تعود صفحة "تراث" الى "الحياة" بعد غياب، في صيغة صفحتين متقابلتين مرة في كل اسبوع، تقدم فيهما تحقيقات ومقالات عن الجديد المعرفي في شؤون التراث في عالمنا العربي قبل الاسلام ومع الاسلام، وعن المسائل التراثية الممتدة في حياتنا الحاضرة اجتماعياً وسياسياً وفكرياً. ولعل "الاخوان المسلمين" كفكر ثم كتنظيم عينة من امتداد التراث الاسلامي الى الشؤون الحاضرة المختلفة، خصوصاً السياسية، فلم يبق وجود "الاخوان المسلمين" والحركات المشابهة في الوطن العربي، تفصيلاً بين التفاصيل، عند قراءة الساحتين الثقافية والسياسية، في خضمّ التغييرات الكبيرة الجارية بدفع من الاميركيين، ومن دون دفع. والداعي لاثارة هذا الموضوع الآن ليس "الحرب الاميركية على الارهاب" او الانزعاج العالمي من "الاسلام السياسي" وحسب، بل وفاة المرشد العام للاخوان المسلمين المصريين مأمون الهضيبي، واختيار الشيخ الآخر محمد مهدي عاكف لقيادة الاخوان المصريين، وترؤس التنظيم الدولي لهم والذي يضم حركات "اسلامية" مشابهة، توصف عادة "بالاعتدال العقدي والسياسي. اختيار محمد مهدي عاكف لرئاسة مكتب الارشاد، وهو العجوز المحافظ، وعضو "النظام الخاص" او السري للاخوان، والذي كان يقوم بالعمليات القتالية في مراحل صراعهم مع النظام المصري قبل ثورة تموز يوليو وبعدها، جدد الكلام على قدرة الاخوان على التطوير والتجديد، وتجاهل الاجيال الشابة، والأفكار الجديدة، واجتراح الرؤية الأخرى في العمل السياسي والتنظيمي. على ان المشكلات التي يعانيها الاخوان، والحركات المشابهة في الوطن العربي، لا يصح ان تصرف الانتباه عن اهميتهم في المجالين الديني/ الثقافي، والسياسي. ففي المجال الديني، لا يزال هؤلاء اهم حركات الإحياء التي تعتنق رؤية الدولة الاسلامية، التي تكتسب هويتها من تطبيقها للشريعة. وقد نجحوا على رغم هذه الاطروحة "الاصولية" في تمييز انفسهم عن جماعات التطرف والعنف منذ الثمانينات. وفي المجال السياسي لا يزال وزنهم الشعبي في مصر وغيرها غالباً على وزن سائر احزاب المعارضة وحركاتها. كما ان "مشاركتهم" في الحياة السياسية لا تزال الاشكالية الرئيسة التي تواجه الانظمة وتواجههم هم في الوقت نفسه. الاخوان المسلمون، حضورهم السياسي، وقدراتهم الفكرية والسياسية، وامكانات واعوائق اسهامهم في الحاضر والمستقبل العربيين، هذا هو موضوع اول ملفات "التراث" في مهب رياح المتغيرات العاصفة. محطات تأسست حركة الإخوان المسلمين على يد حسن عبدالرحمن البنا، بمدينة الاسماعيلية عام 1928. وجرى اغتيال حسن البنا من جانب البوليس السياسي المصري عام 1949. ونشأت فروع للحركة في فلسطين وسورية واليمن والعراق ثم لبنان مال لبثت أن استقلّت عنها بعد حظرها بمصر، على يد مبعوثين مصريين أو طلاب من البلدان المذكورة عندما عادوا لبلادهم بعد إنهاء دراستهم بالأزهر أو دار العلوم. شارك الإخوان المسلمون المصريون والسوريون والفلسطينيون في حرب فلسطين 1948، كما شارك المصريون منهم في الأعمال الفدائية على القنال ضد البريطانيين 1951، وفي ثورة تموز يوليو 1952 - وجرى حظر نشاطهم واعتقال أكثر كوادهم بعد محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر 1954. صدر كتاب سيد قطب "معالم في الطريق" عام 1964، وقد شكل نقلة مهمة باتجاه تشدد أكبر من خلال ثنائية الجاهلية والحاكمية. وأُعدم قطب عام 1966. إطلاق سراح الإخوان من السجون من جانب الرئيس السادات 1972، وظهور كتاب الشيخ يوسف القرضاوي: الحل الإسلامي فريضة وضرورة" 1974، تمرد الفنية العسكرية 1974، قتل وزير الأوقاف المصري الشيخ الذهبي 1977، ظهور كتاب "دُعاة لا قُضاة" 1977 الذي يُعلن تبرؤ شيوخ الجماعة الكبار من التكفير والعنف، تمرد فصائل من الإخوان المسلمين في سورية 1977 - 1981، قتل الرئيس السادات 1981.