التزمت الدول الصناعية الكبرى موقفاً موحداً في مساندة النمو الاقتصادي في العراقوأفغانستان وجددت الدعوة للأطراف الدائنة غير الأعضاء في نادي باريس لمشاركتها في تخفيف أعباء الديون عن البلدين، وذلك في بيان أصدره ممثلوها من وزراء المال ومحافظي المصارف المركزية الذين توصلوا الى حل وسط قد يحد من انخفاض سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى وخصوصاً اليورو. جاء التزام مساندة النمو في العراق وافغانستان في بيان أصدره وزراء المال ومحافظو المصارف المركزية لدول مجموعة السبع في ختام يومين من الاجتماعات في منتجع بوكا راتون فلوريدا مساء السبت، وأكدوا فيه ان دولهم "لها مصلحة مشتركة في تعزيز النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط الكبرى"، وهو مصطلح تستخدمه المجموعة للمرة الأولى على رغم شيوعه في أدبيات مراكز البحث السياسية والعسكرية في الولاياتالمتحدة وأوروبا، ويضم أفغانستانوالعراق وباقي بلدان الشرق الأوسط العربية علاوة على ايران وباكستان وتركيا. وأشار وزراء الدول الصناعية الولاياتالمتحدة واليابان وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وايطاليا وكندا الى لقاء "مثمر" عقدوه مع وزير المال العراقي كامل الكيلاني ووزير المال الأفغاني أشرف غني، وامتدحوا في العراق انجاز عملية طرح عملة جديد ورفع القيود عن أسعار الفائدة وخطة صياغة قانون جديد لتنظيم عمل المصرف المركزي، وفي أفغانستان التقدم الذي تم احرازه في عملية الاصلاح واعادة الاعمار ورحبوا بخطط صندوق النقد والبنك الدوليين لتقديم مساعدات مالية وفنية للعراق. لكن بيان اجتماعات فلوريدا لم يجدد الدعوة التي أطلقها وزراء المال في اجتماعات دبي في أيلول سبتمبر الماضي في شأن مطالبة نادي باريس، ببذل كل جهد ممكن لاعادة جدولة الديون العراقية قبل نهاية سنة 2004، واكتفى بتجديد الدعوة الى المشاركة في هذه الجهود وجهها لكل الدائنين غير الأعضاء في النادي المذكور وهم مجموعة كبيرة من الدول من ضمنها بعض الدول الخليجية اضافة الى عدد من المصارف التجارية. وكان مسؤول كبير في صندوق النقد الدولي ذكر أخيراً أن العراق يدين لنادي باريس الذي يضم الدول الصناعية الكبرى والأوروبية وروسيا واستراليا بنحو 42 بليون دولار وللدول غير الأعضاء بمبلغ يراوح بين 60 و65 بليون دولار، بينما قدر حجم ديون العراق لدى المصارف التجارية بنحو 15 بليون دولار. ولم يتضح على الفور سبب اسقاط الاطار الزمني لإعادة جدولة ديون نادي باريس، وان كان المبعوث الرئاسي جيمس بيكر كشف بأن بعض الدول الدائنة يميل الى تأجيل بت مسألة الديون الى ما بعد تشكيل حكومة انتقالية في بغداد. وقال في كلمة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن الاسبوع الماضي ان هذه الدول، التي لم يحددها بالاسم، "تأمل بالحصول على رصيد سياسي لدى الحكومة العراقية الجديدة". وأعرب محافظ المصرف المركزي العراقي سنان الشبيبي في تصريحات للصحافيين عن أمله في أن تبادر الدول الصناعية الى اعفاء العراق من تسديد القسم الأعظم من ديونه، الا أن ردود الفعل المباشرة جاءت فقط من وزير المال الروسي الكسي كودرين الذي صرح بأن بلاده مستعدة لإسقاط قرابة 65 في المئة من ديونها على العراق التي قدرها بنحو ثمانية بلايين دولار، من دون حساب الفوائد، وكذلك وزير الخزانة البريطاني غوردن براون الذي وعد باسقاط القسم الأعظم من ديون عراقية لم يحدد قيمتها. الاقتصاد العالمي وأكد وزراء المال أن الاقتصاد العالمي عزز انتعاشه بقوة في الشهور القليلة الماضية وأن توقعات النمو للسنة الجارية تم تعديلها ارتفاعاً الى أعلى مستوى لها منذ ثلاثة أعوام، لكنهم أبرزوا استمرار التباين في وتائر نمو اقتصادات بلدانهم وشددوا على أهمية معالجة الاختلالات المالية، في اشارة واضحة الى العجوزات المالية لغالبية دول المجموعة والعجز الضخم في كل من الموازنة والحساب الجاري للولايات المتحدة، عبر مبادرة أجندة النمو التي تبنوها في اجتماعات دبي وسياسات مالية موائمة في المدى المتوسط. وناشد وزراء مجموعة السبع دول العالم تشديد اجراءات مكافحة تمويل الارهاب ووعدوا بتسهيل تحويلات العمال والمهاجرين التي تشكل بالنسبة للكثير من الاقتصادات النامية مصدراً مهماً للدخل ويقدر حجم تدفقاتها الدولية بنحو 90 بليون دولار سنوياً. وحضوا كذلك على احياء محاولة اطلاق جولة الدوحة من مفاوضات تحرير التجارة المعطلة منذ فشل مؤتمر كانكون في المكسيك في أيلول سبتمبر الماضي. أسعار الصرف الا أن أسعار الصرف سرقت الأضواء بجدارة خصوصاً بعدما اتضح من تصريحات المسؤولين قبل انعقاد الاجتماعات وبعد اختتامها أن الدول الأوروبية غير راغبة باستمرار شركاتها الناشطة في التصدير في تحمل العبء الأكبر من عملية التصحيح التي بدأها الدولار قبل عامين، ووجدت فيها الولاياتالمتحدة وسيلة تقليدية لتنشيط صادراتها وتعويض 2.8 مليون وظيفة خسرها قطاع الصناعات التحويلية في الأعوام الثلاثة الأخيرة. وجدد وزراء المال في بيانهم تأكيدهم على ترك مهمة تحديد أسعار الصرف للأسواق لكنهم حذروا في المقابل من أن "التقلبات الزائدة عن الحد والحركات غير المنتظمة في أسعار الصرف غير مستحبة للنمو الاقتصادي"، وأكدوا على الاستمرار في مراقبة أسواق الصرف عن كثب والتعاون بما يقتضي. راجع ص14 وأكد وزير الخزانة الأميركي جون سنو في مؤتمر صحافي أن الفقرة المتعلقة بأسعار الصرف في البيان الختامي نالت موافقة الجميع. وقال: "اننا جميعاً وجدناها مناسبة".