المملكة في «العشرين»    نيابةً عن ولي العهد.. وزير الخارجية يرأس وفد المملكة المشارك في الجلسة الثانية لقمة مجموعة العشرين    التعليم: إلغاء ارتباط الرخصة المهنية بالعلاوة السنوية    «الثقافة» تحتفي بالأوركسترا اليمنية في مركز الملك فهد الثقافي    انعقاد أولى الجلسات الحوارية في المؤتمر الوطني للجودة    42 متحدثًا في الملتقى البحري السعودي الثالث    كلب يقضي عامين بجوار قبر صاحبه    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع حاكم إنديانا الأميركية    الأخضر في مهمة «نصر»    الأخضر «كعبه عالي» على الأحمر    المشعل.. في الصدارة والكل من بعده    الأخضر يختتم استعداده لمواجهة منتخب إندونيسيا ضمن تصفيات كأس العالم    الخليج يواجه الشباب البحريني في ربع نهائي "آسيوية اليد"    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    «عكاظ» تكشف تفاصيل 16 سؤالاً لوزارة التعليم حول «الرخصة»    9,300 مستفيد من صندوق النفقة في عام    «الشورى» يطالب التأمين الصحي بالقيام بمهماته وتحقيق أهدافه    اتفاقيات لشراء «الطاقة» بسعة 9200 ميجاواط    العتودي الحارس الأخير لفن الزيفه بجازان    قراء يفضلون الشعر الاصطناعي    «مستقبل الإعلام» يعزز الدور السعودي عالمياً    اتهامات تلاحق كاتباً باستغلال معاناة مريضة ونشرها دون موافقتها    بعد سيلين ولوبيز وكاميلا.. العالمي هوبكنز يعزف في الرياض    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1 %    إصابات الربو في الطفولة تهدد الذاكرة    في تصفيات مونديال 2026.. ميسي لتجاوز عناد «بيرو».. والبرازيل تسعى لنقاط أورجواي    مرحلة الردع المتصاعد    هل تجري الرياح كما تشتهي سفينة ترمب؟    إدانة دولية لقصف الاحتلال مدرسة تابعة للأونروا    ChatGPT يهيمن على عالم الذكاء الاصطناعي    عودة للمدارس    وزارة العدل: 9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    التوسع في استخدام أجهزة التحكم المروري للحد من الحوادث    سعادة الآخرين كرم اجتماعي    بيع ساعة أثرية مقابل 2 مليون دولار    الثعبان في «مالبينسا»..!    الادخار والاستثمار… ثقافة غائبة    بهدف تنمية الكوادر الوطنية المتخصصة.. إطلاق برنامج تدريب المبتعثين في التخصصات الثقافية    تدشين التجمع الغذائي في جدة الأحد المقبل    الاختيار الواعي    صنعة بلا منفعة    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مندوب تركيا    رسالة عظيمة    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية بالمملكة ترتفع إلى مليار ريال    لبنان نحو السلام    (إندونيسيا وشعبية تايسون وكلاي)    المملكة ومكافحة مضادات الميكروبات !    الاكتناز    البرتقال مدخل لإنقاص الوزن    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    سعود بن طلال يطلق كائنات فطرية في متنزه الأحساء    وزير التعليم خلال منتدى مسك العالمي 2024م: منظومة القيم هي أساس النجاح    رئيس هيئة الأركان العامة يدشّن أعمال الملتقى الدولي الأول لضباط الصف القياديين    قائد القوات المشتركة يستقبل نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقديراً لياسر عرفات بعد اربعين يوماً على وفاته في اطار الابارتايد الاسرائيلي
نشر في الحياة يوم 22 - 12 - 2004

بدا ياسر عرفات متعباً عندما التقيته اخيراً في رام الله منتصف تشرين الأول اكتوبر في ما تبقى من مبنى المقاطعة الذي دمرته الهجمات الاسرائيلية بشكل كبير عام 2002 في انتهاك صارخ للقانون الدولي ولنصوص الاتفاقات بين اسرائيل ومنظمة التحرير. كان اللقاء روتينياً ومعداً بهدف متابعة مشروع قد يتحقق على رغم وفاة عرفات، ولم اتوقع ابداً ان اعود بعد شهر الى رام الله لحضور جنازته.
بحزن عميق اكتب هذا التقدير في الذكرى الاربعين لوفاة ابو عمار، الذي كان اخاً لي واستحق لقب"سيد فلسطين". اذ انه من مؤسسي الحزب السياسي الذي انتمي اليه: الحركة الوطنية لتحرير فلسطين فتح ورئيسها، كما انه رئيس دولة فلسطين التي ستبصر النور ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية.
تُسجل لياسر عرفات مساهمته في استرداد الشعب الاصلي، العربي الفلسطيني، بعدما شرذمته حملة التطهير العرقي الشاملة التي شنها الجيش الاسرائيلي خلال حرب 1948 - 1949 النكبة الفلسطينية وما بعدها، الحرب التي اطلقت عليها المنظمة العالمية الصهيونية ودولة اسرائيل بكل وقاحة اسم"حرب الاستقلال". وساهمت في استرداد هذه الحقوق حركة"فتح"التي أسسها مع آخرين عام 1957 ومنظمة التحرير التي اسست عام 1964، كما ساهم استلام حركة"فتح"قيادة منظمة التحرير عام 1969 في إحياء صيغ المجتمع المدني الفلسطيني وإعادة انشائها مثل اتحادات التجارة والمنظمات العمالية والجمعيات النسائية والطبية والاحزاب السياسية التي يضم بعضها جناحاً مسلحاً.
أكتب بتواضع وتحفظ وبحسب قول المثل العربي المأثور:"من يده في النار غير الذي يده في الماء". يدي انا في الماء: ولدت في القدس عام 1943 ونشأت وتعلمت في دولة اسرائيل المصنفة بحسب قانون الانتداب البريطاني والقانون الاسرائيلي كدولة"يهودية"وليست"عربية". وبالتالي لم أكن ضحية حملة التطهير العرقي التي قام بها الجيش الاسرائيلي خلال حرب 1948 و1949 وبعدها في منطقتي. وبما ان حقوقي الملكية لم تعد لاغية بحسب قانون أملاك الغائب عام 1950 ولم يتم تصنيفي ك"حاضر غائب"، ولم يهدم منزل اهلي كعقاب جماعي للجرم الرسمي. وبسبب انضمامي الى منظمة التحرير، اعتبرت عملياً منفياً الى بريطانيا لعقد من الزمن، اي من العام 1984 الى 1994.
ولكن، بما انني"لست عربياً"، لم تعتبر جنسيتي او حقوقي الملكية داخل اسرائيل لاغية، ولم تمسّ حقوق اقامتي في الاراضي التابعة للحكم الاسرائيلي. وبتعابير اخرى، يبدو ان كوني مسجلاً ك"مواطن اسرائيلي"و"يهودي"في دولة تمارس علناً نظامها القانوني القائم على التمييز العنصري بين"يهودي"و"غير يهودي"، هو ما حماني حتى الآن مع اقراني المنشقين الذين هربوا من قيم الابارتايد التي تمارسها الصهيونية السياسية والذين صنفوا هم ايضاً على انهم"مواطنون يهود اسرائيليون"، عن أسوأ جرائم النظام القانوني الذي نعارضه. نعم، اكتب ويدي في الماء.
في العام 1984، اجتزت الحدود السياسية لأنضم الى صفوف منظمة التحرير التي اعتبرتها اسرائيل عملياً وقانونياً"منظمة معادية"حتى اول التسعينات. ومنذ العام 1993 عندما شاركت المنظمة حكومة دولة اسرائيل وبرعاية دولية في توقيع وثيقة اعلان مبادئ الحكم الذاتي الموقت، اعتبرت فعلياً"منظمة غير معادية"، لكنها بقيت مدرجة قانوناً على لائحة اسرائيل الرسمية ل"المنظمات الارهابية".
اكتب بتواضع وتحفظ تقديراً لمؤسس حركتي وقائدها الذي وصفه معاصره نلسون مانديلا بأنه"يشبه الرسام السوريالي... معقد، عميق وسطحي، منطقي عبثي، بارد ودافئ في آن". "اندبندنت اون صانداي"2004/11/14. اكتب بصفتي عضواً في حركة"فتح"وعضواً مراقباً في المجلس الوطني الفلسطيني، وأنا مدرك تماماً للالتباس والتناقضات التي تدخل في نظرتي الى وثيقة اعلان المبادئ التي اعتبرها عطلت كل الامور التي تعد ضمن الانجازات التاريخية لمنظمة التحرير وقائدها الراحل ابو عمار، ولكنني مع ذلك اعترف بأنني مدين لهذه الوثيقة في استعادة سكني داخل دولة اسرائيل.
اكتب لأقترح ان في أيدينا، نحن الذين بقينا بعد رحيل قائدنا ياسر عرفات، تحقيق ما فشل هو في تحقيقه. وأعني التشبّه بكتاب المؤتمر الوطني الافريقي واعلان منظمة التحرير، لا كممثلة للشعب العربي الفلسطيني فحسب بل بديلاً ديموقراطياً للصهيونية السياسية ولدولة اسرائيل العنصرية. وكذلك علينا متابعة النضال لنيل الحقوق الفلسطينية عبر احترام مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان والقانون الدولي بما يتمشى وقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، واثبات اننا نستطيع ان نستمد الشجاعة من انجازات النضال الذي خاضه ابو عمار وآخرون منذ نحو خمسة عقود وأن نكون أكثر وعياً من اخطائه.
انطلاقاً من هذا المعنى، وفي هذا السياق، اطلق لقلمي الحرية في هذا التقدير لأشير الى انجازات ياسر عرفات وأوضح ما اعتبره خطأ حاسماً مستشهداً لهذه الغاية بثلاثة احداث: الاول يعود الى العام 1984 والثاني بعد عشرين عاماً وصولاً الى العام 2004 والثالث العام 1993 في منتصف الحقبتين.
التاريخ الاول يعود الى الجلسة الاولى للمجلس الوطني الفلسطيني التي دعيت لحضورها وهي الدورة الاستثنائية السابعة عشرة التي عقدت في عمان في تشرين الثاني نوفمبر 1984. انعقدت هذه الجلسة بعد الاجتياح الاسرائيلي الغاشم للأراضي اللبنانية عام 1982، ومجازر صبرا وشاتيلا التي قادها وزير الدفاع آنذاك رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي آرييل شارون، وبعد اخلاء قواعد منظمة التحرير في لبنان ونقلها الى مركزها الجديد في تونس، وعلى أثر الدعم السوري العام 1983 وقيادة سعيد مرغة أبو موسى التمرد ضد قيادة عرفات.
عندما برزت مسألة التمرد بقيادة ابو موسى على بساط البحث، لم يكن مئات الاعضاء الذين حضروا المجلس الوطني في مزاج للتسوية. فوقف كل بدوره وطلب إبطال عضوية قائد التمرد من المجلس ومثول المتمردين امام محكمة عسكرية. وفي احد الخطابات التاريخية امام المجلس الوطني الفلسطيني، كان ابو عمار وبمساندة قيادة منظمة التحرير بأجمعها مصمماً على الوقوف في وجه هذا التيار. وأعلن امام المجلس ان الانجاز الابرز للمقاومة هو حصولها على القانونية والشرعية الدولية، وان على المقاومة اذا ارادت الحفاظ على ترابطها ان تتقيد بحكم القانون واستحقاق الدعوى وان المستندات الاساسية لمنظمة التحرير، وبخاصة نظامها الاساسي وقانونها الداخلي، تنص على حماية حقوق الاعضاء على إقامة دعوى لإبطال عضويتهم بما في ذلك حق العضو في المثول امام الجمعية العامة للمجلس الوطني ومناقشة قضيته. وينص النظام ايضاً على ان توجه اللجنة القانونية للمجلس دعوة رسمية للمتمردين من اعضاء المجلس بهدف الدفاع عن قضيتهم على أن ينقل المجلس المسألة الى اللجنة القانونية مع التوصية بأن ترفع هذه الاخيرة تقريراً في الجلسة المقبلة للمجلس.
في نهاية النقاش، اعتمد المجلس قرار قائده في ما يتعلق بالمسألة. وإضافة الى هذا، لا بد من القول انه، بحسب معلوماتي، لم يتم إبطال عضوية متمردي"فتح"، العام 1983، ولكن عندما حان موعد عقد المجلس التالي كانوا قد استبدلوا من دون ضجيج.
لا اقول ان الحاح ابو عمار في احترام حكم القانون لم ينجح في شكل ملموس كما حصل عندما رفض ألا تدفع حركة فتح تعويضات للمتمردين لأن تلك الاموال لا تخصهم وحدهم بل هي لأولادهم وللذين يعيلونهم. وأتمنى ان يحذو كل القادة الوطنيين حذو ابو عمار في نظرته وان يتوصلوا الى ان احترام حكم القانون يأتي عليهم بفائدة كبيرة.
اما التاريخ الثاني الذي استشهد به فيعود الى اعلان وفاة عرفات في 11 تشرين الثاني نوفمبر 2004 وانتقال القيادة الذي تم في غضون 24 ساعة على اعلان وفاة رئيس الدولة الفلسطينية، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس حركة فتح، ورئيس السلطة الفلسطينية، اذ تم تنظيم الهيئات العاملة في المراكز التي كان يشغلها القائد الراحل باستثناء رئاسة دولة فلسطين وهي كيان قانوني يجب تحويله الى واقع ملموس بموجب الشروط المتعلقة بالتشريع الذي اقره المجلس التشريعي الفلسطيني منذ انتخابه العام 1996، وبموجب القوانين الداخلية لمنظمة التحرير ولحركة"فتح". وبما ان انتخاب رئيس دولة فلسطين يدخل ضمن اختصاص المجلس الوطني، فهو بالتالي ينتظر انعقاد المجلس المذكور. وتشكل تسمية محمود عباس أبو مازن السلسة والصحيحة والمشرّفة على رأس اللجنة التنفيذية للمنظمة وفاروق القدومي رئيساً ل"فتح"وروحي فتوح رئيساً للسلطة دليلاً بارزاً على الانجاز الواضح للجهود الفلسطينية المبذولة لبناء المؤسسات وللتماسك في المحافظة على انتصارات المؤسسات الفلسطينية في وجه حرب الاستنزاف التي تقودها الحكومة والجيش الاسرائيليان، في ما يعد انتهاكاً صارخاً لكل مواثيق القانون الدولي من دون ذكر انتهاك اسرائيل لتعهداتها في كل اتفاقاتها مع منظمة التحرير بعد وثيقة اعلان المبادئ. وليست هذه الانجازات سوى استكمال لسعي الرئيس الراحل الذي صمم بكل قوته على المحافظة على وحدة الساحة الفلسطينية المشحونة وقاوم بكل ما أوتي من اصرار لأنه كان على علم بمدى الجهود الاسرائيلية المستمرة والدائمة لتفتيت الكيان الفلسطيني.
ويعود التاريخ الثالث والاخير الى العام 1993 وهو ما اعتبره الخطأ الحاسم والخطير عرفات: انه القرار بالعودة الى ما يعرف ب"القناة السرية لأوسلو"وصولاً الى وثيقة اعلان المبادئ و"اتفاقات اوسلو".
يقول مثل عربي آخر"من لا يعمل لا يخطئ"، اما الذي يعمل من اجل غاية سامية وعادلة كتحرير فلسطين فيواجه دائماً خطر الانزلاق الحاد الى الاخطاء. كانت غلطة عرفات المميتة التي ادت الى وقف انجازات عدة في قيادته انه قرر سحب البساط من تحت اقدام فريق المفاوضات الذي يترأسه الدكتور حيدر عبدالشافي والذي شكل بناء على توصيات مؤتمر السلام في مدريد العام 1991. وعندما توفي ابو عمار كان الخطأ الذي ارتكبه قد حوّل دولة فلسطين الى"بانتوستان". وكان المجلس الوطني اعلن انشاء دولة فلسطين في جلسته الاستثنائية التاسعة عشرة في الجزائر في تشرين الثاني نوفمبر 1988.
أشك في ان يكون ياسر عرفات وغالبية رفاقه في مركز قيادة منظمة التحرير ادركوا، بعد القضاء على التمييز العنصري في جنوب افريقيا، ان تبقى اسرائيل دولة الابارتايد الوحيدة ضمن نظام الامم المتحدة وان الحل الأقل فاعلية هو عقد اتفاقية مع دولة محتلة ما لم يدعم هذا الحل بضمانات ثابتة لتفكيك تشريعها العنصري. لقي عرفات في هذا الامر مساعدة"معسكر السلام"الاسرائيلي المسمى بالصهيونية السياسية اليسارية المزعومة، او من أمثال يوري أفنيري ويوسي بيلين اللذين نشرا على مر عقود الفكرة الكاذبة التي تقول بامكان انشاء دولة فلسطينية بموجب القانون الدولي الى جانب دولة الابارتايد الاسرائيلية.
وأوافق"معسكر السلام"الصهيوني الرأي بأن من غير الصحيح الاشارة الخاصة الى اسرائيل كدولة تعد فيها ممارسة العنصرية وكره الاجانب الاسوأ مقارنة مع ممارسات اكثر عنفاً كما هي الحال في دول اعضاء اخرى في منظمة الامم المتحدة بما فيها الصين وأندونيسيا وباكستان وسريلانكا وماليزيا ونيجيريا. لكنني اسلم، كما اشرت آنفاً، بأنه بعد القضاء على نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، تصح في الواقع الاشارة الخاصة الى دولة اسرائيل ليس ك"دولة يهودية"، بل وبحسب علمي على انها دولة الابارتايد الوحيدة المتبقية ضمن الامم المتحدة.
العنصرية لا تعني الابارتايد والعكس صحيح ايضاً. الابارتايد نظام سياسي يشرّع التمييز في قوانين مجلس النواب. اما العنصرية فتسري للاسف في كل الدول بما فيها الدول الديموقراطية الليبرالية مثل الديموقراطيات الغربية الليبرالية الحالية. ولكن في الدول الديموقراطية الليبرالية، يحق لضحايا العنصرية اللجوء الى قانون يحميهم في ظل دستور ديموقراطي، اي دستور ينطوي على قيم الاعلان العالمي لحقوق الانسان. لكن في دولة ابارتايد تقوم الدولة بفرض التمييز العرقي عبر النظام القانوني وتجبر المواطنين على الامتثال للتصرف العنصري كما انها تعتبر الخيارات الانسانية جرماً.
لا تملك اسرائيل دستوراً وقوانين مشرّعة لمجلس النواب قبل اقرار قوانينها الاساسية. وتمت صياغة قوانين الكنيست التي تدعم استراتيجية الابارتايد وأقرت في العقد الاول بعد انشاء دولة اسرائيل عام 1948، اي قبل حرب 1967 وما نتج منها من احتلال غير مشروع لأراضٍ اضافية بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة من دون ذكر ضم القدس ومرتفعات الجولان في انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن.
وتتضمن قوانين الابارتايد الاستراتيجية التي سنّتها الكنيست ما يأتي:
- حق العودة وقانون املاك الغائبين وقانون سلطة التطوير وجميعها صدر عام 1950.
- قانون المنظمة الصهيونية العالمية وقانون نظام الوكالة اليهودية العام 1952.
- قانون الصندوق الوطني اليهودي وقانون حيازة الاراضي سريان مفعول القرارات والتعويض الصادرين عام 1953.
- اتفاقية بين حكومة اسرائيل واللجنة التنفيذية الصهيونية التي تعرف باسم اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية لارض اسرائيل العام 1954.
- قانون الاكتتاب العام 1958.
- القانون الاساسي: قانون أراضي اسرائيل وقانون ادارة أراضي اسرائيل، وصدرا العام 1960.
- الميثاق بين حكومة اسرائيل والصندوق الوطني اليهودي العام 1961.
وبحسب قراءاتي، فإن الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني هو صراع بين دولة مستعمرة محتلة وبين سكان فلسطين الاصليين، اي الشعب العربي الفلسطيني حول التحكم بالارض وما تحت الارض. ومن هذا المنطلق، تشبه ابارتايد الاستعمار والاستيطان الاسرائيلية الطامعة ابارتايد جنوب افريقيا الهادفة الى التحكم بكل الاراضي وما تحتها وسلب أكبر قدر ممكن من الغنائم.
في كل ما يتعلق بجوهر الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني، تتشابه الابارتايد الاسرائيلية التي تعتمد على التفرقة والتمييز قانوناً بين"اليهود"و"غير اليهود" في شكل كبير مع ابارتايد جنوب افريقيا التي تعتمد على التفرقة والتمييز قانوناً بين"البيض"و"غير البيض". وفي ذروة نظام الابارتايد في جنوب افريقيا، خصصت 87 في المئة من الاراضي قانوناً للاستيطان وللزراعة وللسكان البيض وتطورهم فحسب"بينما في اسرائيل، خصصت لليهود 93 في المئة من الاراضي للاستيطان والزراعة والتطوير.
كل ذلك للتأكيد بأنه ما من انسان يهودي او عربي او مهما كان يمكن ان يحصل على ارض لمجرد الامتلاك الحر، لأن 93 في المئة من اراضي اسرائيل تخضع لمصلحة"ادارة اراضي اسرائيل"عدا السبعة في المئة المتبقية وهي اراض بملكية خاصة. وتتوافر الاراضي في اسرائيل للايجار فقط على ان تصدر الايجارات عن هذه الادارة ذاتها. لكن يحق للمعترف بهم قانوناً بأنهم"يهود"ان يحصلوا على ايجارات طويلة الامد 49 عاماً او أكثر. اما الذين يتم تصنيفهم قانوناً بأنهم"غير يهود"خصوصاً اذا كانوا عرباً فترفض طلباتهم للحصول على عقود ايجار مماثلة عدا المنطقة التي تدخل في نطاق البلديات العربية باستثناء 2.5 في المئة من المساحة الكاملة لدائرة البلدية في دولة اسرائيل بالرغم من قرار المحكمة العليا الاسرائيلية وتفصل فيها محكمة التمييز في قضية عائلة قعدان ضد الجمعية التعاونية"كتسير"عام 2000.
بعدما قامت اسرائيل بتطهير عرقي للاراضي التي كانت تحت حكم الجيش الاسرائيلي خلال حرب 1948 و1949 وبعدها، عملت على تحويل الفلسطينيين العرب الباقين في ارضهم في دولة اسرائيل الى ما يشبه ال"غيتوات"، اي نحو 20 في المئة من مجموع السكان ما يقارب 150000 نسمة بعد حرب 1948 و 1949 ومليون نسمة حالياً على مساحة 2.5 في المئة من اراضي نفوذ السلطات المحلية. وفي الاعوام الثلاثين الماضية ومنذ حرب 1967 واحتلال ما بقي من فلسطين من دون ذكر التطهير العرقي الشامل لمرتفعات الجولان السورية، وضعت الحكومات الاسرائيلية المتلاحقة برامجها الاستيطانية بهدف الاقتراب في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك القدس وقطاع غزة الى وضع"بنتوستانات"جنوب افريقيا. وان لم تتحقق مرحلة التطهير العرقي والتقسيم السكاني في اسرائيل قبل العام 1967 فعلى الاقل أنجزت مرحلة الفصل السكاني على غرار"بنتوستانات"التي جربها نظام الابارتايد في جنوب افريقيا. وتضم الاساليب المستخدمة لهذه الغاية: انشاء حواجز الاستعمار وبناء طرقات فرعية وتدمير شامل للمنازل واقفال طويل الاجل للطرقات الداخلية وفرض حظر تجول لفترات طويلة وبناء جدار الفصل العنصري وتقسيم الاراضي المحتلة العام 1967 الى مناطق"أ"و"ب"و"ج"اتفاقية اوسلو واعتماد التمييز في توزيع المياه واغتيالات تستهدف شخصيات قيادية وتقييد حرية التحرك من خلال انظمة المرور واقامة حواجر تفتيش وحواجز طرق واعتقالات ادارية وقمع النقابات العمالية والتنظيمات السياسية وتقييد حرية التعبير ضمن القانون العسكري والسيطرة على المجال الجوي والمعابر الدولية ومصادرة الاراضي والتسامح مع الاستيطان الاصولي اليهودي والوحشي واقتلاع الاشجار والبنى الزراعية بواسطة آليات الجيش ومعدات اخرى للاحتلال الاسرائيلي.
ولكن السلطة التشريعية للابارتايد الاسرائيلي الكنيست اختلفت عن المشرع في جنوب افريقيا، اذ لم يذهب الى حد وضع تدابير ابارتايد مهينة. في الواقع، كان يستقبل اي زائر الى جنوب افريقيا في الاعوام التي ساد فيها الابارتايد باجراءات ومعاملات عنصرية من اللحظة التي يستقل فيها الباخرة او الطائرة. فهناك طوابير للتحقق من جوازات السفر"للبيض"وطوابير اخرى ل"غير البيض"، ومراحيض"للبيض"واخرى ل"غير البيض"، ووسائل نقل"للبيض"واخرى ل"غير البيض"وكذلك الامر للمقاعد والحدائق العامة.
في اسرائيل لا يستقبل الزائر بالطريقة نفسها لان المشرّع الاسرائيلي امتنع عن وضع تدابير ابارتايد فلا يلحظ الزائر ذلك كله. وساهم غياب الابارتايد"غير الجوهري"في اسرائيل في تغطية جوهر الابارتايد الإسرائيلي وفي تصوير دولة اسرائيل العنصرية على انها"واحة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط". ومن بين جمعيات المنظمة العالمية الصهيونية، يلعب الصندوق الوطني اليهودي الذي بدأ العمل بموجب الاتفاق بين حكومة اسرائيل والصندوق الوطني اليهودي عام 1961 دوراً خطراً في تشكيل غطاء"الدمج غير الجوهري"الذي يغلّف جوهر الابارتايد الذي بنيت عليه دولة اسرائيل.
فعلى رغم ان غابات الصندوق الوطني اليهودي وحدائقه وأماكن الترفيه لا تخضع للفصل العرقي الا انها بنيت على دمار القرى الفلسطينية العربية. الجيش الإسرائيلي هدم نحو 400 قرية ومدينة ليس فقط خلال حرب 1948 و1949 وبعدها. وعلى سبيل المثال تم تطهير القريتين العربيتين الفلسطينيتين"زكريا"و"عجّور"داخل الحدود الإسرائيلية قبل احتلال عام 1967 على اساس عرقي مما لا يعتبر جريمة حرب فحسب وانما جريمة ضد الانسانية بحسب مواثيق القانون الدولي. وبنى الصندوق الوطني اليهودي"الحديقة البريطانية"على انقاضهما بتمويل من الصندوق الوطني اليهودي في بريطانيا. وحصل الأمر نفسه في الأراضي المحتلة بعد 1967.
هل يبعد وجود"الابارتايد غير الجوهري"في اسرائيل وفي حدائق الصندوق الوطني اليهودي عن اسرائيل تهمة العنصرية وعن الصندوق اليهودي تهمة المشاركة في جرائم حرب وفي جرائم ضد الإنسانية؟ وهل عدم وجود مراحيض ل"اليهود"وأخرى ل"غير اليهود"في مطار اللد الذي يعرف بمطار بن غوريون الدولي والسماح للعائلات العربية بالتمتع بحفلات الشواء بجانب اليهود في الحديقة البريطانية التي انشئت على انقاض قرى زكريا وعجّور او عمواس ويالو وبيت نوبا، تمثّل سبباً فعلياً لإلغاء حقوق ملكية اللاجئين الفلسطينيين عام 1948 الذين تعرضوا للتطهير العرقي ودمّرت قراهم؟ وهل هذا سبب كاف لرفض حقهم كعرب اسرائيل بالعودة الى اراضيهم واستعادة سكنهم في اسرائيل بموجب قانون املاك الغائب عام 1950؟ وهل ان وجود مليون مواطن عربي فلسطيني في الدولة الإسرائيلية يملكون حق الاقتراع ما يقارب 150000 نسمة من"غير اليهود"معظمهم فلسطينيون عرب من الذين بقوا تحت الحكم الإسرائيلي بعد حرب 1948 و1949 ونجوا من التطهير العرقي على يد الجيش الإسرائيلي يغطي الواقع بأن اللاجئين الفلسطينيين العرب وعائلاتهم اي 650000 نسمة عام 1948 وأربعة ملايين اليوم، لا يحصلون على حقهم بالسكن في اسرائيل وبالعودة واستعادة اراضيهم في انتهاك القرارين 181 و194 الصادرين عن الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
كان واضحاً للقيادة السياسية الصهيونية التي قامت بنجاح بإنشاء الدولة اليهودية حين بدأت بخطوة صغيرة في المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 الى ان انضمّت كدولة عضو في الأمم المتحدة بعد خمسين عاماً سنة 1949، بأنه بالنسبة الى دولة انشئت بموجب قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 181 ومصممة على نسف القرار 194وعلى رغم هذا تم قبولها في الأمم المتحدة على اساس اعلانها بأن دولة اسرائيل"تقبل من دون تحفظ التزامات ميثاق الأمم المتحدة وتتعهد احترامها ابتداء من يوم انضمامها الى المنظمة"، كان لا بد لها من تغطية"عنصريتها الأساسية"وإظهار"الدولة اليهودية"على انها"الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط". ويعتمد انضمام اسرائيل الى الأمم المتحدة وبقاؤها فيها على هذا الأمر، مما يفسّر عدم وجود"الابارتايد غير الجوهري"في اسرائيل.
من المؤسف ان ياسر عرفات ومعظم زملائه في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية فشلوا في فهم ان عنوان الابارتايد يتطابق كلياً مع دولة اسرائيل في مفهومها الصهيوني السياسي، وهذا كان ليشكل سلاحاً سياسياً فعّالاً وقوياً. ولا اعني بهذا رفض"حق الوجود"للدولة الإسرائيلية وفقاً لكافة قرارات الأمم المتحدة حول القضية الفلسطينية بما فيها القراران 181 و194 كدولة ديموقراطية ثنائية القومية مع اضافة بعض"الزينة العبرية"، وانما أعني رفض مطالبتها غير الشرعية"بحق الوجود"كدولة ابارتايد ورفضها المستمر لتسوية وللتعويض عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها بحق شعب فلسطين العربي الأصلي منذ قيامها. ومن المؤسف ايضاً انه باختيار"قناة اوسلو"قام عرفات وزملاؤه في قيادة منظمة التحرير بتعليق وضع تجربة جنوب افريقيا في المضمار الإيجابي ولم يدركوا انه من دون مساعدة حملات دولية ضد الابارتايد في مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وسحب الاستثمار في اسرائيل، مع العقوبات الصادرة عن الأمم المتحدة في مواجهة الحكومة الإسرائيلية الخبيثة التي تنتهك قرارات مجلس الأمن، لن يبادر التيار المركزي في اسرائيل الى اجتياز الأصعب وبناء علاقاته على اساس الثقة مع سكان فلسطين الأصليين المضطهدين.
أكتب لأنني مدين لأبو عمار ولأنني عضو مراقب في المجلس الوطني الفلسطيني. تحت قيادته ومع القائد المساعد لحركة فتح خليل الوزير ابو جهاد الذي اغتيل في منزله في تونس عام 1988 على يد مجموعة اسرائيلية بقيادة الجنرال ايهودا باراك الذي اصبح في ما بعد رئيس حزب العمل ورئيساً للوزراء اضافة الى قادة حركة"فتح"مثل نبيل شعث حالياً وزير الخارجية في السلطة الفلسطينية برزت وللمرة الأولى فكرة دولة فلسطينية ديموقراطية للمسلمين والمسيحيين واليهود عام 1964 وأطلقها عرفات في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والعشرين.
بعد هذه الدعوة بدأ المدركون من سكان اسرائيل اليهود الذين ابتعدوا عن قيم العنصرية للحركة الصهيونية السياسية يفكرون باجتياز الحدود السياسية. وفي العقود التالية، انضم بعضهم، وأنا منهم، الى منظمة التحرير أو الى أحد الأحزاب السياسية الملحقة بالمنظمة. عام 1984، انضممت الى حركة"فتح"بتوصية من أبو جهاد.
وكما يقترح نموذج تفكيك النظام العنصري في جمهورية افريقيا الجنوبية، في سبيل مستقبل متفق عليه وينصهر فيه الشعبان المعنيان، أي بين المستعمرين لفلسطين من الصهيونية السياسية والذين يعرفون ب"اليهود الاسرائيليين"وبين السكان الأصليين الفلسطينيين العرب الذين يعيشون في ظل الاحتلال والاستعمار والاضطهاد والتطهير العرقي، يجب أن يبنى ذلك على مبدأ فصل الدين والهوية الوطنية أو العشائرية عن الدولة والالتزام بإطار قرارات الأمم المتحدة كافة المتعلقة بالقضية الفلسطينية وضمن احترام القانون الدولي المنبثق عن الاعلان العالمي لحقوق الانسان. على هذا الأساس، أعتقد ان أقلية من الناس قد تعترض على أن تكتب اشارات الطرقات في"الدولة اليهودية"بالعبرية ثم بالعربية والانكليزية أو اذا كان يوم الراحة السبت بدل الجمعة أو الأحد.
يعود الينا، وأعني جميع الذين التزموا قيم الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ان نحدد الخطوط العريضة في ارث قيادة ياسر عرفات وأن نبني عليها ما فاته. على مر العقود الأربعة من توليه القيادة، نجح أبو عمار مع زملائه في مراكز قيادية في منظمة التحرير في النقاط التي فشل فيها من سبقهم خصوصاً بجمع الشروط الأساسية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني. يعود الينا، نحن الذين التزمنا قيم الإعلان العالمي لحقوق الانسان أن نضيف اليها الشروط اللازمة والفاعلة وفي المقام الأول ان ندفع الى أمام ما لم ينجح فيه قائدنا الراحل، أي اعادة تحديد منظمة التحرير ليس كممثلة شرعية للشعب الفلسطيني فحسب، بل أيضاً كخيار ديموقراطي متلازم لكافة اللاجئين الفلسطينيين عام 1948 وكافة النازحين الفلسطينيين عام 1967 وكل الذين يعيشون في الأراضي المحتلة بعد العام 1967 وكل مواطني دولة اسرائيل، عرباً ويهوداً، على قدم المساواة.
أفتقد صداقته كثيراً وأتمنى ان اكون موجوداً عندما تتحقق أمنيته الأخيرة ويدفن في المسجد الأقصى في القدس.
* ولد الدكتور اوري ديفيس في القدس عام 1943، كبر وتعلّم في اسرائيل. وهو من المدافعين عن حقوق الانسان وخصوصاً عن الحقوق الفلسطينية منذ العام 1965، وكان رائد البحث الناقد حول الصهيونية واسرائيل منذ منتصف العام 1970. ومن أحدث كتاباته:"ابارتايد اسرائيل: إمكانات النضال في داخلها"، زيد بوكس، لندن، 2003.
** الدكتور ديفيس عضو مراقب في المجلس الوطني الفلسطيني، وعضو فخري للأبحاث في معهد الدراسات الشرق الأوسط والاسلام في جامعة درهام وفي معهد الدراسات العربية والاسلامية في جامعة اكستر بريطانيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.