أكد رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي المركزي الاميركي آلان غرينسبان أن الاقتصاد الأميركي وبعد "فترة طويلة من الأداء دون المستوى" يملك الآن امكانات "جيدة لتوسع مستدام" مستفيداً من تحسن الأوضاع المالية للمستهلكين والشركات بمساهمة انخفاض هوامش المخاطر الائتمانية وارتفاع أسعار الأسهم والمبادرة الضريبية للرئيس جورج بوش، لكنه وجه صدمة جديدة لتوقعات للدولار عندما استبعد احتمال رفع أسعار الفائدة في وقت قريب ما أدى الى "انهيار" جديد للعملة الخضراء في اسواق المال الدولية. وانخفض سعر صرف الدولار العملة الخضراء، منذ أحدث ذروة له في بداية شباط فبراير عام 2002، بنسبة 13 في المئة مقابل عملات مجموعة الشركاء التجاريين لأميركا 37 شريكاً وبنسبة تناهز 24 في المئة مقابل عملات الشركاء الرئيسين 6 شركاء " منطقة اليورو ويعتقد اقتصاديون متخصصون أن الدولار لا يزال مع ذلك في منتصف المسافة التي لا بد أن يقطعها قبل حدوث تطورات ذات قيمة في وضع الحساب الجاري. قال رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي آلان غرينسبان في عرض للتقرير نصف السنوي عن السياسة النقدية أمام لجنة الخدمات المالية في الكونغرس أول من أمس إن انحسار المخاطر الجيوسياسية حرب العراق بشكل ملحوظ وتعزز الثقة في النشاط الاقتصادي وتحسن الأوضاع المالية بعد أزمة أسواق المال عام ألفين ساهمت جميعاً في التوسع النشط الذي حققه الاقتصاد الأميركي في النصف الثاني من العام الماضي. وشدد غرينسبان على أن صورة المؤشرات الاقتصادية أصبحت أكثر "اشراقاً" في الفترة الأخيرة مشيراً الى أن حدوث المزيد من التحسن في الأوضاع المالية للشركات والمستهلكين سيُعزز الانفاق الاستثماري للشركات وانفاق المستهلكين الذي يُشكل بمفرده زهاء ثلثي الناتج المحلي. ولفت الى الدور الذي لعبته أسعار الفائدة في دعم النشاط الاقتصادي وقال: "يبدو أن السياسة النقدية التي وفرت هذا الحافز ستبقى، في المحصلة، توسعية طوال الفترة الباقية من السنة". وارتفع الناتج المحلي الأميركي بنسبتي 8.2 و4 في المئة، أي أكثر من الحد الأدنى لإمكاناته، في فصلين متتاليين هما الثالث والرابع من العام الماضي، واضعاً نهاية حاسمة لسلسلة متواصلة من التقلبات الحادة التي سجلها منذ ركود عام 2001. وبحساب نتيجة النصف الثاني من العام الماضي رفع الناتج المحلي أداءه لكامل العام الى 3.1 في المئة بالمقارنة مع 2.2 في المئة عام 2002 و0.5 في المئة عام 2001. وتوقع مجلس الاحتياط تسارع وتيرة تمدد النشاط الاقتصادي في الفترة المقبلة مشيراً الى اجماع أعضاء مجلس المحافظين ورؤساء مجالس الاحتياط الفرعية على توقع أن يحقق الناتج المحلي نمواً بنسبة تراوح بين 4.5 و5 في المئة في الفترة من الفصل الرابع لعام 2003 الى الفصل الرابع لسنة 2004. وتضمنت توقعات التقرير انخفاض معدل البطالة بنسبة تراوح بين 5.25 و5.5 في المئة بالمقارنة مع 5.75 في المئة في أحدث مستوياتها. ولفت غرينسبان الى مجموعة من المخاطر التي تهدد توقعات النمو الاقتصادي في المديين القصير والمتوسط من ضمنها عجز الموازنة الفيديرالية وعجز الحساب الجاري وفي درجة أكبر توافر شواهد على أن مجلس الاحتياط قد لا يستطيع الابقاء على سعر الفائدة الأساسي عند مستواه الراهن لأجل غير محدد وأن متطلبات استقرار الأسعار والنمو المستدام ستستدعي رفعه الى مستوى أكثر حيادية عاجلاً أم آجلاً. وكان مجلس الاحتياط شرع، ومنذ ظهور مؤشرات أولية على احتمال تعرض الاقتصاد الأميركي للركود بداية عام 2001، في احداث سلسلة غير مسبوقة من الخفوضات التي دفعت بسعر الفائدة الأساسي الى مستواه الراهن وهو واحد في المئة. وتنحصر استخدامات هذه الفائدة في القروض القصيرة الأجل التي تتداولها المصارف في ما بينها وان كانت تلعب دوراً مهماً في تحديد أسعار الفائدة الرئيسية في المصارف التجارية. صدمة جديدة للدولار الا أن استبعاد احتمال رفع سعر الفائدة في الشهور القليلة المقبلة وجه صدمة جديدة للدولار الذي تابع على الفور هبوطه المستمر منذ عامين مقابل العملات الرئيسية الأخرى. وعلى النقيض من الدولار انتعشت أسواق المال والسندات التي تبدي حساسية شديدة لمستويات أسعار الفائدة خصوصاً كلفة الاقتراض لتمويل عمليات اقتناء الأسهم. عجز الحساب الجاري الأميركي ويشير الاقتصاديون الى أن ضعف الدولار يعود الى سبب هيكلي يتمثل في عجز الحساب الجاري الأميركي الذي بلغت قيمته 550 بليون دولار العام الماضي، ما يعادل 5 في المئة من قيمة الناتج المحلي بالأسعار الجارية، وهي نسبة قياسية، علاوة على عجز الموازنة الفيديرالية التي يتوقع أن ترتفع الى نحو 500 بليون دولار في السنة المالية الجارية، وهو أيضاً رقم قياسي، لكنهم يعتبرون تدني مستويات أسعار الفائدة الأميركية وانعكاساته السلبية على العائد الاستثماري عاملاً مهماً في هذا الضعف. وأوضح غرينسبان أن انخفاض نسبة التضخم وتوقعاتها للسنة الجارية تتيح لمجلس الاحتياط التمهل الصبر في اتخاذ قرار رفع الفائدة، إلا أنه عمق الغموض المحيط باتجاهات الدولار، أقله في المستقبل المنظور، عندما لاحظ في كلمته أمام لجنة الكونغرس بأن انخفاض أسعار صرف الدولار سيعمل على احتواء عجز الحساب الجاري الأميركي في نهاية المطاف.