يخرجون في أوقات محددة من يومي عطلة نهاية الأسبوع، في مشهد يذكرك ببعض ألأفلام الأميركية... سرب من الشباب على متن دراجات نارية تزمجر، يطوون المسافات ويتجولون لساعات. معروفون بال "هارليين" نسبة إلى دراجاتهم من نوع "هارلي دايفدسون" الشهيرة، وإن كان بعضهم هنا يطلق عليهم لقب "هيبييز" Hip pies مع أنهم لا يشبهون أتباع هذه التقليعة في شيء. فحقبة ال"هيبييز" التي انطلقت في أواخر الستينات ارتبطت بحرية التعبير والحرية الجنسية في شكل خاص وتميّز اتباعها بأزيائهم ذات الألوان الزاهية وموسيقاهم الخاصة. لا أحد يعلم لماذا نسبوا إلى هذا الحقبة سوى شاب قال انه يعتقد بأن ذلك "مرتبط بمنظرهم على دراجاتهم، الذي يوحي بالحرية المطلقة". اللافت أن لقب ال"هيبييز" يطلق على جميع ركاب الدراجات على اختلاف أنواعها. ويقول الشاب السعودي إيهاب الشاولي 32 عاماً: "هناك فارق بين ركاب الهارلي وركاب الدراجات الأخرى المعروفين بالSpeed Bikers، فالفئة الأخيرة تضم من هم إجمالاً أصغر سناً وتستهويهم الدراجات السريعة بعكسنا نحن". وينتمي إيهاب إلى نادي ملاكي دراجات ال"هارلي" في جدة، وهو جزء من منظومة عالمية يطلق عليها اسم H.O.G وهي اختصار لHarley Davidson Owners Group. ويضيف الشاب: "هناك شروط للانضمام الى هذا النادي، فيجب عليك اولاً أن تملك دراجة نارية ورخصة قيادة ثم عليك الانتظام بشروط السلامة وحضور الاجتماعات". ويجتمع أفراد النادي في شكل دوري لتنظيم نشاطاتهم التي تشمل الجولات الأسبوعية والشهرية والسنوية، فهم يمضون معظم أوقات فراغهم في التنقل من مكان لآخر على متن دراجاتهم. ولأن الحرية عنصر أساسي في ثقافة "هارلي دايفدسون"، فذلك يعني أنه لا حدود للمغامرة، فالنزهة قد تقتصر على شوارع جدة وقد تصل إلى لبنان أو حتى اسبانيا. ويوضح ايهاب: "يجمعنا حب المغامرة وعشق القيادة". لكن لهذه الهواية نواحي سلبية إذ يعتبر كثيرون ركّاب الدراجات النارية أشخاصاً سيئيين ولا يتوارون عن التعليق عليهم بعبارات سلبية. ويوضح داوود يحيى، المدير الإقليمي لمبيعات "هارلي دايفدسون" في الخليج العربي، ان "تلك الصورة السلبية مرتبطة بالأفلام الأميركية القديمة، عندما كان الدرّاج هو ذلك الشخص المخرب وغالباً ما يكون ممتلئ الجسم وموشوماً". وعلى رغم تاريخ هذه الثقافة الذي تجاوز المئة عام، لا تزال هذه الصورة ملتصقة براكبي الدراجات. ويتابع داوود فيقول إنه منذ افتتاح الوكالة والنادي قبل نحو ست سنوات، "لم تحدث مشكلة واحدة، كما أننا نشدد على ألا نزعج أحداً وألا نخالف اي قانون". وبالنظر إلى المنتمين إلى النادي، تجد أنهم بعيدون عن صورة الرجل "المخرب"، فبينهم مدير علاقات عامة في احدى الشركات الكبرى، ومبرمجو كمبيوتر، ورجال أعمال وحتى أطباء من السعوديين والوافدين العرب والأجانب. ويلعب النادي دوراً اجتماعياً كذلك، إذ يتم من خلاله التعارف وتكوين الصداقات. الشابان اللبنانيان سامي منيمنة وجو مخول، وكلاهما من الوافدين العاملين في السعودية، التقيا وتعارفا من خلال النادي. ويعتبر جو 30 عاماً أن السعودية هي "المكان الأمثل لممارسة هذه الهواية حيث الطقس مناسب في معظم أشهر السنة كما أن الطرقات ملائمة تماماً لقيادة الدراجات لفترات طويلة". ويوافق سامي 35 عاماً على هذا الرأي ويتذكر قصته مع الدراجات النارية التي ترجع إلى طفولته، حيث كانت حلماً وهواية لازمته منذ ذلك الوقت، ويقول: "ركبت كل أنواع الدراجات في لبنان وعندما أتيت إلى جدة قررت أن اشتري دراجة هارلي لأنني أستمتع بقيادتها هنا". ويخطط أعضاء نادي جدة حالياً لرحلة تأخذهم إلى دبي، وتوزع المسؤوليات كي يتم وضع خطة سير وترتيب شحن الأمتعة وحجز غرف الفنادق. كما يشمل جدول نشاطات النادي بعض الأعمال الخيرية التي تساعد في خدمة المجتمع والتعريف بال"هارليين" الذين يزدادون سنوياً. ويوجد 540 مالك دراجة في مدينة الدمام حيث يقيم عدد كبير من الوافدين و130 في جدة، وذلك بحسب أرقام وكالة "المطلق- هارلي دايفدسون" السعودية. وتشير احصاءات الوكالة كذلك إلى ان مبيعات الدراجات تزداد بنسبة 20 إلى 30 في المئة سنوياً، مع توقعات بارتفاع المبيعات في شكل أكبر مع افتتاح فرع جديد في الرياض. وقد بيعت 250 دراجة "هارلي" خلال العام الماضي، تراوح قيمة الواحدة منها ما بين 40 ألف ريال 11 ألف دولار تقريباً و180 ألف ريال 48 ألف دولار. وغالباً ما يترافق شراء الدراجة مع شراء كمية من الاكسسوارات ل"تعديلها" كما يترافق مع اقتناء مجموعة ملابس تميز ال"هارليين" كالجينز والسترات الجلدية، وإن كانت هذه الأخيرة غير شائعة في جدة بسبب الحر الشديد.