عاد إلى وطنه بالروح وليس بالجسد وبإبداعه الروائي البديع... انه عبدالرحمن منيف، الذي رحل في دمشق في 24 كانون الثاني يناير 2004. يروج اسم عبدالرمن منيف في السعودية، ويقام لقاء حول حياته وأدبه في ندوة تعقد أسبوعياً في الرياض صباح كل خميس وهي ندوة "خميسية الجاسر" ويغلب عليها أساساً الطابع التراثي. من المعروف أن منيف لم تكتب عنه أي دراسة نقدية جادة في السعودية، ولم تنشر أي مطبوعة سعودية - على كثرتها - ملفاً أدبياً عنه على رغم الشهرة العريضة التي حازها في الوطن العربي. وموسوعة الأدب العربي السعودي الحديث لم تشر إليه من قريب ولا من بعيد. ويبرر الكاتب منصور الحازمي رئيس لجنة الموسوعة، ومعد الجزء الخاص بالرواية السعودية فيها والذي حضر الندوة، أن منيف يعد من "المهجريين" أي من أدباء المهجر مثل ايليا أبي ماضي وجبران خليل جبران وغيرهما، على رغم إقامته في بغدادودمشق! شارك في الندوة كاتبان التقيا منيف أكثر من مرة خلال إقامته في دمشق وهما محمد القشعمي، وأحمد الدويحي. وأدار اللقاء الكاتب عبدالله الكعيد، وحضره عدد كبير من المثقفين والباحثين والأدباء السعوديين. تحدث القشعمي عن علاقته بمنيف راصداً أولاً سيرته الذاتية وأعماله. وأشار إلى تأليفه كتاباً عن منيف عنوانه: "ترحال الطائر النبيل" وفيه يرصد أعمال منيف في شكل ببليوغرافي. وألمح إلى أن علاقته بمنيف بدأت قبل عشرين عاماً حيث بدأ في قراءة أعماله وجمعها: "قابلته في دمشق وتعرفنا بعضنا الى بعض، وتعمقت علاقتنا وكان شغوفاً بالتعرف الى الأدب والثقافة في السعودية". وبيّن القشعمي أن عدد الدراسات التي كتبت عن عبدالرحمن منيف تربو على 300 دراسة وشهادة، ولم يكتب عنه في المملكة سوى بضعة مقالات قصيرة وأصحابها: راشد الشمراني، عبده خال، الدبيسي علي الدميني، عايل فقيهي. ونوقشت عنه رسالة دكتوراة للباحث صالح إبراهيم بعنوان: "أزمة التطور الحضاري في روايات عبدالرحمن منيف". أما الروائي أحمد الدويحي فقدم ورقة بعنوان: "عبدالرحمن منيف: مياه كثيرة مرت تحت الجسر" وفيها قدم القيمة الفنية لروايات منيف الذي "تحفظ له ذاكرة المشهد الروائي العربي بامتياز الرواية التي أسست عالمه الروائي "الأشجار واغتيال مرزوق" والممتدة كحالة ثقافية عربية". ويركز الدويحي على "مدن الملح" و"أرض السواد"، ويستعرض آراء كثيرة لمنيف كان ذكرها في حوار أجراه الدويحي معه. وأشار الدويحي إلى أن منيف جاء من السياسة الى الأدب، ولقي نتاجه الروائي صدى مهماً في أوساط الثقافة العربية والعالمية، وألمح إلى أن المثقفين السعوديين وقفوا موقفاً سلبياً تجاه منيف "علماً أن القيادة السياسية في هذا البلد كانت أكرم منهم جميعاً تجاهه بعد موته". وأثار الدويحي مسألة عودة منيف إلى السعودية وقال إنه دار حديث حول عودته خصوصاً بعد موافقة القيادة السياسية على تلك العودة، لكن الأمر لم يتم. وقاطع القشعمي الحديث موضحاً أن العودة لم تتم لأنه "طلب من منيف أن يحصل على تأشيرة دخول إلى السعودية"، ورفض ذلك بالقول: "إذا كنت سعودياً كيف يطلب مني الحصول على تأشيرة؟". وتحدث في اللقاء الكاتب إبراهيم العواجي، وماجد المنيف من عائلة الروائي ومنصور الحازمي، وسفيان الحسن، ومحمد المحيسن وسواهم. ودارت المداخلات حول أدب منيف وما يمثله في الثقافة العربية عموماً والسعودية خصوصاً. وطرحت أسئلة عدة مثل: لماذا أحجم المثقفون عن ذكر منيف؟ هل جنسيته عراقية أم سعودية؟ وكشف المشاركون أن منيف من أسرة نجدية في وسط السعودية، وهو من "العقيلات" إحدى القبائل العربية، وتمنى بعض الحضور أن يرد اليه اعتباره وأن يطلق اسمه على إحدى الكليات أو أحد الشوارع في الرياض.