هددت احدى المرجعيات الشيعية في العراق باللجوء الى حشد غالبية الثلثين من سكان ثلاث محافظات لتعطيل العمل بالنظام الفيديرالي إذا أصر الاكراد على عدم الغاء الفقرة "ج" من المادة 61، من قانون ادارة الدولة الموقت الذي أقره مجلس الحكم الانتقالي في العراق، مطلع الشهر الجاري. وقال الشيخ يوسف الكناني، ممثل "جماعة الفضلاء" المنبثقة عن مكتب آية الله السيد محمد اليعقوبي، أحد التيارات الشيعية المعتدلة الداعية إلى الاصلاح، ل"الحياة": "المرحلة الانتقالية تعني أن تكون قوانينها انتقالية، لكن أن تبرم اتفاقات تلزم الحكومات المقبلة بقوانينها، فهذا غير مقبول ويجب حصر نفاذ قوانين الحكومة الانتقالية بالفترة الانتقالية دون غيرها"، مشيراً إلى أن الفقرة "ج" إنما تهدف إلى مصادرة رأي الغالبية وفرض اجماع على مطلب واحد لا يمكن تحقيقه، "ما يوجب إلغاء الفقرة المذكورة وعدم التفكير بتعديلها"، وقال: "أزمة الثقة التي نعيشها تدفع الجميع إلى التفكير باستخدامها، لأنها تؤثر في بنود الدستور الدائم". وأكد أن الجميع يؤيد موقف المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، الرافض استقبال مبعوث الاممالمتحدة السيد الأخضر الابراهيمي، ما لم تتعهد الاممالمتحدة بموقف لا يفضي إلى دعم قانون إدارة الدولة الموقت في مرحلة لاحقة. وشبه القانونيون في مؤتمر عقده "مجلس رعاية حقوق الدفاع القانوني في بغداد"، أمس، قانون الدولة الموقت "بفرض إرادة على إرادة"، في اشارة إلى الحقوق الممنوحة للأكراد والتي تمكنهم من تعطيل أي قانون بموجب الفقرة "ج" من المادة 61، إضافة إلى منح الفيديرالية السياسية لاقليم كردستان، والتي تعطيهم حقوقاً وامتيازات في السلطة والتشريع تفوق بكثير ما تمنحه اللامركزية الادارية المعطاة لبقية المحافظات. وقال الحقوقي حميد خضر ل"الحياة": "هناك مغالاة في ما يتعلق بالفيديرالية السياسية لاقليم كردستان تصل أحياناً حد اقرار دولة منفصلة داخل دولة كبيرة"، في اشارة واضحة إلى المادة الرابعة من الدستور الموقت التي تكرس الندية بين نظام اقليم كردستان ونظام المحافظات الاخرى التي عكسها استخدام مفردة "اتحادي" الموصية بدمج دولتين منفصلتين بدولة واحدة. ووصف العبارات التي صيغت بها نصوص المواد ب"الفضفاضة والعمومية". وقال إن الفقرة التي تمنع تشكيل ميليشيات مسلحة أو جيش لا يخضع لسيطرة الحكومة الاتحادية لم تكن قطعية، ما يدل على النية في مجاملة هذا الطرف او ذاك على حساب المصلحة العامة، وانتقد بشدة المادة 58/أ2 من القانون الموقت التي تعطي الأكراد الحق بطرد العرب والتركمان وترحيلهم من منطقة كردستان وكركوك، ما يتعارض وحقوق الانسان في السفر والتنقل واختيار المنزل. وذهبت بعض الآراء القانونية خلال الندوة إلى أن بنود القانون الموقت لإدارة الدولة في المرحلة الانتقالية تتناقض في ما بينها وتتضارب أحياناً، إذ تعطي أولوية لقضية يمكن تجاوزها بسهولة على حساب قضية أخرى قد تكون مصيرية. وأكدت الخبيرة القانونية آلاء البجاج ل"الحياة" أن "مجلس الرئاسة سلطة تنفيذية لا قضائية وبالتالي فلا يحق له تعيين قضاة المحكمة الاتحادية كما هو منصوص عليه في الدستور الموقت ما يتعارض ومبدأ الفصل بين السلطات". وأشارت إلى الدعاوى التي تنظر بها المحكمة الاتحادية وهي على نوعين: الاول، دعاوى التنارع المكاني التي تكون بين الحكومة الانتقالية وحكومات الاقاليم وإدارات المحافظات والبلديات والادارات المحلية. والثاني، دعاوى عدم دستورية قانون ما أو تعليمات أو أجراء. وقالت: "دعاوى النوع الثاني أكثر أهمية من النوع الاول إلا أن القانون الموقت لا يوليها الاهتمام اللازم على رغم أنها تتعلق باجراء مخالف للدستور"، في اشارة إلى أن دعاوى التنازع المكاني التي يستلزم إصدار قراراتها غالبية الثلثين، بموجب الدستور الموقت، "يمكن الاتفاق على مخالفتها بموافقة الطرفين"، استناداً إلى القاعدة القانونية التي تنص على أن "التنازع المكاني ليس من النظام العام". وأكد موفق الربيعي، عضو مجلس الحكم الانتقالي، تعقيباً على ما طرحه الباحثون والحضور أن قانون الدولة الموقت "قانون ملزم للجميع سواء رفضوه أو قبلوا به"، واصفاً القانون ب"التحالف الوطني السياسي المذهبي والقومي". وأوضح أن الفتور الذي أعقب عملية توقيع القانون وكثرة الانتقادات التي تصاعدت لفقراته، قد يكون مردها عدم تلبية الفريق المفاوض طموح ممثليه، الأمر الذي يقابله انعدام الدعم الشعبي الكافي لهذا الفريق، في اشارة إلى اعضاء مجلس الحكم الشيعة ال12 الذين أعقبوا توقيعهم لوثيقة الدستور الموقت في الثامن من آذار مارس الجاري ببيان يعلن تحفظهم عن بعض الفقرات. ودعا الربيعي الجميع إلى رفع شعار "نأخذ الذي نعطى ونطالب بالأكثر".