بدأت مفاوضات اتفاق الشراكة السورية - الاوروبية تأخذ اتجاها "متفائلاً" بعد تصريحات رسمية سورية وبريطانية، وسط استمرار سياسة "عض الاصابع" وتبادل "ضغوط سياسية" تمثلت في "تجاهل" سوري وتصريحات أوروبية متشددة. وكانت سورية والمفوضية الاوروبية توصلتا في 9 كانون الاول ديسمبر الماضي الى اتفاق على كل البنود بما فيها البند المتعلق بحقوق الانسان والحوار السياسي وتحرير الرسوم الجمركية، مع اضافة بند جديد يتعلق بأسلحة الدمار الشامل بموجب الاستراتيجية الاوروبية الجديدة التي أقرت في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، وقضت بإضافة هذا البند الى اتفاقات الشراكة الجديدة. وبعد خمس سنوات من التفاوض، أبدت دمشق مرونة سياسية حتى في ما يتعلق ببند اسلحة الدمار الشامل و"عجلة سياسية" خصوصا بعد اقرار الكونغرس الاميركي "قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان"، وتوقيع الرئيس جورج بوش عليه. لكن الجانب السوري والمفوضية الاوروبية "فوجئا" بأن بريطانيا وهولندا والمانيا طلبت تعديل البند المتفق عليه ليكون اكثر تشدداً وتفصيلاً. واوضحت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة": "اتفق الوفدان على الجانب الفني فقط وعلى تقديم صيغة نهائية لمسودة الاتفاق الى الحكومة السورية والحكومات الاوروبية ال15 التي يجب ان تقر جميع بنوده وترسل موافقتها الى المفوضية". ولفتت الى ان لندن وبرلين وامستردام "لم تكن راضية على التعديلات التي ادخلت الى مسودة البند المتعلق بأسلحة الدمار الشامل"، في مقابل "حياد" فرنسي و"تأييد" اسباني لما اتفق عليه المفاوضون السوريون والاوروبيون. وتزامن الموقف البريطاني مع اعلان الزعيم الليبي معمر القذافي التخلي عن برامج بلاده المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل، ما اثار تساؤلات لدى المسؤولين السوريين الذي قالوا أكثر من مرة ان "المبادرة الليبية يجب ان تسلط الضوء على الاسلحة النووية التي تملكها اسرائيل"، طارحين تساؤلات حول اسباب عدم وجود بند كهذا في اتفاق الشراكة مع اسرائيل، الامر الذي عزاه الاوروبيون الى ان بند اسلحة الدمار الشامل أقر في تشرين الثاني الماضي ليكون في كل اتفاق جديد للشراكة. وفيما سعى خبراء سوريون واوروبيون الى اقناع دمشق بضرورة اتخاذ خطوة لان "هامش المناورة ضيق"، نظراً الى ان دخول عشر دول اوروبية الى الاتحاد الاوروبي في ايار مايو المقبل سيزيد من تعقيدات المرحلة التفاوضية المقبلة لثلاثة اسباب هي: "وجود مشكلة ديون لدى بعضها مع دمشق وتشابه اقتصادها مع الاقتصاد السوري ووجود نفوذ اميركي قوي فيها"، لانها باتت تمثل "اوروبا الجديدة". وظهرت اقتراحات تحدثت عن ضرورة قيام وزير الخارجية فاروق الشرع بزيارة هذه الدول الثلاث ل"شرح الموقف السوري"، الى جانب اقتراح السفير الاوروبي فرانك هيسكه على رئيس الوزراء محمد ناجي عطري "اعداد نص الاتفاق كي يكون جاهزا في حال اتخاذ قرار سياسي" اوروبياًَ وسورياً. لكن عمليا كان هناك "تجاهل" للمواقف الاوروبية واظهار "عدم استعجال" لتوقيع الاتفاق. اذ قال الشرع في 24 شباط فبراير الماضي: "هناك افتعال مشكلة من جانب دولة أوروبية انضمت اليها دولة او دولتان ... من جانبنا سنستمر في السعي الى توقيع الاتفاق. لكن لن يفتح للمناقشة مرة اخرى. ما توصلنا اليه هو الاساس الذي بني عليه التفاهم بين الجانبين السوري والاوروبي. ونأمل ان تعيد هذه الدولة النظر في موقفها". وفي 26 الشهر الماضي، سئل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير هل وضعت بلاده "شرطاً على سورية كي تنزع اسلحة الدمار الشامل قبل توقيع اتفاق الشراكة؟"، فأجاب: "مهتمون بألا تشكل سورية خطراً على المنطقة والعالم سواء من خلال رعايتها الارهاب حسب تعريف لندن او من خلال برامج اسلحة الدمار الشامل. ندعم مفهوم الشراكة السورية - الاوروبية. لا نضع شروطا كما ذكرت، لكننا نريد التأكد من ان سورية في المسار الصحيح بالنسبة الى هذين الأمرين. وحاولت التأكيد الى السوريين بأن يد الشراكة ممدودة لكم عندما تكونون جاهزين لالتزام القواعد الدولية المناسبة". وبعد ثلاثة ايام قال الوزير الشرع انه اصبح بعد تصريحات بلير "اميل الى التفاؤل بأن هذا الاتفاق الشراكة سيوقع في اقرب الآجال"، بعدما قال ان لدى بلاده مشروع قرار في مجلس الامن الدولي لنزع أسلحة الدمار الشامل من كل دول الشرق الاوسط "وعندما يصبح الامر ناضجا ويصبح الاخرون جاهزين للتوقيع، تشرف الاممالمتحدة على هذه العملية المهمة نزع الاسلحة من كل الدول ستكون سورية جاهزة للتوقيع. واي طريق آخر للوصول الى نزع الاسلحة غير هذه الطريق ستكون طريقا ملتوية ومشوشة وناقصة لانها ستشمل دولا وتستثني دولا". واشار الى ان الموقف السوري في الاممالمتحدة هو "الجواب" السوري على مساعي بريطانيا وألمانيا وهولندا.