تخيفني وتقلقني، انا المواطن اللبناني العربي، مثلما تخيف وتقلق غالبية المواطنين في بلداننا العربية، كثرة المشاريع الآتية الينا من الخارج، حاملة معها أفكاراً ومبادرات واقتراحات ترمي - تدّعي انها ترمي - الى اصلاح ما هو سائد في بلداننا ومتخلف وفاسد ومقيد للحرية ومعيق للتقدم. ولا ينحصر الخوف والقلق في كون اصحاب هذه المشاريع هم أسياد العالم الذين يسعون لتوسيع هيمنتهم على مصائر الشعوب بكل الوسائل، بما في ذلك بالتدخل العسكري. بل ان الاكثر اثارة لذينك الخوف والقلق يتمثل في امرين: الامر الاول هو ان المعطيات التي يستند اليها هؤلاء مأخوذة بالكثير من تفاصيلها من واقعنا السائد بالذات، من دون تزييف او تشويه. وهي معطيات تحفل بها تقارير باحثين محلفين من بلداننا، وضعوها بهدف الكشف عن حقائق حرصت انظمتنا على اخفائها عن شعوبنا وعن العالم ردحاً من الزمن. الامر الثاني هو ان التغيير الذي تعذر تحقيقه من داخل بلداننا، وبالتحديد من القوى حاملة مشاريع التغيير، بسبب ضعف هذه القوى واستبداد تلك الانظمة، تتصدى لتحقيقه، اي هذا التغيير - نيابة عن شعوبنا! - بالسياسة وبالثقافة وبالهيمنة وبالخداع، وبالسلاح عند الضرورة، القوى الطامعة بالاستيلاء على مقدرات بلداننا المهدورة، توسيعاً وترسيخاً لهيمنة الرأسمال المعولم على مصائر الشعوب كلها، وذلك باسم تحديث بلداننا وتحريرها من التخلف والفساد والاستبداد، وإدخالها عنوة في وحدة العالم القائمة وفي تحولاته الكبرى الجارية. هذا الواقع الخطير، بجانبيه الداخلي والخارجي، انما يلح عليّ - وعلى الراغبين بالمعرفة - بطرح السؤال المشروع الآتي: ألم يحن بعد الوقت لكي تخرج بلداننا، بقواها الذاتية وليس بالتدخل الخارجي، من حالة سبات وخمول طال امدها الى الحرية، من اجل امتلاك المعرفة، اولاً وقبل كل شيء، المعرفة، بما هو قائم وسائد في بلداننا من تخلف، وامتلاك المعرفة بالتالي بما هو قائم وجار في العالم من تحولات في الاتجاهين النقيضين؟ وإذ اطرح السؤال في هذه الصيغة بالذات فلأنني ادرك، ويا للأسف، ان الشروط الذاتية لم تنضج بعد في بلداننا للدخول في مرحلة الوعي بما نحن فيه والوعي بما نحن مساقون اليه سوقاً، بفعل الاحداث والوقائع والتطورات، منفعلين بها، عاجزين عن ممارسة الفعل، اي فعل، في الاتجاه الصحيح، إلا في استثناءات محدودة. غير ان الإقرار، هكذا وببساطة، بأن الشروط لم تنضج لخروج بلداننا من واقعها الآسن، إنما يشكل بذاته إدانة شاملة لكل القوى، من دون تمييز، وان بنسب متفاوتة، سواء تلك التي هي في مواقع السلطة، ام تلك التي هي في مواقع الاعتراض على السلطة. وغني عن التأكيد بأن انتماءنا الى العالم، وهو انتماء موضوعي، يجعلنا، بالضرورة، جزءاً من تحولاته، ومن مجمل الظاهرات التي تنشأ فيه وتبرز، باتجاهاتها المختلفة المتناقضة. على ان انتماءنا هذا الى العالم كان يحصل في كل الازمنة. لكنه اصبح في القرن الماضي، ويصبح اليوم، اكثر وضوحاً. غير ان ثمة فارقاً كبيراً في انتمائنا الى العالم، بين ما كان عليه الحال في القرن الماضي وبين ما هو عليه الحال في القرن الجديد، الذي كانت قد بدأت ملامحه تتكون في العقدين الأخيرين من القرن الماضي. فالقرن العشرون كان محكوماً بقطبين وبنظامين متصارعين متنافسين في كل ما يتصل بقضايا الحياة في جوانبها المتعددة، المادية والروحية، هما النظام الرأسمالي القديم والنظام الاشتراكي الجديد، بزعامة كل من الولاياتالمتحدة الاميركية والاتحاد السوفياتي. وبانهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية المرتبطة به تغير الواقع العالمي في صورة كاملة. ولست ارى انني بحاجة الى التأكيد بأن عالم اليوم هو عالم شديد التعقيد. وتشكل العولمة الرأسمالية ابرز علامات تحديده وتحديد عناصره وتحديد اتجاهات تطوره وتطور مصائر البشرية معه. وصار من الطبيعي والضروري، اكثر من اي وقت سابق، ان تبدأ عملية النهوض في بلداننا، عندما تتوافر شروطها، بتحديد فهمنا لعالم اليوم ولظاهراته كلها، لا سيما الظاهرة المتمثلة بالعولمة الرأسمالية. وهي ظاهرة لم تستكمل بعد جميع عناصر تكونها. اذ ان عملية تطورها ما تزال في مرحلة تحديد اشكال ومضامين ووسائط استمرارها واستقرارها النسبي، وما تزال في مراحل توليد مفاهيمها وعلاقاتها وقيمها الجديدة. وهي في اي حال ظاهرة قديمة تعود في جذورها الى المرحلة التي اعقبت الثورة الصناعية، الثورة التي يشكل القرن التاسع عشر بداية التحول التاريخي الحقيقي فيها ومعها. ولذلك فهي، من الناحية التاريخية، ظاهرة موضوعية. والموضوعي فيها يتمثل في الميل التاريخي لاتصال العالم بعضه ببعض، وصولاً الى ما بات يعرف بالقرية الكبيرة التي تعج بالجديد المذهل من التقدم في مجالاته المختلفة المتمثل بالمنجزات العلمية والتقنية وبأوتوسترادات المعرفة. وهو تقدم يعبّر، في الوقت عينه وفي شكل تناقض حاد، عن طموح الإنسان لتحسين حياته، من ناحية، وعن استخدام الرأسمال لهذا التقدم في استنباط وسائل جديدة لممارسة القهر والاستغلال ضد الأكثرية الساحقة من البشر في حياتهم المادية والروحية، من ناحية ثانية. وواضح من مجرى حركة التاريخ هذه ان العامل الرئيسي الذي سرّع في عملية توحيد العالم في صيغتها الراهنة هو الرأسمال، الذي كانت ولا تزال حركته ونزعته نحو التوسع هي المحرك الأساسي للتطور، بما في ذلك بالحروب الصغيرة والكبيرة، المحلية والعالمية، التي خيضت ولا تزال تخاض بوحشية تدمر البشر والحجر، وتدمر الكثير من الخيرات المادية وتدمر بعضاً من معالم الحضارة، وتهدد الكوكب الأرضي بالاحتراق. وإذا كان الجانب المتعلق بالمنجزات العلمية هو الجانب الإيجابي الذي يمثل التقدم العامل للبشرية، ويهيئ من الناحية الموضوعية، الشروط لإقامة علاقات انسانية بين الشعوب والأمم تساعد في تحررها وتقدمها، فإن الجانب المظلم المرافق لهذا التطور يتمثل في ان الرأسمال هو الذي يتحكم بالمنجزات العلمية وبالعلاقات التي تتولد منها، ويتحكم بالصيغة التي تجرى فيها عملية توحيد العالم. وهي، كما اشرت الى ذلك، صيغة يتحدد جوهرها في تغييب المصالح العامة للبشر كجنس وكجماعات وأفراد، في حياتهم وفي طموحاتهم الى الحرية والتقدم والعدالة. إلا ان هذا الجانب المتوحش من تطور الرأسمالية ليس جديداً. بل هو كان قائماً بقوة حتى في الحقبة الطويلة التي كان العالم فيها مقسوماً بين معسكرين، ويقوده قطبان هما النظام الرأسمالي القديم والنظام الاشتراكي الجديد. وقد كان الرأسمال المعولم مهيمناً، حتى في زمن الحقبة السوفياتية. وبالطبع فقد ازداد هيمنة وعدوانية وظلماً في المرحلة التي اعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي. إذ خلا المكان لهذا الرأسمال، بقيادة الولاياتالمتحدة الأميركية، في واحدة من اكثر مراحله تطوراً، هي المرحلة التي تغير فيها الكثير من اشكال العلاقات والتعاملات، وتغير فيها الكثير من المفاهيم. فقد تحوّل هذا الرأسمال الى قوة عابرة للدول والقوميات، قوة ذات استقلالية شبه مطلقة. فازدادت شهيته لاستخدام كل وسائل وأدوات السيطرة بما فيها الحروب. كان من الطبيعي ان تكون منطقتنا، منطقة الشرق الأوسط، وبلداننا العربية جزء اساسي منها، واحدة من اكثر مناطق العالم استهدافاً من قبل اسياد العالم الجدد، باسم الرأسمال المعولم الفالت من عقاله. فهي منطقة كبيرة بعدد سكانها وبمساحتها، وغنية بثرواتها الطبيعية، ومحكومة في شكل قسري متواصل بأنظمة استبداد صادرت الحياة العامة في بلدانها، وصادرت إرادات شعوبها، وعطلت الطاقات الحية فيها، وبددت ثرواتها بالفساد، وفاقمت التخلف فيها. وتحولت بلدان هذه المنطقة للأسباب المشار إليها الى بلدان ضعيفة، الأمر الذي سهّل على الطامعين شهوتهم في اقتحامها بالضغط السياسي والاقتصادي وبالعدوان وبالحروب التي لم تنته فصولاً. غير ان هذا التدخل الخارجي بصيغه المختلفة في شؤون بلداننا وضد مصالحها في التحرر والتقدم، إنما جاء، في الأزمنة المختلفة، تحت شعار تحديث هذه البلدان وإدخالها عنوة الى عالم هي جزء منه وتتمرد على الدخول فيه ضد القوانين الموضوعية لحركة التاريخ! وعلى رغم ان الغاية من هذا التدخل ليس التحديث، بل فرض الهيمنة على بلداننا، إلا ان علينا ان نعترف بأن شعار التحديث والديموقراطية هو شعار حقيقي بالنسبة إلينا. فإذا نحن عجزنا عن التعامل معه والسعي لتحقيقه كجزء من مهمة داخلية تتمثل بإخراج بلداننا من التخلف والاستبداد والظلامية، وكجزء من مهمة خارجية تتمثل بتعميق انتمائنا الى العالم، فإن الرأسمال المعولم المهيمن، الذي يتوحد العالم تحت رايته وأفكاره ومفاهيمه وقدراته السياسية والاقتصادية والعلمية والعسكرية في الوقت الراهن، يتدخل، من دون استئذاننا واستناداً الى عجزنا، ليفرض علينا بالقسر، ودائماً لمصلحته، الانخراط في هذه العملية القيصرية. هنا بالذات تبرز المخاطر التي نعيش التباساتها، لا سيما في العقدين الأخيرين. وتتجسد هذه الالتباسات في ظاهرات لم نعرف بعد كيف نتعامل معها. واحدة من هذه الظاهرات تتمثل في الربط عند الناس العاديين، الى حدود الدمج، بين مظاهر التقدم التي تشكل الجانب الإيجابي في العولمة، الجانب المتمثل بالمنجزات العلمية وبالاتجاه الموضوعي نحو وحدة العالم، التي تهيئ الشروط لصنع التقدم، من جهة، وبين العدوان الذي يأتي الى بلداننا من العالم الرأسمالي ومن سادته والمتحكمين به والمهيمنين على القرارات فيه، من جهة ثانية، وكان من النتائج المباشرة لذلك الالتباس نشوء حال عامة من العداء عند كثرة من شعوبنا ضد الغرب بعامة، باسم الدفاع عن الهوية القومية والدينية. كما كان من نتائجه الدخول في حديث غريب عن صراع حضارات، وحديث، بالمقابل، عن حوار حضارات. علماً ان الحديث عن كل من الصدام والحوار هذين بين الحضارات هو في ضوء وقائع العصر، حديث خارج الموضوع الحقيقي. ذلك ان ثمة حضارة سائدة اليوم في العالم، تولدت من التطور التاريخي الموضوعي للعالم خلال القرون السابقة كلها، لا سيما خلال القرنين الماضيين، وخلال القرن العشرين على وجه التحديد. وإذا كان ثمة صراع جزئي مفتعل، وإذا كان ثمة حوار حقيقي، فهو، هنا وهناك، صراع وحوار بين الثقافات وليس بين الحضارات. بل هو، في جوهره، تفاعل موضوعي بين هذه الثقافات يهدف، من حيث المبدأ، الى تحقيق التقدم للبشرية، وإلى اعطاء محتوى إنساني حقيقي للحضارة العالمية الواحدة. إلا ان الالتباس الأكبر، الذي تفاقمت مظاهره، إنما يتمثل في المفهوم الخاطئ والمشوه للهوية، بمعنى الخصوصية القومية والثقافية والدينية. وتبرز مظاهر الخطأ والتشوه في مفهوم الهوية في شكل عام، في ربطها بالقشور والطقوس التي تتكون في شروط ومراحل تاريخية، وتعطى، في شكل تعسفي، طابع الثبات والاستقرار، ضد طبيعة الأشياء، وضد التحولات التي تحصل عند الشعوب في اختلاطها ببعضها بعضاً في مجرى حركة التاريخ. ويجري الاستناد الى هذه القشور والطقوس من تقاليد الماضي كصيغة للحضارة القومية او الدينية او الثقافية، في مواجهة الحضارة الكونية وتعارضاً تاماً معها، بحجة الدفاع عن نقاء هذه الهوية وعن صفائها اللذين يعطيان صفة الديمومة. وإذ تعبر هذه الظاهرة عن تخلف عند الشعوب التي تتمسك بها، فإنها تعبّر عند بعض المهووسين من امثال بن لادن والبنلادنيين عن تشويه متعمد لمفهوم الهوية لأغراض لا تمت بصلة الى اي من الشعارات التي يطلقونها. بل هي تتعارض مع هذه الشعارات ومع قيم الدين الإسلامي الذي يدّعون النطق باسمه، ويرتكبون جرائمهم التي تصح عليها بحق صفة الإرهاب. ويقدمون بذلك مبررات لمن ليسوا بحاجة الى مبررات لشن حربهم بكل اشكالها وأكثرها بشاعة ووحشية ضد شعوبنا. وهو ما يتمثل في حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. كما يتمثل في حرب التدخل الأميركية - البريطانية ضد العراق واحتلاله. وغنيٌّ عن التأكيد، في قراءتي لمجرى حركة التاريخ وفي فهمي له، بأن منطق هذه الحركة، من ناحية، والمصالح العامة لشعوب العالم، من ناحية ثانية، انما يقضيان بألاّ تنغلق الشعوب على هوياتها الثقافية والقومية. بل ان المفترض بهذه الشعوب، ومنها شعوبنا العربية بوجه خاص، ان تندمج بالعصر وتتفاعل في ما بينها، وتغني بعضها بعضاً، وتجدد هوياتها، وتسهم، في تفاعلها هذا وفي تجددها وارتقائها، في تعظيم وتعميق الجانب الإنساني المفترض لوحدة العالم، على حساب وضد الجانب المظلم والظالم لهذه الوحدة المحققة، الجانب الذي يسعى الرأسمال المعولم لجعله مستقبل العالم ومصيره المحتوم. ومن المؤكد في هذه الحال ان هويات جميع الشعوب، ومن بينها هويات شعوبنا، التي تعبر عن ثقافاتها وعن خصوصياتها، لا يمكن ان تبقى هي ذاتها في كل زمان ومكان. بل هي تخضع بصورة دائمة للتجديد والاغتناء من كل ما تقدمه تجارب هذه الشعوب ذاتها وتقدمه تجارب التاريخ. نحن، اذاً، في مواجهة هذه الحقبة من تطور ظاهرة العولمة الرأسمالية، امام اشكاليات لا بد لنا من ان نتوقف عندها بكثير من الهدوء، بكثير من الصفاء، وبالحذر الشديد من إطلاق الأحكام. وتتلخص هذه الإشكاليات، في نظري، في كيفية الربط بين جملة الظاهرات التي تبرز في منطقتنا في هذه الحقبة من تطورها وتطور العالم، كأمر ضروري. إذ ان هذه الظاهرات إنما تتوالد بعضها من بعض. لكن الربط بينها لا يرمي الى تبرير اي منها بوجود اخرى سابقة عليها او مرافقة لها او مولدة لها او متولدة منها. بل هو يهدف الى محاكمة الوقائع والأحداث بترابطها، وليس بالفصل المصطنع بينها، وذلك تجنباً للوقوع في التعسف في الأحكام. وفي رأيي فإن السبب الأساسي الداخلي في ولادة وتطور الظاهرات السلبية المشار إليها في بلداننا انما يعود الى ان هذه البلدان تواجه، منذ نصف قرن، لا سيما في العقود الثلاثة الأخيرة، ظاهرة الاستبداد التي تتمثل في الأنظمة القائمة السائدة. وهي انظمة عطلت عناصر الحياة والتطور والتقدم في بلداننا، وعطلت عناصر المقاومة عند شعوبنا وعند حركاتها الوطنية في مواجهة العدوان القادم إلينا من الخارج. ويرتبط بهذه الظاهرة ضعف القوى الديموقراطية حاملة مشاريع التغيير والتحديث، المشاريع التي تهدف الى وضع بلداننا في موقع متقدم محصّن، ولو جزئياً، في مواجهة تلك النزعة التوسعية التسلطية للعولمة الرأسمالية. وفي ظل غياب هكذا حركة جامعة لمشاريع التغيير والتحديث تحولت بلداننا الى مرتع للأفكار الماضوية الرجعية، التي افادت منها الأنظمة الاستبدادية واستندت إليها لتأييد سيطرتها. وتحاول ان تستفيد منها اليوم قوى التدخل الخارجي، باسم ادخال بلداننا في التحديث والديموقراطية. أعود، في ضوء ما تقدم، الى طرح السؤال حول كيفية خروج بلداننا من الواقع الآسن الذي تعيش فيه، اي من حال السبات والخمول والتخلف والاستبداد، والدخول في العصر وفي تحولاته من باب الحرية والتقدم في مجالاتهما كافة، وذلك من اجل مواجهة ناجحة لأشكال التدخل الخارجي في شؤوننا التي تتخذ اسماء ومشاريع وأهدافاً حقيقية وخادعة في آن، من نوع ما حمله مشروع الشرق الأوسط الكبير وغيره من المشاريع. ذلك ان التصدي لتلك المشاريع التي تحمل شعار التحديث، وهو شعار صحيح، لن يقينا من النتائج التي ستخلفها تلك التدخلات بأشكالها المختلفة، ولن يحررنا مما نحن فيه من واقع متخلف يزداد تخلفاً وتزداد نتائجه على مجمل حياتنا تدميراً. لا بد، اذاً، من تغيير حقيقي لكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هو: اي نوع هو هذا التغيير الذي تحتاج إليه بلداننا؟ ومن هي القوى المؤهلة للاضطلاع بتحقيقه؟ * كاتب لبناني.