سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كيري يقر بهزيمته ... واميركا وازمات العالم في عهدة بوش مجدداً . بوش في الولاية الثانية اكثر تصلباً مع سورية وأكثر حزماً في معالجة النزاع العربي - الاسرائيلي
أعطى الأميركيون ولاية ثانية للرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش ليمضي في المسار الذي بدأته السلطة التنفيذية اثناء ولايته الأولى على الصعيدين الداخلي والخارجي. ورفضت الغالبية في الولاياتالمتحدة خيار التغيير الذي عرضه عليها المنافس الديموقراطي جون كيري، واختارت تعزيز حكم الحزب الجمهوري على مستوى كل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية بغالبية جمهورية في مجلسي الشيوخ والنواب، وبسلطة للرئيس الجمهوري لتحويل المحكمة العليا الى اكثرية محافظة تجعل السلطة القضائية ايضاً جمهورية. وانتهت الانتخابات الاميركية أمس الأربعاء بانتصار منطق القوة والاستفراد بالقرار الذي تبنته الحملة الجمهورية وتركت اميركا منقسمة، نصفها في حال ذهول من النتيجة وقلق من أبعادها على الأحوال الشخصية والسياسة الخارجية. واعتبر المحللون امس ان النتيجة تعطي الرئيس بوش تفويضاً واضحاً بمواصلة سياسات داخلية وخارجية خلافية ومثيرة للجدل على مدى السنوات الاربع المقبلة، بما فيها إنجاز المهمة التي بدأها في العراق ومشروع الشرق الاوسط الاوسع، مع مواصلة الحرب على الارهاب، وتطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية داخلية محافظة. وقال ناطق بإسم البيت الابيض ان الشعب الاميركي "اعطى ثقته بسياسات الرئيس بوش بنسبة تجاوزت بكثير ما حصل عليه في العام 2000، وفاقت ما كان حصل عليه الرئيس الاسبق رونالد ريغان الاكثر شعبية في العام 1988". وقال خبراء انتخابيون ان من المبكر تحليل العناصر التي ساهمت في اعادة انتخاب بوش بإستثناء مؤشرات قوية الى ان جزءاً كبيراً من الناخبين اظهر اهتماماً بمسألة القيم الدينية والاخلاقية في شكل تجاوز الاهتمام بالوضع الاقتصادي والمسائل المتعلقة بالامن القومي. واتفق المعلقون امس على ان التفويض الذي حصل عليه بوش، معززاً بغالبية واضحة في مجلسي الشيوخ والنواب، سيعني ان الرئيس سيمارس سياسات اكثر تشدداً وسيكون محرراً من عبء محاولة استقطاب تأييد التيار الوسطي المعتدل داخل الحزب، فضلاً عن تحرره من الحسابات الانتخابية في ضوء عدم جواز الترشح لدورة رئاسية ثالثة. وتتركز الانظار بعد تسليم كيري بالهزيمة على الفريق الذي سيختاره بوش لتنفيذ السياسات الخارجية في ضوء قرار وزير الخارجية كولن باول ونائبه ريتشارد ارميتاج الانسحاب من العمل السياسي بناء على رغبتهما. ورشحت مصادر مختلفة كلاً من مستشارة الامن القومي كوندوليسا رايس ومساعد وزير الخارجية الحالي لشؤون الامن والتسلح جون بولتون لملء المنصب، فضلاً عن ترشيح السفير الى الاممالمتحدة جون دانفورث. ولم يتضح بعد ما إذا كان بوش سيبقي على وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذي تعرض لإتهامات بإساءة تقدير الوضع في العراق عشية الحرب وتمسكه بعدم الحاجة الى مزيد من القوات للسيطرة على حركة التمرد رغم اجماع الخبراء العسكريين على ذلك. وتلقت الأوساط الدولية أنباء فوز بوش بولاية ثانية بكثير من الوجوم والتخوف باعتبار انه يبقي الازمات الدولية في كنف السياسات نفسها، لكنها اعلنت مواقف ترحب بالنتيجة الانتخابية. وتعهد الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي انان، في بيان، العمل مع ادارة بوش في مواجهة القضايا الدولية ومعالجتها. وجاء فوز بوش بولاية ثانية ليعني ان لا تغيير في السياسة الاميركية في الملف العراقي الذي يشكل نقطة اختبار للعلاقات الاميركية - الدولية، بما فيها العلاقة الاميركية - الأوروبية. وتوقعت أوساط دولية تأزماً مرحلياً في هذه العلاقات، معتبرة ان أولى محطات المواجهة ستكون في العلاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها التنفيذي الدكتور محمد البرادعي الذي اتهمته ادارة بوش بالتدخل بالعملية الانتخابية. وشككت أوساط اميركية في حصول تغيير جذري في توجهات الادارة الثانية لبوش، خصوصاً مع استمرار نائب الرئيس ديك تشيني في السلطة. لكن اوساطاً اخرى لم تستبعد تنفيذ ما تعهدته أوساط في هذه الادارة بأن تسلط المحافظين الجدد على وزارة الدفاع البنتاغون سينتهي، وان الولاية الثانية ستكون أقل انسياقا مع "الصقور". ولفتت الأوساط الى ان الولاية الثانية اكثر تحرراً من القيود تقليدياً من الولاية الأولى، مما يجعل الرئيس اكثر "جرأة" في اتخاذ قرارات حازمة بعيداً عن عبء الحسابات الانتخابية. وقالت ان هذا التغيير قد يكون اكثر وضوحاً في ملف الشرق الأوسط حيث سيصبح بوش اكثر حزماً في اصراره على معالجة النزاع العربي - الاسرائيلي. وبحسب توقعات الاوساط التي تابعت مواقف الادارة الجمهورية وتعهداتها في الولاية الاولى ستتبنى هذه الادارة في الولاية الثانية مسار الحزم مع سورية في ملفي العراق ولبنان. واشارت الى ان كثيراً من الذين دعموا بوش - تشيني من العرب الاميركيين وضعوا الموضوع السوري في مطلع اهتماماتهم وأولوياتهم، واذا كان هناك من "دين" فهو في هذا الملف بالذات. ولم تخف أوساط اخرى قلقها من تطورات على الساحة الايرانية، مشيرة الى ان اقطاباً فاعلة في البنتاغون وضعت الخطط في ذهنها لاستهداف ايران عبر اسرائيل كي تقوم بضرب المفاعل النووي. وتوقعت "مسح الغبار" عن هذه الخطط في المستقبل القريب، انما هذه التوقعات بقيت في خانة الافتراضات والمخاوف اذ ان بوش لم يكشف بعد هوية حكومته في الولاية الثانية، ولا الشخصيات التي ستتولى مناصب فيها.