بحث كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية في انعكاسات دهم قوات الاحتلال الاسرائيلي مصارف في رام الله والبيرة ومصادرة اكثر من تسعة ملايين دولار من حسابات تابعة بغالبيتها إلى ؤسسات خيرية، فيما بدت اسرائيل مرتاحة إلى "الانجاز العسكري والاستخباراتي" وغير عابئة بالانتقادات التي وجهتها الخارجية الاميركية لعملية الدهم، التي قالت عنها انها تندرج في اطار قرار الرئيس جورج بوش تجميد ارصدة تنظيمات ارهابية ووقف تحويل أموال اليها. طالب رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع أبو علاء اسرائيل باعادة الاموال التي صادرها جيش الاحتلال في رام الله والبيرة اول من امس، مؤكداً ان الدولة العبرية "لا تملك حق التصرف في اموال الآخرين"، وذلك اثر لقائه رؤساء المصارف العاملة في الاراضي الفلسطينية. كما أوضح محافظ سلطة النقد أمين حداد للقناصل المعتمدين لدى السلطة الفلسطينية، الاخطار التي تتهدد الاقتصاد الفلسطيني جراء العملية. وكان قريع انتقد بشدة الهجوم ووصفه بالخطير جداً "يشبه تصرفات المافيا لا أكثر ولا أقل، ويجب التعامل مع هذا الاعتداء بطريقة جادة جداً". ودان المدير الاقليمي ل"بنك القاهرة - عمان" بشارة رباح العملية ووصفها بأنها عملية "سطو مسلح وقرصنة بربرية فضلاً عن كونها مخالفة لكل الأعراف الدولية". وقال ان سلطات الاحتلال صادرت أموالاً من حسابات مؤسسات وجمعيات خيرية تعمل وفق القانون، مفنداً المزاعم الاسرائيلية بأنها تابعة لتنظيمات فلسطينية، مشيراً الى أن المصارف في فلسطين ستتجاوز ما جرى بسرعة ولن تتأثر كثيراً بها. وقال مسؤول في "البنك العربي" ان ما حصل هو محاولة اسرائيلية جديدة لزعزعة الثقة بالمؤسسات المصرفية في فلسطين. ورد مسؤول اسرائيلي على الانتقادات الاميركية لعمليات الدهم، قائلاً إن قرار رئيس الحكومة ارييل شارون يستند الى قرار الرئيس جورج بوش الذي يقضي بعمل الولاياتالمتحدة مع حلفائها لتجميد أرصدة وممتلكات "تنظيمات ارهابية ووقف تحويل اموال اليها". وزاد ان الأموال التي تصل الى حسابات مصرفية في المناطق الفلسطينية "من حزب الله، وايران وسورية وليبيا" لتمويل عمليات انتحارية ودعم عائلات استشهاديين وشراء أسلحة "هي بمثابة الزيت الذي يشغل دواليب الارهاب". ولم يستبعد ان تنفذ قوات الاحتلال عمليات دهم اخرى مستقبلاً. وكان وزير الدفاع شاؤول موفاز اعلن مساء أول من امس ان جيش الاحتلال صادر 37 مليون شيكل 9 ملايين دولار من 390 حساباً مصرفياً أرسلت من ايران وحزب الله وأوروبا تحت غطاء "مساعدات" لمنظمات خيرية واصفاً العملية ب"المشروعة"، مضيفاً ان الاموال المصادرة ستصرف "لرفاهية" الفلسطينيين بعد ان تودع في "المصرف المركزي" في تل ابيب. لكن مسؤولاً عسكرياً اكد للاذاعة الاسرائيلية انه "لم تثبت صلة مباشرة بين الرئيس ياسر عرفات والاموال التي حولت من الخارج الى المنظمات الارهابية"، على رغم ان ثمة علاقة بين حسابات المؤسسات الخيرية وقيادة السلطة الفلسطينية. واضاف ان العملية اصابت في الصميم "الجهاز المصرفي الذي يمول بأسماء اشخاص سذج" لا لعلاقة لهم بالتنظيمات لكن الاموال صبت في جيوبها. وتابعت الاذاعة ان السلطات الاسرائيلية اعتمدت، لتبرير فعلتها قانونياً أنظمة طوارئ كان معمولاً بها ايام الانتداب البريطاني في فلسطين ولا تزال سارية المفعول. وفي موازاة ذلك، ربطت عمان بين اقتحام القوات الاسرائيلية مؤسسات مصرفية أردنية في رام الله أول من أمس، وبين الموقف الأردني المناهض لبناء الجدار العازل أثناء مداولات محكمة العدل الدولية في لاهاي الثلثاء الماضي. وأكد مسؤول أردني ل"الحياة" ان اقتحام اسرائيل لثلاثة فروع للبنك العربي و"بنك القاهرة - عمان"، وهما مؤسستان أردنيتان تعملان في الأراضي الفلسطينية منذ سنوات، "جاء متزامنا مع مرافعة الأردن أمام محكمة العدل الدولية، ويمثّل محاولة للضغط على الجهود" التي تقودها عمان لثني اسرائيل عن الاستمرار في بناء الجدار.