القيادة تعزي رئيس سريلانكا في ضحايا إعصار ديتواه الذي ضرب بلاده    مجلس الوزراء يقر ميزانية 2026.. وولي العهد: مصلحة المواطن في صدارة أولويات حكومة المملكة    توطين تقنيات التصنيع الذكي    وسط ضغوط وتهديدات مبطنة.. هرتسوغ: الخطاب العنيف لن يجبرني على «عفو نتنياهو»    إسرائيل تتسلم «عينات رفات» رهينة من غزة    يونيسف: الوضع كارثي والأطفال يدفعون الثمن.. ارتفاع غير مسبوق في الاعتقالات بغزة    نيابة عن خادم الحرمين وأمام ولي العهد.. السفراء المعينون حديثاً بعدة دول يؤدون القسم    في مستهل مشواره بكأس العرب.. الأخضر يعبر عمان بثنائية البريكان والشهري    الهلال يطلب إعفاء بونو من كأس أفريقيا.. ونونيز يريد الرحيل    ألقى بابنته من الشرفة لرفضها فسخ خطبتها    «الجوازات»: الهوية الرقمية لا تستخدم في عبور منفذ سلوى    مجرد (شو) !!    قبل عرضها على سبيستون    أضخم منصة عالمية للاحتفاء بالحرف اليدوية.. «الثقافية» تمثل السعودية بمعرض أرتيجانو آن فييرا    جودة النظام الصحي تسبق مهارة الطبيب    شبه القراءة بالأكل    ألونسو: أهمية مبابي أكبر من أهدافه    السيتي ينجو من انتفاضة فولهام ويقلص الفارق مع آرسنال إلى نقطتين فقط    مخالفة بيع ونقل الحطب 16 ألف ريال للمتر    الجيش الألماني يعلن تعرّض شحنة ذخيرة للسرقة    ضبط 21134 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    رصد البقعة الشمسية العملاقة رقم 4294 من سماء الحدود الشمالية    توجيه تهمة القتل للمشتبه بإطلاقه النار على فردين من الحرس الوطني بواشنطن    شاطئ السيف بجدة.. استرخاء وأنشطة بحرية    الملك وولي العهد يعزيان رئيس سريلانكا في ضحايا إعصار «ديتواه»    نور الرياض    منازل نجران.. تراث أصيل    تركي آل الشيخ: فيلم خالد بن الوليد يمثل كل سعودي وسعودية    الأنظمة لا تلغي حق الجار    العُلا.. وجهة الهايكنغ    في جزيرة شورى وزيرا الرياضة والإعلام والإعلاميون.. أمرهم شورى!    3 ملايين مخطوطة تتصدر حديث ثلوثية الحميد    42% نمو بالإنتاج الزراعي بالباحة    الأسهم السعودية تغلق على تراجع طفيف    البطاطا تقود ارتفاع المنتجات الزراعية خلال أكتوبر    الأخضر يستهل مشواره بالتغلب على عُمان بثنائية في كأس العرب 2025    عنف إسرائيلي متصاعد وسط تمدد البؤر الاستيطانية    تحرك أمريكي روسي جديد لبحث مقترح سلام ينهي حرب أوكرانيا    انطلاق فعاليات القمة الخامسة لرعاية العيون بمشاركة نخبة من الكادر الطبي    السفراء الجدد يؤدون القسم أمام ولي العهد    حين أوقدت منارتي نهض الصمت فنهضت به    رجل الدولة والعلم والخلق الدكتور محمد العقلاء    انعقاد الجلسة الافتتاحية لحوار المساعدات الإستراتيجي الثالث حول التنمية الدولية والمساعدات الإنسانية بين المملكة وبريطانيا    فضيلة المستشار الشرعي بجازان يلقي كلمة توجيهية لمنسوبي القوة البحرية بجازان    "الشؤون الإسلامية" تنفذ أكثر من 47 ألف جولة رقابية في المدينة المنورة    أكاديمية الأمير سلطان تنظم حملة تبرع بالدم    القيادة تهنئ رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بذكرى اليوم الوطني لبلاده    انطلاقة مشروع "رَواحِل" بجمعية التنمية الأهلية بأبها    المركز الوطني للعمليات الأمنية يتلقى (2.720.218) اتصالًا عبر رقم الطوارئ الموحد (911)    الديوان الملكي: وفاة صاحب السمو الأمير عبدالله بن فهد بن عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود    طالب جامعة شقراء بتعزيز جهودها في التحول.. «الشورى» يوافق على تعديل مشروع نظام حقوق المؤلف    «التخصصي» ينقذ طرف مريض بالجراحة «ثلاثية الأبعاد»    البكتيريا المقاومة للعلاج (2)    الكتابة توثق عقد الزواج عند عجز الولي عن النطق    محافظ الطائف يلتقي رئيس مجلس إدارة جمعية أسر التوحد    البروفيسورة حياة سندي تنضم لجائزة Galien    القيادة تعزي الرئيس الإندونيسي في ضحايا الفيضانات والانزلاقات الأرضية ببلاده    الداخلية: تخريج 99 ضابطاً من دورات متقدمة وتأسيسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجدار الأمني أبعد من الابارتايد
نشر في الحياة يوم 04 - 08 - 2003

ثمة اصرار لدى بعض المفكرين المنظرين الفلسطينيين على اقامة تشابه بين الابارتايد الميز العنصري الذي عرفته جنوب افريقيا والكيان اليهودي الصهيوني في فلسطين. ولهذا رأوا "الابارتايد" يتمثل في الجدار الأمني الذي راحت تمده الدولة العبرية ليفصل بين الأراضي التي تريد ضمها من الضفة الغربية، حيث وسعت القدس وامتدت المستوطنات. وقد راح يتلوى مثل الأفعى حول عدد من المستوطنات، كما المدن والقرى الفلسطينية، ليفصل ما أمكنه أن يفصل من مستوطنات ليضمها الى دولته ويفرّق بين عدد من المدن والقرى الفلسطينية ملتهماً عشرات الآلاف من الدونمات الزراعية ليلحقها به هي الأخرى في ما بعد.
السبب المعلن لمد هذا الجدار هو تحقيق "الأمن" من هجمات في الداخل الاسرائيلي بما في ذلك ضد المستوطنات. ولكن هذا مجرد سبب من بين أسباب مهمة يأخذها الجدار بطريقه، مثلاً الاستيلاء على الحوض المائي الغربي الذي يقع تحت أراضي القرى التي فصل بينها وبين أراضيها. فالدافع المائي بالنسبة الى الاستراتيجية الاسرائيلية يسير جنباً الى جنب مع دافع اغتصاب الأرض وتهجير سكانها الفلسطينيين. وقد كان هذا، دائماً، جزءاً أساسياً في الاستراتيجية والعمليات التكتيكية العسكرية الاسرائيلية، بما في ذلك موضعة المستعمرات قديماً والمستوطنات حديثاً.
ومن هنا فإن قصة الميز العنصري "الابارتايد" لا تمثل الوجه الرئيسي للاستراتيجية الصهيونية في هذا الصدد. فالعنصرية الصهيونية ليست عنصرية ابارتايد عزل، وانما اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم والقائهم خارج الحدود ما أمكن. وهي عنصرية اغتصاب للأرض وما تحتها وما فوقها، بما في ذلك المدن والقرى المعمورة بعد تهجير أهلها، كما حدث وفقاً لاستراتيجية الوكالة اليهودية والهاغناه الجيش عام 1948/ 1949. ومن ثم فإن المقارنة بين "الابارتايد" الذي مورس في جنوب افريقيا وناميبيا يعفي العنصرية الصهيونية من أشد سماتها بشاعة. وهذه مختلفة نوعياً عن الابارتايد في عالم العنصرية نفسها. ولا يفوق العنصرية الصهيونية الا عنصرية البيض الأميركيين الذين اغتصبوا الأرض وأبادوا سكانها، في حين اشتركت العنصرية الصهيونية في سمة اغتصاب الأرض ومصادرة المدن والقرى والأملاك، واختلفت بالتهجير القسري بدلاً من الابادة الشاملة. طبعاً مع استخدام المجازر المحدودة اذا ما قورنت بالحالة الأميركية بقصد التنظيف "العرقي" من خلال التهجير وليس الابادة.
كل عنصرية فيها طابع العزل، ولكن ليس كل عزل نظام ابارتايد. ولهذا تجد أوجه شبه بعيدة بين العنصرية الاسرائيلية الصهيونية والابارتايد في بعض الأجزاء المتناثرة هنا وهناك. فإذا صح ذلك جزئياً فلا يجوز أن يتحول الى الوجه الرئيسي للصورة لأنه يزينها ان حصرها بالابارتايد من شدة بشاعتها الخاصة بها.
ويمكن للمرء أن يتفهم الدافع ذا النيات الحسنة عند من يركزون على وجه الشبه مع الابارتايد من أجل تقريب الصورة الى الذهن الغربي المشبّع ضد الابارتايد الجنوب افريقي. ولهذا ينزعج الاسرائيليون والصهاينة من التشبيه لأن وصف ما يفعلونه بالعنصرية مرفوض بكل أشكاله، ومن حيث أتى، وان كانوا يخشون الربط بالابارتايد لخطورة ذلك بالنسبة الى نظرة الرأي العام في الغرب. ولكن الحقيقة يجب الا تخضع لاعتبارات الدعاية وان كانت في جوهرها محقة وعادلة. لأن تضخيم الجزئي ليصبح كلياً يسهّل تبديده ويضعف حجته لمخالفته كثيراً من الوقائع حتى لو كانت أشد عنصرية.
وإذا عدنا إلى الجدار، فالمشكلة ليست بالفصل العنصري وإنما بما يلتهمه من أراضٍ ومياه جوفية وما يسببه من كوارث للفلاحين، وما يحدده من حدود تُقسّم أراضي الضفة الغربية بنسبة 40 أو 45 في المئة إلى 55 أو 60 في المئة. وهذا مشروع شارون في مفاوضات ما يسمى "خريطة الطريق". وبالمناسبة هنالك عدد من المستوطنات تُرك خارج الجدار من الجهة التي يظن أنها ستترك للفلسطينيين. ويقدر خبراء الماء أن السبب يعود لخلو "أراضيها" من مائدة مائية، ويحسب "خبراء" المفاوضات انها مسمار جحا يمكن استخدامه في أكثر من اتجاه. وأما من لا يحسن الظن فيرى أن مشروع الجدار ستلحق به جدد فرعية بما في ذلك في الاغوار على طول الحدود الأردنية… وهكذا.
أما من جهة أخرى، فإن بناء الجدار، وهو مشروع طرح منذ خمسة عشر عاماً، قد يحمل بعداً آخر هو انسحاب الاحتلال إلى ما ورائه إذا عزت التسوية بشروطه، واضطر إلى الاندحار أو الانسحاب من جانب واحد. فيكون قد حدد ما يريد أخذه وترك المدن والقرى الآهلة، ليفرض نوعاً من الهدنة، كما هي الحال في جنوب لبنان، فيحميها بالنيران والتهديد والضغط الدولي، إلى جانب امتلاك الفلسطينيين ما يخسرونه حين تترك لهم تلك البقية ليقيموا عليها دولة. ولكن هذا الخيار مرهون بجعل الاحتلال مكلفاً، وبلا أمل في القضاء على الانتفاضة والمقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، فضلاً عن انسداد آفاق التوسع بالمستوطنات أكثر، وابتعاد امكان التهجير الجماعي القسري الترانسفير.
* كاتب فلسطيني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.