منع الدكتور مدكور ثابت الرقيب المصري الذي اتسم بسعة الأفق ووعد بتوسيع مساحة الحريات للإبداع المغنية اللبنانية فيروز من الغناء في مصر تحت لافتة براقة هي حماية المتلقي المصري. هذه ليست مزحة لكنها إشارة كاشفة لمعركة مثيرة يخوضها رئيس الرقابة على المصنفات الفنية في مصر ضد ما سماه "مافيا حقوق الملكية الفكرية" وهي المعركة التي أطاح فيها ثابت بألبوم غنائي للمطرب محمد فوزي كان سبق له الموافقة عليه، كما رفض ترخيصاً بالرقص لنجلاء فتحي وسوسن بدر ومنة شلبي وهند أبو السعود. وفتحت أزمة تراخيص الرقص الممنوعة في الرقابة الباب لمعركة شرسة مع أكثر من 1000 راقصة اعتبرن ما تمارسه الرقابة معهن تعنتاً وتجاوزاً في استخدام السلطات وتضييقاً في لقمة العيش، وذلك فضلاً عن غضب اصحاب الملاهي. وكان ثابت فوجئ بطلبات منح تراخيص بالرقص في الفنادق والملاهي الليلية لأسماء نجمات لامعات يتمتعن بصدقية لدى الجماهير، الأمر الذي أزعجه، وباطلاعه على الملفات تصل إلى 100 ملف أسبوعياً اكتشف أنها اسماء "شهيرة" لراقصات غير معروفات يحاولن القفز إلى النجومية من خلال اسماء شهرة تشبه أسماء النجمات الشهيرات. والمشكلة وفق ما قال ثابت ل"الحياة" متكررة والأسماء التي اعتادت الرقابة مواجهتها هي يسرا وسهير رمزي ولوسي. وفي الأيام الأخيرة قفز إلى رأس القائمة اسم النجمة الشابة منة شلبي بعد الضجة الإعلامية التي أحدثها فيلمها "الساحر"، وقد ضرب اسم الفنانة نجلاء فتحي الرقم القياسي في تكراره، ويمثل ذلك الاسم إشكالية خاصة لدى الرقيب، اذ يمثل لمعظم المتقدمات للحصول عليه كاسم فني لهن الاسم الحقيقي في شهادة الميلاد، الأمر الذي يصبح معه من حقهن استخدامه قانوناً، ويفسر الدكتور ثابت ذلك الأمر بأن معظم المتقدمات ولدن في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن وهي الفترة التي شهدت قمة نجومية الفنانة نجلاء فتحي، وشاع في تلك الفترة استخدام اسم نجلاء للمولودات الجدد، خصوصاً إذا كان اسم الأب فتحي. آخر الطلبات التي رفضت الرقابة الترخيص لها كانت لحنان التي اختارت اسم الشهرة الفني لها حنان فيما أصرت الرقابة على تغييره أو إضافة اسم ثان بجوار الاسم الفني وبررت ذلك بحماية الاسم الفني للمطربة المعتزلة حنان ورفضت الرقابة الترخيص لثلاثة طلبات باسماء هند أبو السعود على رغم أن بينهن طلباً لراقصة تحمل الاسم الحقيقي نفسه، وهو ما حدث مع المطربة اللبنانية المغمورة فيروز التي أصر الدكتور ثابت على إضافة اسم ثان أو اجراء تعديل على الاسم الفني قبل الترخيص لها بالغناء في مصر، وهو ما واجهته مطربة مصرية مغمورة اضطرت لاستخدام الاسم الثاني إلى جوار اسمها فيروز. ظاهرة استخدام الاسماء الفنية لم تقف عند حدود النجمات فقط لكنها قفزت أيضاً إلى النجوم، اذ رفض ثابت الموافقة على استخدام اسم النجم المصري أحمد زكي في الدعاية الفنية لأحد الملاهي الليلية الذي اعتمد على عازف ايقاع يحمل الاسم نفسه، ورفض السماح لمطرب شاب باستخدام اسمه الاصلي في الدعاية الفنية لأحد الكازينوات في وسط القاهرة لأنه يتشابه مع اسم النجم سمير صبري. لكن أغرب القرارات كان حينما حظرت الرقابة على المصنفات الفنية على مطرب شاب اصدار ألبومه الأول لأنه استخدم اسمه الاصلي محمد فوزي، في الدعاية الفنية، وذلك على رغم موافقة سابقة له على العمل في الفنادق والنوادي بالاسم ذاته، ويبرر الرقيب ذلك الأمر بأن أحداً لن يصدق أن محمد فوزي عاد للحياة إذا غنى المطرب بالاسم نفسه في أي مكان عام لكنه قد يختلط على المتلقي إذا تم ذلك في "كاسيت". ويعتبر ثابت أن حماية الاسماء الفنية للنجوم هي إحدى أهم أولوياته، مؤكداً أن الأسماء الفنية تمتلك شرعية حقوق الملكية الفكرية مثلها مثل العلامات التجارية، وأن التعامل معها باستهانة يعني الشراكة في خداع الجمهور الذي قد يدفعه فضوله إلى مشاهدة نجمته المحبوبة ترقص ثم يكتشف الخديعة بعد أن يكون خسر أمواله وهي بهذه الصورة تشكل أحد ملامح الغش التجاري، وذلك فضلاً عن ضرورة حماية اسماء نجومنا وتاريخهم من الاستخدام السيئ. يذكر أن الرقابة على المصنفات الفنية تواجه مشكلة الاسم الفني في أكثر من 50 في المئة من الطلبات المقدمة للحصول على تراخيص الرقص في المحلات، وهي تراخيص يجب أن تحصل عليها الراقصة كل عام وذلك وفق اشتراطات القانون، وغالباً ما تحاول بعض الراقصات ضمن تقاليع "النيولوك" استخدام اسماء شهرة جديدة لنجمات حققن "فرقعة" أو نجومية عالية بقصد الاستفادة من تلك النجومية في تحقيق رواج أكثر. وتبلغ متوسطات أعمار الراقصات 25 عاماً ولا يسمح القانون بالحصول على تراخيص الرقص لمن هن أقل من 21 عاماً، وتغلب على الراقصات المتقدمات للحصول على التراخيص الأمية، فمعظمهن من اسر فقيرة ومتسربات من التعليم الأساسي، وبعضهن حصل على الديبلومات الفنية.