بدت فرنسا في قضية الحجاب وكأنها تريد ان تحرق المراحل، وتستبق الحوادث، فسنت قوانين تسد الطريق على سلسلة المطالب الدينية التي قد تواجهها تباعاً. ومنذ البداية كان على الفرنسيين ان يميزوا بين المظاهر والممارسات الدينية. الصحافيون الفرنسيون ينتقدون المثال اللبناني، لجهة كون لبنان مجتمعاً متعصباً ومتنافراً بسبب الأديان، وبعيداً من العلمانية. لكن، في الحقيقة، المثال اللبناني في هذا المجال أكثر انفتاحاً وتسامحاً وعدالة. فالحجاب في المدارس اللبنانية لا يشكل تحدياً أو استفزازاً، كما يفهمه الفرنسيون، أو كما فهمه الأتراك من سيدة متحجبة دخلت البرلمان. ذلك ان معيار العدالة ليس هو العلمانية بل حقوق الانسان. العلمانية، في ظرف تاريخي معين، أرادت ان تسهّل الطريق أمام المساواة والعدالة الانسانية المشتركة بين الناس جميعاً. ولكن ليس على ان تصبح هي المقياس على حساب القوانين الانسانية. وألا بالعلمانية تصبح ضرباً من التعصب الذي لا يقبل الآخر، بينمن الهدف هو قبول الآخر ومنعه من ألاّ يقبل الآخرين. العلمانية هي إبعاد الدين عن السياسة، وليس كره الدين أو إلغاءه، وإلا كانت الإلحاد. لبنان - بيتر قشوع