واشنطن - أ ف ب - مع قرب تسلم الرئيس الاميركي الجديد مهامه تقترب الولاياتالمتحدة من انهاء عشرة اعوام من الرخاء الاستثنائي بدعم من ازدهار تكنولوجيا المعلومات. الا ان الافق الاقتصادي يبدو مكفهراً في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس الجديد لدخول البيت الابيض. وتستمر غالبية الاقتصاديين وكذلك رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي ألان غرينسبان في المراهنة على تباطؤ هادئ لوتيرة النمو الاقتصادي كما في الاعوام الاخيرة. الا ان اقلية من الاقتصاديين لا تستبعد تدهوراً حاداً للوضع سنة 2001. وشهد اجمالي الناتج المحلي تراجعاً من 5.6 في المئة في الفصل الثاني من السنة الجارية الى 2.4 في المئة في الاشهر الثلاثة التالية بسبب السياسة النقدية التي عرفت تقلبات لست مرات متتالية بين حزيران يونيو 1999 وايار مايو 2000، وذلك بهدف كبح الزيادة في الاستهلاك وتجنبها. الا ان التوقعات تراهن على نمو بنسبة 3 في المئة للاشهر الباقية من السنة الجارية وسنة 2001، نظراً لثبات القوة الاستهلاكية. وحذر غرينسبان في الفترة الاخيرة من "وجوب البقاء متيقظين ازاء احتمال ان يؤدي تراجع البورصة الى تباطؤ شديد في الانفاق المنزلي واستثمارات الشركات في ظل اقتصاد خسر جزءا من اندفاعته". ومنذ عام تقريباً، وبعد تحقيقهم ارباحا خيالية، انطفأت حيوية المتعاملين في البورصة وخسرت اسهم شركات الاقتصاد الجديد المدرجة على مؤشر "ناسداك" اكثر من 50 في المئة من قيمتها منذ آذار مارس الماضي ما اسفر عن تبخر ثلاثة آلاف بليون دولار. وعلى رغم اعتبار هذا الانحسار امراً سليماً قضى على المضاربات، يستمر الخوف من حصول انهيار في البورصة بسبب القلق والتشاؤم المخيمين على الاسواق المالية اللذين تغذيهما النتائج المخيبة للآمال لعدد من الشركات. واعرب محللون عن اعتقادهم بأن غرينسبان، الذي لمح بشكل ضمني الى القيام بخطوات تسفر عن انفراج في السياسة النقدية في حال دعت الحاجة الى ذلك، يحاول التخفيف من قلق المستثمرين بغية التقليل من مخاطر هروب رؤوس الاموال. وقال جون لونسكي كبير الاقتصاديين في وكالة "موديز" للتصنيف المالي "ان هبوطا حاداً في البورصة سيؤدي الى ركود اقتصادي". وسيشهد الاستهلاك، وهو المحرك الرئيسي للنمو، انخفاضاً شديداً مع تبخر آثار الغنى الناجم عن الارباح التي حققتها البورصة في العقد الاخير. واضاف لونسكي: "ان هبوطاً حاداً في قيمة اسهم البورصة سيقلص امكانات الاقراض والاستثمار للشركات مما سيؤدي الى تراجع نشاطها وانخفاض في ارباح الانتاج". لكن هذه الارباح الضخمة التي تعزى الى تطبيق تكنولوجيا المعلومات سمحت بامتصاص ارتفاع اكلاف الرواتب واستمرار النمو الاقتصادي متزامناً مع بطالة حققت ادنى مستوياتها منذ 30 عاماً من دون ان تتسبب في توترات حادة في نسب التضخم. وقد يؤدي التباطؤ الشديد في النمو الاقتصادي الاميركي والنتائج الباهتة للبورصة الى خفض قيمة الدولار، وسيسعى المستثمرون الى البحث عن اماكن اخرى خارج الولاياتالمتحدة. وبعد ذلك، سيُسفر التراجع في قيمة الدولار مع ما يرافقه من عوامل التضخم عن تضييق هامش المناورة، وبشكل كبير، لدى مجلس الاحتياط الاميركي للعمل على خفض معدلات الفوائد. وسيكون ذلك اكثر من صحيح عندما تعمد الولاياتالمتحدة الى تمويل العجز الهائل في حسابها الجاري 5،4 في المئة من اجمالي الناتج المحلي مقابل 7،1 في المئة عام 1997 الناجم عن الزيادة الكبيرة في العجز التجاري. وسيضع الاعلان عن تباطؤ في النمو مع ما يصحبه من مخاطر بعد عشرة اعوام من الرخاء، الرئيس الاميركي الجديد في موقف حرج للغاية. ورأى لونسكي انه بالاضافة الى الضعف الناجم عن الخلافات الانتخابية التي سبقت تسمية الرئيس، سيكون امام الرئيس الجديد هامش تحرك ضيق للغاية بمواجهة كونغرس يعتريه الشلل نظراً الى تقاسمه مناصفة بين الديموقراطيين والجمهوريين.