تسعى ليبيا الى زيادة طاقتها لانتاج النفط بمقدار الثلث عن طريق تطوير الحقول القديمة وفتح حقول جديدة، لكن المحللين يقولون ان ذلك يتطلب وقتاً واستثمارات أجنبية وربما يصعب تحقيقه في الموعد الذي تستهدفه ليبيا، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، وهو سنة 2009. وتبدي الشركات البريطانية اهتمامها بالموارد الطبيعية والفرص المتوافرة في ليبيا، لكنها تبقى متكتمة حول الاستراتيجية التي ستعتمدها في هذا البلد الذي كان حتى فترة قصيرة مهمشاً. تأمل ليبيا ان يؤدي تعهدها العام الماضي بالتخلي عن برامج أسلحة الدمار الشامل وما استتبعه ذلك من تحسن في العلاقات مع الغرب الى دعم الاستثمارات الجديدة في مجال الطاقة. وتهدف"شركة النفط الوطنية الليبية"الى انتاج 2.1 مليون برميل يومياً من النفط بحلول سنة 2009 من خلال خطة خمسية للاستثمار تجتذب ما لا يقل عن ثلاثة بلايين دولار. وتقدر ليبيا طاقتها الانتاجية الراهنة بنحو 1.75 مليون برميل يومياً، لكن المحللين يقولون انها على الارجح لا تزيد على 1.6 مليون برميل يومياً، بما فيها انتاج النفط الجديد المنتظر من مشروعين كبيرين تنفذهما شركة"ايني"الايطالية اللذين سيزيدان الطاقة الانتاجية بمقدار 250 الف برميل يوميا بحلول سنة 2006. ويشكك المحللون في امكانية زيادة الطاقة الانتاجية في وقت قريب. وقال جيري كيبيس مدير قسم الانتاج والاستشارات في شركة"بي اف سي انرجي"في الولاياتالمتحدة:"الامر يتعلق بنحو 500 ألف برميل يومياً زيادة على الطاقة الانتاجية الراهنة. وهناك الكثير من عدم التيقن". وأضاف:"يمكن تحقيق هدف الوصول الى 2.1 مليون برميل يومياً لكن هناك الكثير من عدم التيقن فيما يتعلق بمصدر هذه الزيادة بالتحديد". وظهرت رغبة ليبيا في زيادة الانتاج في أعقاب ركود شهدته في أواخر الثمانينات والتسعينات عندما جاهدت لرفع طاقتها الانتاجية عن مستوى 1.5 مليون برميل يومياً بعد أن انخفضت عن مستوى الانتاج الفعلي في عام 1970 الذي كان يبلغ ثلاثة ملايين برميل يومياً. وتسعى ليبيا كذلك لزيادة احتياطاتها النفطية لدعم موقفها في المطالبة بزيادة حصتها الانتاجية داخل"أوبك". وقال شكري غانم أمين اللجنة الشعبية العامة رئيس الوزراء في كانون الثاني يناير الماضي ان ليبيا ستطلب زيادة حصتها. وتبلغ حصة ليبيا داخل"أوبك"حالياً 1.31 مليون برميل يومياً تنخفض الى 1.26 مليون برميل يومياً اعتباراً من الاول من نيسان ابريل المقبل. وقالت"شركة النفط الوطنية الليبية"في الشهر الجاري ان احتياطاتها ارتفعت الى 38 بليون برميل من الرقم السابق الوارد في التقرير الاحصائي لشركة النفط البريطانية"بي بي"عن العام الماضي وهو 29.5 بليون برميل. وتتطلب الخطة الخمسية ل"شركة النفط الوطنية الليبية" أعمال مسح سيزمي بكلفة 300 مليون دولار وحفر مئة بئر استكشافية و686 بئراً انتاجية وتقول انها ستحتاج لنحو عشرة بلايين دولار لاستكشافات النفط والغاز. وقالت شركة"أي اتس اس"لاستشارات الانتاج:"سيكون من الصعب تحقيق ذلك ما لم تشارك فيه شركات نفط كبرى". وستنضم"رويال داتش/شل"بصفقتها الجديدة الى الشركات العاملة بالفعل في ليبيا وهي"ايني"الايطالية و"ريبسول"الاسبانية و"أو أم في"النمسوية. ووقعت"شركة النفط الوطنية الليبيةِ العام الماضي صفقات تتعلق بثلاث مجموعات تضم ست مناطق استكشاف مع ثلاثة اتحادات شركات، الاول"ريبسول"و"ودسايد"والثاني"ريبسول"و"أو أم في"والثالث شركة"آر دبليو ئي- دي"الالمانية والتي ستنفق مجتمعة بمقتضى الاتفاقات 250 مليون دولار. وتعتزم ليبيا كذلك طرح عطاءات جديدة لمناطق تنقيب خلال السنة الجارية. وبالاضافة الى تشجيع التنقيب عن النفط في مناطق غير معروفة بانتاجه من قبل، تريد ليبيا كذلك اعادة تطوير حقولها القائمة. وشكلت لجنة تفاوض لاختيار الحقول التي قد تجتذب المستثمرين الدوليين وتقول ان الحقول المقترحة حتى الان يبلغ معدل الاستخراج فيها 27 في المئة لكنها تحتاج لاجراءات تستخدم وسائل تكنولوجية حديثة. وتأمل ليبيا أن ترفع الولاياتالمتحدة قريباً العقوبات التي تفرضها عليها والتي تحول دون عمل الشركات الاميركية في البلاد وان تعود هذه الشركات بالاستثمارات لاعادة تطوير امتيازاتها القديمة. وكانت مجموعة"اوازيس"، وهي مشروع مشترك بين"كونوكو فيليبس"و"اميرادا هيس"و"ماراثون أويل"تنتج 850 الف برميل يومياً عام 1986 ومن المتوقع أن تقود عودة الشركات الاميركية الى ليبيا. ولدى"اوكسيدنتال بتروليوم"أصول مجمدة كانت تنتج 170 الف برميل يومياً في عام 1986. واصبح راي ايراني رئيس"أوكسيدنتال"أول مسؤول نفطي أميركي بارز يزور طرابلس الغرب منذ أعوام الاسبوع الماضي. وقال ان الشركة تعتزم استئناف نشاطها هناك في أقرب وقت ممكن. لكن المحللين يتشككون في امكانية ظهور اقبال كبير على الاستثمارات الضخمة المطلوبة لزيادة الانتاج بسرعة. وقال محللون انه على رغم تطلع الشركات للفرص الجديدة في ليبيا، الا أن الكثيرين تساورهم الشكوك في شأن احتمالات اكتشاف حقول كبيرة كما انهم لا يتوقعون الكثير من خطط اعادة تطوير الحقول القائمة. وقال كيبيس عن احتمال عودة المستثمرين الاميركيين الى ليبيا بعد انتخابات الرئاسة الاميركية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل:"يمكننا توقع مكاسب كبيرة لرؤوس الاموال الجديدة ... لكن الامر ليس كما لو كان هناك 400 الف برميل يومياً تنتظر من يأتي ويضغط على الزر لتخرج". الشركات البريطانية ووقعت"رويال داتش/شل"أول من أمس اتفاق شراكة استراتيجية على المدى الطويل في التنقيب وانتاج النفط والغاز بمناسبة زيارة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير التاريخية الى ليبيا. واعلن بلير ايضاً زيارة وفد يضم رجال اعمال بريطانيين الى طرابلس مطلع نيسان ابريل المقبل و"التوقيع قريباً على اتفاق كبير بين ليبيا ومجموعة"بي أي إي سيستمز"للصناعات الطيران والدفاع التي قالت ان المفاوضات لا تزال في"مرحلة تمهيدية وتشمل البنى التحتية لصناعات جوية، مشددة على ان المحادثات لا تشمل مجال الدفاع". وتسير شركة الطيران البريطانية"بريتيش ايرويز"ثلاث رحلات جوية بين لندنوطرابلس منذ اعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين عام 1999. وقال ناطق باسم شركة الطيران البريطانية ان هذه الرحلات المنتظمة تقررت لأن ليبيا سوق كبيرة لرحلات العمل وسوق محتملة للسياحة. ومن الصعب العثور على اثر لشركة بريطانية كبيرة في ليبيا، اذ غادرت المجموعات النفطية الكبيرة هذا البلد بعد تأميم قطاع النفط مطلع السبعينات. وكانت"شل"اجرت عمليات تنقيب في البحر نهاية الثمانينات لم تفض الى نتيجة على ما افاد ناطق باسم هذه المجموعة الانكليزية-الهولندية. وخفضت المجموعة عندها وجودها في ليبيا تدرجاً وصولاً الى انسحابها الكامل منها عام 1992. وغادرت شركة النفط البريطانية"بريتيش بتروليوم"بي بي ليبيا بعد التأميم مباشرة. وليس لدى المجموعة اي نية للاستثمار حالياً في هذا البلد. وقال ناطق باسم"بي بي":"نحن بالطبع على اطلاع على التغييرات التي يشهدها هذا البلد لكننا لا نبذل جهداً خاصاً في اتجاه ليبيا". وتفيد الارقام الرسمية البريطانية ان ليبيا هي الشريك التجاري الثامن والخمسون لبريطانيا على المستوى الدولي. وبلغت قيمة الصادرات البريطانية الى هذا البلد 241.1 مليون جنيه استرليني 438 مليون دولار عام 2003، بارتفاع نسبته 12في المئة مقارنة بالعام السابق. وتصدر لندن خصوصا التجهيزات والاجهزة في مجال الكهرباء والطاقة فضلا عن سلع طبية وادوية. وتبيع مجموعة"غلاكسو سميث كلاين"الى ليبيا ادوية، خصوصاً في مجال معالجة مشاكل التنفس عبر وكيل محلي"لكن ليس لديها اي وجود حسي في هذا البلد"، حسب ما اوضح ناطق باسم مجموعة صناعة الادوية هذه. وتقر مجموعة الاشغال العامة"اميك"، التي فازت اخيراً بعقود كبيرة في العراق، بوجود محدود لها في ليبيا. وقال ناطق باسم المجموعة:"لدينا استثمار صغير في مجال اختبار خطوط انانيب نقل النفط". واوضح ان لا يوجد ل"اميك"سوى"حفنة من العاملين"في ليبيا، مشدداً في الوقت نفسه على ان هذا البلد"يوفر فرصاً كبيرة ونحن ندرك ذلك جيداً".