أمامي مجموعة من الرسائل عن الاموال الفلسطينية، الظاهرة والسرية، بعضها يؤيدني كالأخت ناديا أبو سلمان، وهي فلسطينية تقيم في لندن، وبعضها يعارضني مثل الأخ زكي احمد الحسّون، وهو فلسطيني يقيم في البحرين. ليس عندي ما اضيف الى ما كتبت نقلاً عن الأخ سلام فياض، وزير المال الفلسطيني، غير نقطة واحدة، هي ان السيد فاروق القدومي أبو اللطف قال في اجتماع ضم عشرات الشخصيات الفلسطينية في عمان ان السيد محمد رشيد، المدير العام لصندوق الاستثمار الفلسطيني، سلّم الدكتور فياض 600 مليون دولار بعد وفاة أبو عمار، وان مبالغ اخرى على الطريق. هذه المعلومات تتناقض مع كل ما سمعت من أخينا سلام في لندن على يومين الاسبوع الماضي فقط، وقد اتصلت بالوزير وبالأخ محمد رشيد لأسألهما عن السرّ، وهما اكدا لي ان كلام أبو اللطف غير صحيح، ولا يعرفان مصدره، وقد نفى الوزير فياض بشدة كلام رئيس فتح. ماذا اقول؟ انتظرناهم من الغرب هذه المرة فأتونا من الشرق، فقد كنت انتظر ان يكون التشويش على السلطة الوطنية من اعوان اسرائيل في الولاياتالمتحدة وغيرها، لا من بين الفلسطينيين انفسهم. ولا ادري من أين جاء ابو اللطف بمعلوماته، وربما اختلط الامر عليه، فشركة ستاندارد اند بور الاميركية الكبرى قدرت اخيراً موجودات صندوق الاستثمار بحوالى 800 مليون دولار، ولعلها كانت 600 مليون عند تأسيس الصندوق قبل سنتين، فهو حقق ارباحاً طيبة، خصوصاً في مجال تكنولوجيا الاتصالات. ارجو ان يكون الأخ ابو اللطف اكثر حذراً في تصريحاته في المستقبل، لأنه يحتاج الى صدقية كبيرة وقد خلف ابو عمار في رئاسة فتح. ونحن نحتاج الى ثقة بالمسؤولين الفلسطينيين كلهم، اذ يكفينا ما نعاني من اسرائيل ورهطها. وأكمل بمجموعة اخرى من الرسائل كلها بالبريد الالكتروني، وبالانكليزية، وكلها يمتدح مقالي عن ان العيب فينا، وأننا مقصرون ثم نتهم أميركا واسرائيل. ولن اكرر اي مديح هنا، وانما سأجمع الرسائل وأعلقها ضمن اطار فوق مكتبي، لانني أُنتقد اكثر مما امدح، ولكن اشكر الأخ كميل عطرقجي وأيضاً مانويلا بارايبان وهوارد يورادسكي ومارلين موريس وسوزي كوري. وأكمل بالقارئة كارولين ايلي، وهي ترد على انتقادي"الجهل"الاميركي بأمورنا، واتفق معها ان في بلادنا جهلاً اكبر، الا ان هناك نقطة تتردد باستمرار في رسائل القراء غير العرب، هي من نوع ان عدد القتلى في السودان اكبر بكثير مما تقتل اسرائيل من الفلسطينيين، وان عدد القتلى في العراق اعلى ايضاً، وهكذا... أقول ان القتل هو القتل، ولا ادافع ابداً عن مذابح دارفور، ولا اقبل اي تبرير لها، وقد هاجمت بحدة الارهابيين الذين يقتلون المدنيين الابرياء في العراق، غير ان جريمة ترتكب في السودان او العراق لا تبرر ابداً جريمة ترتكب في فلسطين، وأرجو من القارئة ان تملك الشجاعة لادانة جرائم حكومة شارون، وان تبدي الحماسة نفسها التي تبديها في ترصد جرائم الآخرين. بعد كل هذا هناك قارئان عربيان، حسن ومحمد، وهما يبعثان اليّ بين حين وآخر برسائل عبر البريد الالكتروني تصيب الهدف تماماً لمعرفتها بدخائل أمتنا، وحسن يعتبر انني اعور في بلدان العميان، ثم يطلب مني ان اتحدث عن"الأغبياء الجدد"في بلادنا. اما محمد، وفي رسالة بالعربية، فيريد مني ان اكتب عن الدول العربية التي كانت قاعدة للعدوان على العراق. عندما اقرر ان اكتب مقالي الاخير فقد استجيب لطلب حسن او محمد، اما الآن ففي فمي أمواه دجلة والفرات. ويعلق الأخ منيف اليوسف على مقال لي سجلت فيه ثلاثة مشاهد، هي قتل جريح في الفلوجة وطفلة في غزة وجنود مصريين في سيناء، ويقول ان الذين غزوا العراق فعلوا لأنهم يعتبرون دم"الآخر"ارخص، وليس مهماً كدمهم. ويزيد ان هذا الموقف الاستشراقي هو سبب الغضب المستمر والمتزايد للشعوب المستهدفة باعتداءاتهم. وأكمل بالقارئ محمد بن فالح الدوسري، رئيس هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في وادي الدواسر، فهو بعث الي برسالة طويلة، بالعربية وبالفاكس، إن اظهرت شيئاً فهو انه قارئ مواظب دقيق الملاحظة، مما سيجعلني اكثر حذراً في المستقبل وأنا اكتب لأنني سأتذكر انه سيقرأ ويحاسب. رأي الأخ محمد من رأيي في السياسة الاميركية وانحيازها الكامل لاسرائيل، وضرورة ان نتنبه الى انها تسير من سيئ الى أسوأ. وهو يتفق معي في معارضتي العمليات الانتحارية، ويصفها بأنها احباطية، ويزيد انه يتحدى اي شخص ان يأتي بفائدة واحدة جناها الاسلام والمسلمون من هذه العمليات. غير انه يركز على العمليات الانتحارية في العراق والسعودية، ولا يذكر فلسطين. أخونا محمد يؤيد رسائلي الى جورج بوش وياسر عرفات وسهى عرفات، ويختار منها عبارات تعجبه، وكأنه يحتفظ بأرشيف خاص، فأرجو منه ان يتذكر ان عين الرضا عن كل عيب كليلة... طبعاً رضا الناس غاية لا تدرك، والأخ محمد يسجل نقطتين أخريين يختلف معي في واحدة ويتفق معي في الاخرى. هو يعلق على ما أكتب عن النساء في"الوسط" ويقول ان الهذر غير لائق في هذه السن، وحالتنا لا تسمح. وأعترف له بأنني ضعيف ازاء النساء، بل"أموت في دباديبهم"او دباديبهن، والامر كله كلام، فالحسان لا يبادلنني العاطفة. أما نقطة الاتفاق فهي قوله انه عندما قرأ لي مقالاً عن العقيد القذافي تمنى لو كنت بجانبه ليذبح لي طلياً خروفاً على حد قوله. الطلي نجا ولكن العيد قريب. وأختتم بالقارئ عادل مازن الذي اوافقه قوله ان الاميركيين يستعملون الديموقراطية والانتخابات لتحقيق اغراض اخرى في بلادنا، وأرجو ان يكون قرأ ما كتبت عن الموضوع قبل يومين، فرأيي من رأيه تماماً.