تحولت بغداد الى عاصمة عالمية لشركات الأمن الخاصة ينتشر فيها اعضاء "الفرقة الاجنبية" الفرنسية، وجنود صرب، ورجال شرطة جنوب افريقيون من عهد الفصل العنصري. وقال ميشا الذي يقود فريقاً امنياً في العراق منذ الخريف الماضي "لم يكن لدينا عمل بهذا الحجم من قبل. هناك رجال شجعان مثلي ورجال شرطة سابقون من احياء اميركية وثمة عقود للجميع". ويقوم حراس شخصيون خاصون بحماية الحاكم المدني الاميركي في العراق بول بريمر ومسؤولي سلطة الاحتلال وأنابيب النفط والمطابخ. ويسمح هذا الوضع الذي يعود بأكبر فائدة على القطاع الخاص لواشنطن بمنح عقود ثانوية لقاء مبالغ زهيدة لبعض النشاطات التي يمكن احاطتها بالكتمان بسهولة وعدم ادراج قتلاها في حصيلة ضحايا العمليات. ومر نبأ مقتل عضو سابق في شرطة مكافحة المتمردين الجنوب افريقية في عهد الفصل العنصري كوفوت في انفجار سيارة مفخخة امام فندق في بغداد الشهر الماضي، من دون اهتمام. لكن الاجور التي يمكن ان تصل الى الف دولار يوميا حولت العراق في نظر هؤلاء المرتزقة الى منجم للذهب. وقال اروين السارجنت السابق في الجيش الاميركي "انه منجم. وللحصول على الاموال يكفي ان نكون قد امضينا خمس سنوات في الجيش". وينظم اروين 28 عاما قوافل للمتعهدين الذين يعملون لحساب التحالف. وفي العراق حاليا اعضاء من الميليشيا الصربية النسور البيض ومقاتلون سابقون هندوس في الجيش البريطاني ومتطوعون من فيجي، او من شرطة مكافحة الشغب في ساو باولو، من الجنود الذين يحملون اوسمة لا تعد ولا تحصى الى اشرس المرتزقة. وتفيد معلومات متطابقة ان شركات الامن التي تنشر حوالى عشرة آلاف رجل هي المساهم الثاني في قوات التحالف بعد القوات الاميركية لكنها تتقدم على القوات البريطانية. ويرفض ميشا كشف الاجر الذي حصل عليه. لكن هذا الصربي الذي يبلغ 33 عاما وكان من القناصة المحترفين في الجيش اليوغوسلافي السابق قبل ان يلتحق بالقطاع الخاص ويقوم بمهمات في دول افريقية، يؤكد ان هذا الاجر "يمكن ان يبلغ للرجال المحنكين 15 الف دولار يومياً". وقال "احب العمل الذي اقوم به وبالاجر الذي احصل عليه يمكنني الانسحاب بعد ست سنوات لافتح حانة خاصة". ويضع ميشا شارة تقدمها القوات الاميركية تمنحه رتبة كولونيل وتسمح له بدخول معظم القواعد العسكرية. وبعد انتهاء عمله، يصعد في سيارة "بورشه" جديدة ويتجول في شوارع بغداد. وقد اشترى ايضاً سيارة "فيراري" كان يملكها عدي النجل الاكبر للرئيس المخلوع صدام حسين. وتشهد اوساط هؤلاء المقاتلين منافسة حادة. فمجموعات الحراس الامنيين المسلحين الذين يرتدون سترات واقية من الرصاص ويتجولون بسيارات تعمل بالدفع الرباعي، تثير غضب الاكثر مهارة وحنكة منهم. وقال جان فيليب لافون 38 عاما "انها افضل طريقة للتعرض للهجوم". ولافون من المرتزقة عمل فترة في سلاح البحرية الفرنسي واضطلع بمهمات حماية في ساحل العاج وزائير السابقة وجزر القمر وكوسوفو. وانشأ اول شركة فرنسية للامن في العراق. واوضح لافون الذي يقيم مع اربعة اعضاء آخرين في شركة الامن في فيلا في بغداد: "نتمسك بالتكتم"، مؤكدا انه لا يستخدم هو ورفاقه سترات واقية من الرصاص ويتنقلون بسيارات مدنية ويخفون مسدساتهم تحت قمصانهم ورشاشاتهم تحت مقعد السيارة، و"اننا نذوب بين الناس". وتتراوح الاجور الشهرية لهؤلاء العناصر بين ثمانية آلاف و12 الف يورو عشرة آلاف و15 الف دولار. وقال لافون ان "ازدهار الامن سيستمر وكفرنسيين لسنا مورطين مثل التحالف ونستطيع ان نلعب ورقة السوق العراقية اكثر من الاميركيين".