مركز وطني لدعم وتنشيط الصادرات يقوم بمهمة الترويج ودراسة السوق". وحضّ التقرير على اتاحة الفرص ل"دور أكبر"للقطاع الخاص،"من دون أن يعني ذلك تقليصاً"لدور الدولة، وإنما تطوير لأسلوب تدخلها عبر السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية. وأوضح"ان القطاع الخاص الذي وصلت مساهمته في إجمالي الناتج المحلي الى نحو 65 في المئة، قادر على المزيد من المساهمة، خصوصاً في مجال تشغيل الأيدي العاملة وامتصاص فائض العمالة وتحقيق وفورات تصديرية مهمة، في ما لو توافرت له مجموعة من المناخات المناسبة، منها إزالة كل العقبات الادارية والبيروقراطية في مجال التراخيص والبنية التحتية، وخفض أعباء وتكاليف العمل الصناعي والخدمي إلى الحد الذي يسمح له بالمنافسة داخلياً وخارجياً، وتوفير التمويل المتوسط والطويل الأمد بشروط ميسرة، خصوصاً للمنشآت الصناعية الضخمة وتوفير المعلومات عن الأسواق الخارجية وأوضاع المنافسة فيها، وتوفير مراكز التدريب المتخصصة، والتعاون بصورة أكبر مع مراكز الأبحاث والمعاهد العلمية لتطوير المنتجات وتحديث الخدمات". أما الخطوات المطلوبة من القطاع الخاص، فهي وفقاً للتقرير،"التركيز على العمل المؤسساتي المنظّم عبر إقامة شركات الأموال لاستيعاب أساليب الادارة الحديثة والتقنيات المتطورة، والاستفادة من وفورات الحجم الكبير، والتركيز على التوجهات التصديرية لأي مشروع صناعي، وعدم الاكتفاء بالسوق المحلية الضيقة، وإعادة تأهيل المؤسسات الخاصة من الناحية الادارية، لتعزيز انفتاحها على المنافسة العالمية بصورة أكثر كفاءة".