كتب محرر الشؤون الدولية - تستضيف إسلام آباد للمرة الأولى منذ أكثر من عامين، مفاوضات هندية - باكستانية في شأن كشمير، يحاول ديبلوماسيو البلدين من خلالها وضع جدول أعمال مشترك تمهيداً لاتفاق مرتقب يوقعه رئيس الوزراء الباكستاني برويز مشرّف ونظيره الهندي آتال بيهاري فاجبايي. وتكتسب منطقة كشمير أهمية خاصة كونها نقطة النزاع الاساسية بين البلدين التوأمين لغوياً وثقافياً منذ استقلالهما عن بريطانيا قبل أكثر من 50 عاماً. وما من وجهة تمايز بين البلدين سوى ان باكستان دولة ذات غالبية اسلامية وهذا سبب قيامها وانفصالها عن البلد الام ذات الغالبية الهندوسية. وتعتبر كشمير وادي الهيمالايا ثروة استراتيجية وجيو - سياسية، إضافة إلى كونها ذات غالبية مسلمة. ويتقاسم البلدان المنطقة. ففي الشطر الخاضع لسيطرة الهند تقوم ولاية جامو وكشمير، الولاية الوحيدة ذات الغالبية المسلمة والاقلية الهندوسية في الهند، فيما تقوم في الشطر الباكستاني جمهورية تتمتع بشبه استقلال ذاتي هي "آزاد كشمير" او كشميرالحرة. وبطبيعة الحال، طالبت الغالبية المسلمة في جامو وكشمير بالانضمام الى باكستان، الامر الذي عارضته نيودلهي، ما تسبب في قيام حركة انفصالية مسلمة في الولاية، اتهمت الهندباكستان بتسليحها وتقديم الدعم لها. وفي الوقت نفسه، تطالب إسلام آباد بتنفيذ قرار للامم المتحدة صادر عام 1947، يوصي باستفتاء على تقرير المصير في كشمير، لكن الهند تتجاهل هذا القرار. من هنا، نشأ نزاع تسبب في ثلاث حروب كبيرة بين البلدين، اثنتان منها كان هدفها المعلن فرض السيطرة على الإقليم. وقامت الحرب الأولى عام 1947 والثانية عام 1965، وأعقبهما تبادل متقطع لإطلاق النار على الخط الفاصل بين شطرين من كشمير، واقتطاع واسترداد مستمران للأراضي على طول الحدود. ومع تسجيل 33 ألف قتيل من مواطني جامو وكشمير في السنوات ال12 الأخيرة، تحوّلت المقاومة الكشميرية إلى قوة لا يستهان بها، يقول المعلقون ان هندسة عملياتها تجرى في مقر الجيش الباكستاني حيث تخضع للتدريب في مخيمات تابعة له منتشرة على طول الحدود، وتنطلق من هناك لتنفيذ عملياتها داخل الإقليم الكشميري. عداء بالأرقام ومنذ رسم خريطة جنوب آسيا في أواخر الأربعينات، دأبت باكستان على رفضها. فهذه الدولة التي استقلّت وجارتها عن بريطانيا في 15 آب أغسطس 1947، تلقت "الطعنة الاولى في الصميم" من "شقيقتها" الهند بإقدام الاخيرة على ضمّ كشمير في 27 تشرين الأول أكتوبر 1947. واندلعت الحرب الاولى بعد الاستقلال بأشهر. واتفق الطرفان الهنديوالباكستاني على التراجع إلى خطٍ لوقف إطلاق نار اتفق عليه عام 1948عُرف لاحقاً ب"خط السيطرة". واستمرت المناوشات الحدودية حتى عام 1965، عندما تدخلت الأممالمتحدة ونشرت قبعات زرقاً لفرض التزام بالخط المذكور. وفي عام 1972، وافقت الدولتان على التفاوض بدلاً من اللجوء إلى المؤتمرات الدولية، مع احترام "خط السيطرة" إلى حين التوصل إلى تسوية. سباق التسلح... والتصالح وشكل اختبار الهند أول صاروخ نووي لها قرب صحراء راجستان عام 1974، تحدياً أشعل فتيل التوتر من جديد. وبعد خمسة اختبارات نووية هندية قرب الحدود الباكستانية، ردّت إسلام آباد بتجارب مماثلة عام 1998. ورصد الجيش الهندي عام 1999 متسللين في كارغيل كشمير الهندية في عملية كان مهندسها قائد الجيش آنذاك برويز مشرف. وسارعت الهند إلى إعلان حرب على باكستان انتهت باستعادتها اراضي خسرتها. ثم وافق الجيشان على سحب قواتهما. وبعد توليه سدة الرئاسة، جعل مشرف قضية كشمير محور سياسته. وقامت مجموعة من المتطرفين بالتعاون مع جناحها في باكستان بالاعتداء على البرلمان الهندي في أواخر 2001، وردّت نيودلهي بنشر مئات الآلاف من الجنود على الحدود، في خطوة تخوّف معها العالم من اندلاع حرب نووية. وبدأ التوتر بالانحسار، على عكس التوقعات، عام 2003. إذ أعلن مشرف وقفاً لإطلاق النار ردّ عليه فاجبايي خلال القمة الآسيوية بمصافحة نظيره الباكستاني. لكن الهند أنهت في أيار مايو 2001 الهدنة التي لم تعمّر أكثر من 6 أشهر في ظل هجمات المقاتلين الإسلاميين. واستعر التوتر في آب أغسطس من ذلك العام، واستمر بالتصاعد، ما استدعى تدخلاً ديبلوماسياً دولياً لتجنب حرب نووية. وبزغ امل بالعودة إلى الحوار، عندما أعلنت الهند اواخر العام الماضي، إعادة علاقاتها الديبلوماسية مع جارتها، كذلك الرحلات الجوية والعلاقات التجارية. كما استضافت مفاوضات مع "مؤتمر حريات جميع الأطراف" وهو تجمع رجال دين كشميريين وأحزاب سياسية. كما وافقت في تشرين الثاني نوفمبر 2003 على عرض باكستاني لوقف إطلاق النار على الحدود المتنازع عليها في كشمير، دخل حيز التنفيذ في 26 تشرين الثاني 2003.