فيما واصلت أوساط إسرائيلية وأميركية رسمية ادعاءها أن الاتصالات بين تل أبيب وواشنطن التي تشهد في الأسابيع الأخيرة زخماً غير عادي لا تعدو كونها تبادل أفكار حول خطة رئيس الحكومة الإسرائيلية ارييل شارون فك الارتباط مع الفلسطينيين وأنها ما زالت في طور البلورة، أكدت مصادر صحافية مطلعة أن مبعوثي شارون إلى واشنطن يحملان معهما خريطة معدلة لمسار "الجدار الفاصل" تتجاوب والتحفظات الأميركية من المسار الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية، آملين في الحصول على دعم أميركي رسمي لخطة فك الارتباط والانسحاب المتوقع من قطاع غزة، مضيفة أن الرئيس جورج بوش معني بأن يطلعه شارون خلال زيارة الأخير المرتقبة لواشنطن أواخر الشهر الجاري على تفاصيل خطته وجداول زمنية محددة لتنفيذها. وذكرت الإذاعة العبرية الرسمية أن مدير مكتب رئيس الحكومة دوف فايسغلاس ورئيس مجلس الأمن القومي المكلف صوغ خطة الانفصال غيورا ايلاند يتناولان في محادثاتهما الحالية في واشنطن مع مستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض كوندوليزا رايس "الخطوط العريضة" للخطة والبدائل والسيناريوهات المختلفة. وتوقعت أن يعودا إلى العاصمة الأميركية بعد أسبوع قبل زيارة أركان الحكومة الإسرائيلية لها تباعاً: وزير الدفاع شاؤول موفاز ووزير الخارجية سلفان شالوم ورئيس الحكومة ارييل شارون. خلافات بين البنتاغون والخارجية على الخطة وأفادت اذاعة الجيش أن تقارير وصلت إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية بأن خلافات في وجهات النظر اندلعت بين وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين من مسألة "خطة الانفصال"، وأنه بينما يخشى مسؤولو البنتاغون وصقور الإدارة الأميركية من أن تمس الخطة بفرص الرئيس الأميركي لإعادة انتخابه، يرى مسؤولو الخارجية وجوب دعمها. وأضافت ان شارون معني بإعلان الرئيس دعمه لمبادرته ليتمكن من اقناع وزراء حكومته بتأييدها، علماً أن غالبيتهم، حسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" تعارضها بشدة. ولحشد التأييد الأميركي، ووفقاً لصحيفة "هآرتس"، فإن إسرائيل عرضت على الإدارة الأميركية خريطة معدلة لمسار "الجدار الفاصل ليكون مساراً أقصر ومنطقياً أكثر"، بحيث يتم إلغاء الجدران حول مستوطنات في قلب الضفة العربية والجدار المزدوج حول قرى فلسطينية قريبة من مطار اللد الدولي، وادخال تغييرات على مسار الجدار في عدد من المقاطع على نحو يقلص عدد الفلسطينيين المتضررين جراء اقامته. وتضيف الصحيفة ان المسار المعدل لم يطرح بعد لمصادقة الحكومة الإسرائيلية وعرض على الوفد الأميركي الذي زار المنطقة قبل أسبوعين كبديل وليس كقرار نهائي. وتبغي إسرائيل من هذا التعديل تخفيف الضغوط الأميركية عنها واستمالة واشنطن لتأييد خطة الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة. موقف أوروبا من الخطة وأوردت الصحيفة أن وزير خارجية ايرلندا الذي تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي أبلغ نظيره الإسرائيلي موقف الاتحاد من خطة فك الارتباط والقائل أولاً بوجوب أن تكون مطابقة ومكملة ل"خريطة الطريق"، وان تقود إلى تطبيق رؤية دولتين، ومعارضة نقل المستوطنين الذين سيتم اجلاؤهم من القطاع إلى الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، وضرورة أن يتم الانفصال بالتنسيق مع الفلسطينيين، وأن تتيح إسرائيل للفلسطينيين إعادة تأهيل القطاع بعد الانسحاب. في غضون ذلك، صعّد اليمين الإسرائيلي تهديداته لشارون بفرط حكومته في حال أقرت خطته اخلاء مستوطنات في القطاع، وقال زعيم حزب "مفدال" الوزير ايفي ايتام لإذاعة الجيش أن سفر فايسغلاص وآيلاند إلى واشنطن للتباحث في خطة شارون يتعارض وأسس النظام السليم، وأنه يتحتم على رئيس الحكومة أن يطرح مشروعه على حكومته "حيث سيتلقى معارضة من غالبية الوزراء، لأنه مشروع لا رجاء منه وغير مفهوم". وأضاف ان على شارون ان ينتبه إلى حقيقة أنه رئيس حكومة بفضل شراكة حزبه في الائتلاف، وان هذا الحزب لن يتردد في اطاحته من منصبه. في غضون ذلك، أقام قادة المستوطنين "خيمة اعتصام" قبالة مكتب شارون في القدسالمحتلة احتجاجاً على نيته اخلاء مستوطنات، وأعلنوا أن نشاطاتهم الاحتجاجية ستتواصل ثلاثة أسابيع متتالية.