شكلت خطة "فك الارتباط" التي طرحها رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون محور اتصالات ديبلوماسية مكثفة، صبّ معظمها في مصلحة الدعوة الى التمسك ب"خريطة الطريق" ورفض اي انسحاب اسرائيلي احادي الجانب من قطاع غزة من دون التنسيق مع السلطة الفلسطينية. في الوقت ذاته، قالت مصادر اسرائيلية وفلسطينية ان الانسحاب سينفذ منتصف السنة راجع ص 4 و5. وكشف شارون مساء أمس انه اقترح اقامة دولة فلسطينية "قبل 15 أو 16 سنة" في الوقت الذي كان فيه وزيراً في حكومة اسحق شامير. وقال للتلفزيون الاسرائيلي: "كنت وزيراً في تلك الحكومة، واقترحت آنذاك على زملائي الموافقة على اقامة دولة فلسطينية من خلال اقتسام الأراضي، لكن اقتراحي رفض". وأضاف: "لو قمنا بذلك آنذاك لكانت الأمور أسهل اليوم". وفيما أبدى الجانب الاميركي امس تحفظاً عن خطة "فك الارتباط"، اظهر الجانب الاسرائيلي تفاؤلاً بتحول في موقف واشنطن. اذ اعلن وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم بعد لقائه وفد "الترويكا" الاميركي وليام بيرنز وستيف هادلي واليوت ابرامز، ان الموقف الاميركي من خطة الفصل بات يتسم "بمزيد من الايجاببة"، مضيفاً انه طالب الوفد بتقديم "قائمة مطالب اميركية". لكن ناطقاً باسم الخارجية الاميركية اكد ل"الحياة" ان محادثات وفد "الترويكا" مع شالوم "حققت تقدماً على صعيد توضيح بعض النقاط"، ولكن "ما زالت هناك خلافات جدية على جدوى تنفيذ خطة الانسحاب في شكل احادي" بمعزل عن اتفاق مع السلطة الفلسطينية. واضاف: "من الصعب المضي في بحث فكرة لم تحظ بعد بتأييد مجلس الوزراء الاسرائيلي أو الكنيست، وثمة انقسامات واضحة لدى الجانب الاسرائيلي" ازاءها، مشيراً الى ان عدم وضوح الخطة منع نائب الرئيس الاميركي ريتشارد تشيني ووزير الخارجية كولن باول من دعمها عقب محادثاتهما مع وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز في واشنطن. ومن المقرر ان يتوجه شالوم الى العاصمة الأميركية للانضمام الى موفاز في بحث تفاصيل خطة الانسحاب، في حين اوفد الرئيس حسني مبارك مدير المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان الى واشنطن لطرح تحفظات مصر عن الخطة، خصوصاً الغموض الذي يحيط بها. وفي واشنطن ايضاً، حذر وزير الخارجية الاردني مروان المعشر مساء اول من امس من ان اي "انسحاب احادي الجانب" وخارج اطار "خريطة الطريق" يمكن ان يؤدي الى "كارثة" وفوضى في قطاع غزة. وعقد وفد "الترويكا" الاميركية امس اجتماعاً مع مسؤولين فلسطينيين في القدس، شدد على التمسك ب"خريطة الطريق"، وحل الدولتين بحسب رؤية الرئيس جورج بوش، وضرورة ان تكون اي خطوة اسرائيلية جزءاً من الخريطة. في غضون ذلك، واصل رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع محادثاته في باريس التي اكدت موافقته على نشر قوة فصل دولية في غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي. وكرر قريع الذي التقى وزير الخارجية دومينيك دوفيلبان، ترحيبه بخطة الانسحاب، مطالباً فرنسا بضمانات بأن تكون جزءاً من "خريطة الطريق". وفي نيويورك، اعرب الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان عن تطلعه الى "جدول زمني" لتنفيذ خطة شارون. واضاف في افتتاح جلسة "لجنة ممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية" ان الانسحاب من غزة "يجب ان ينظر اليه كجزء من عملية اوسع، وكخطوة انتقالية يمكنها انعاش جهود السلام في شكل يتواءم مع خريطة الطريق". واستدعت خطة شارون حواراً وطنياً فلسطينياً يتناول ادارة قطاع غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي منه. واعلن مسؤول في حركة "فتح" ان محادثات اجريت الاربعاء مع "حركة المقاومة الاسلامية" حماس ناقشت مستقبل المقاومة انطلاقاً من القطاع بعد الانسحاب، واحتمال مشاركة "حماس" في السلطة الفلسطينية. كذلك اعلنت "حماس" انها تبادلت الأفكار مع فصائل فلسطينية، من اجل صيغة متفق عليها للتعامل مع التحديات المستقبلية. ونفت مصادر فلسطينية انباء اسرائيلية افادت ان الفلسطينيين اشترطوا لموافقتهم على خطة شارون رفع الحصار عن الرئيس ياسر عرفات. وقالت ان السلطة مستعدة للتعامل ايجاباً مع الخطة، شرط ان تكون الانسحابات بالتوازي مع انسحابات مماثلة في الضفة الغربية، وفي اطار اتفاق مع الفلسطينيين يمهد لاستئناف المفاوضات من اجل انهاء الاحتلال وفقا ل"خريطة الطريق". وشددت المصادر على مطالبة السلطة المتواصلة برفع الحصار عن عرفات ك"تطور طبيعي للأحداث" ولضمان نجاح اي مفاوضات او اتفاقات.