في ظل تقارير عدة وردت امس عن استقرار، او عدم حدوث تغيير منذ الجمعة، في الحالة الصحية للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي يرقد مريضاً في مستشفى بيرسي العسكري الفرنسي قرب باريس، واصلت القيادة الفلسطينية ترتيب اوضاعها تمهيداً لمرحلة مقبلة قد لا يكون الرئيس الفلسطيني قادراً فيها على ممارسة دوره القيادي بعد اربعين عاماً من تربعه على عرش "القضية الفلسطينية" وإن كتبت له النجاة. راجع ص 4 و 5. ومن ضمن استعدادات القيادة الفلسطينية لمرحلة جديدة، بدا ان الصلاحيات باتت مقسمة ما بين امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس ابو مازن مسؤولاً عن القضايا السياسية، ورئيس الوزراء احمد قريع ابو علاء مسؤولاً عن السلطة التنفيذية في السلطة الفلسطينية. وفي تطور لافت في غياب عرفات عن مقره في رام الله، هنأت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي عقدت اجتماعاً امس الرئيس الاميركي جورج بوش على اعادة انتخابه. وقال الامين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبدالرحيم في بيان ان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هنأت الرئيس بوش على فوزه في الانتخابات و"اعربت عن الامل في بداية تعاون جدي مع الادارة الاميركية في عهدها الجديد لتحقيق رؤية الرئيس الاميركي بقيام دولة فلسطينية مستقلة وديموقراطية فوق جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف". وفي مدينة غزة، حض "ابو علاء" امس الفصائل الفلسطينية كافة خلال اجتماعه مع قادتها امس على "عدم الاحتكام بأي حال من الاحوال الى السلاح"، معتبراً ذلك "خطاً احمر". ووصف قريع الاجتماع الذي اطلق عليه "اجتماع الوفاء للرئيس ياسر عرفات" بأنه "اجتماع مهم للغاية، ذلك انه تم البحث خلاله في مجموعة من القضايا الاساسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وايضاً عملية فك الارتباط" التي طرحها رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون. وشارك في الاجتماع للمرة الاولى قادة الاجهزة الامنية، وممثلو 13 فصيلاً وطنياً واسلامياً. وشدد قريع على انه "في حال حصول مكروه للرئيس لا سمح الله، فسيكون القانون الاساسي الدستور الموقت هو سيد الموقف الذي يقضي بوجوب تسلم رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة لمدة 60 يوماً قبل ان تجري انتخابات عامة لانتخاب رئيس جديد للسلطة الفلسطينية خلفاً له". وأشار الى انه "تم الاتفاق على ان تكون هناك شفافية في عمل الاجهزة الامنية من خلال العمل والتنسيق مع القوى الوطنية والاسلامية". وفي غضون ذلك، تتوزع القيادة الفلسطينية في ثلاثة عناوين رئيسة اولها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تضم اعضاء الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير، وثانيها رئاسة الوزراء، نتاج "السلطة الوطنية" التي انشئت في الداخل بعد اتفاقات اوسلو. والثالث هو اللجنة المركزية لحركة "فتح". وثمة عنوان رابع محتمل يضم "التيار الاسلامي" ممثلاً ب"حركة المقاومة الاسلامية" حماس التي تنافس حركة "فتح" في شعبيتها و"حركة الجهاد الاسلامي"، اضافة الى 11 فصيلاً والجميع اعضاء في "لجنة المتابعة الوطنية والاسلامية العليا التي عقد ممثلوها اجتماعاً مساء الجمعة في غزة رفعوا خلاله "ورقة عمل" الى"ابو مازن" الرجل الثاني في منظمة التحرير بعد الرئيس عرفات يطالبون فيها بعدة قضايا ابرزها "وقف حالة التفرد" في القيادة الفلسطينية. العودة الى المؤسسات وبعد اسبوع على تدهور صحة الرئيس الفلسطيني تجسد التشديد على "مأسسة" السلطة في الاجتماعات المتوالية والمتواصلة لهياكل القيادة الفلسطينية. وجاء القرار الذي "ابلغه" "ابو مازن" لمركزية "فتح" واللجنة التنفيذية للمنظمة بتولي رئيس الوزراء "ابو علاء" الصلاحيات الامنية والادارية والمالية للسلطة الفلسطينية للتدليل على "سلاسة" عملية نقل السلطة في هذه المجالات بالتحديد، والتي كانت موضع خلاف مع الرئيس عرفات الذي قبل على مضض استحداث منصب رئيس الوزراء الذي ينتزع العديد من صلاحياته. اما "ابو مازن" نفسه فقد حل، بصفته امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، مكان رئيس المنظمة ابو عمار في هذه الاجتماعات. وهذا يؤكد ان الصلاحيات والمسؤوليات قسمت ما بين "ابو مازن" مسؤولاً عن القضايا السياسية و"ابو علاء" مسؤولاً عن السلطة التنفيذية في السلطة الفلسطينية.