"لا أستطيع أن أتذكره من دون أن أضحك"... بهذه الكلمات بدأ الفنان أحمد أبو سلعوم، حديثه عن زميله الراحل بسام زعمط الذي توفي الأسبوع الماضي، بعد صراع طويل مع المرض... وأضاف أبو سلعوم: "ما زلت لا أصدق أنه غادرنا... بسام اسم على مسمى، فنان مثقف! وقلما نجد على شاكلته في الوسط الفني الفلسطيني... كان يجيد اربع لغات بطلاقة، كان يجيد الاستماع الى الآخرين، بعيداً من أي نوع من المكابرة. كما كان كريم النفس، بشوشاً، ويحب النكتة. كان استاذاً في الكوميديا، علاوة على كونه يتقن جميع ألوان الأداء التمثيلي الراقي". ويتذكر أبو سلعوم: "في العام 1977، عرض عليّ تقديم دور معروف الاسكافي، وكان دوراً صعباً، لكون الشخصية تتراوح بين الكوميديا الساخرة، والحزن الشديد. وجدت صعوبة في التعامل مع هذه الشخصية، فتركتها، وحين قدم بسام الدور، تألق فيه". ويضحك أحمد أبو سلعوم، عند الحديث عن المواقف المضحكة والمقالب التي كان يشتهر بها الراحل زعمط: "في مسرحية "ثوب الامبراطور" ل"مسرح الشوك" في القدس، كان يقدم بسام دور الامبراطور. ولاحظ في الكواليس شاباً كان يشتبه في أنه يسرق حاجيات الممثلين، بينما كانوا على خشبة المسرح. استخدم بسام في حينه سرعة بديهته، وأشار الى "الحرس"، بأن جاسوساً في محيط القصر، آمراً بضربه ضرباً مبرحاً، ما خاله الجمهور جزءاً من النص. أما نحن فأحضرنا السارق ونفذنا "أوامر السلطان"، فلقناه درساً لا ينسى. ويصف الفنان جورج ابراهيم، "مدير مسرح القصبة"، رفيق دربه بسام زعمط، بالفنان الشامل الذي يجيد كل ما يتعلق بالمسرح، من كتابة، وتمثيل، واخراج... كان سريع البديهة، ويعشق المرح، ولا يجد حرجاً من السخرية حتى من نفسه... كان يستفيد من سمنته لهذا الغرض... ويضيف ابراهيم: "للأسف دهمه المرض، وهو في قمة عطائه... عاش قرابة العشر سنوات الاخيرة من عمره "على الأدوية"... لم يستطع بسام قطف ثمار النجاح الذي حققه في شبابه، منذ ان ترك تدريس اللغة الانكليزية في مدرسة "الفرير"، مفضلاً احتراف المسرح، وحتى فضل الاعتزال، على رغم انه قدم الكثير من الاعمال الفنية، جلوساً، بسبب وضعه الصحي المتردي". وكان زعمط، بحسب جورج ابراهيم، يجدد نشاطه في المقالب. ويروي ابراهيم منها ما حدث مع الممثل جمال سعيد، في مسرحية ثوب الامبراطور، حينها وضع له بسام، من دون ان يدري، فلفلاً اسود في كوب الشاي، الذي لا بد من ان يرتشف منه سعيد على المسرح... كان سعيد يرشف الشاي، ويغني "ماشربش الشاي... اشرب كازوزة انا". وبدوره يرى الفنان مكرم خوري، في رحيل زعمط، "خسارة كبيرة للمسرح، والجمهور، ولنا نحن... لقد خسرنا موهبة خارقة. بسام لم يكن فقط ممثلاً كوميدياً، بل شاملاً". ويضيف خوري: "كان بسام شديد الذكاء، بمجرد قراءة النص لمرة واحدة كان يحفظه... وكان "يهزم الجميع" في المبارزات الشعرية". ويتذكر خوري: "مثلت معه الكثير من الادوار، كان اولها في مسرحية "العريس المزيف"، لانطوان صالح، العام 1972، مع فرقة الفنون المسرحية المقدسية... كان لا يزال في سلك التعليم... من وقتها ترك التعليم، وانضم الى الفرقة". ويؤكد خوري: "بسام "جاب السعادة والفرح للجميع"... قبل ثلاثة اسابيع كنا نلتقي مع عدد من الاصدقاء، ببسام، وعلى رغم مرضه، كانت خفة دمه طاغية، وانتزع الضحكة تلو الاخرى منا، كعادته". ويشير خوري الى ان بسام قدم الكثير من كلاسيكيات المسرح العالمي بالعربية والعبرية، التي تعلمها سماعياً". ويقول خوري: "النكد يغضبه، والممثل ذو الطباع العصبية عدوه... لذا كان يتجنب هذا النوع من الممثلين. كان صريحاً بصورة كبيرة. واهم صفاته انه يحب الحياة". يشار الى ان مسرح وسينماتك القصبة، وبحسب مديره جورج ابراهيم، الذي وصف زعمط بظاهرة لن تتكرر، سينظم حفلاً لتأبين الفنان الراحل، لمناسبة اربعين يوماً على رحيله، يتضمن فقرات عدة، تسلط الضوء على الراحل وأعماله ودوره الفني. والفنان زعمط من مواليد القدسالشرقية، العام 1951، ودرس الفن المسرحي في حيفا، وتخرج العام 1976... مجمل أعماله المسرحية كانت مع مسرح القصبة، وكان آخرها "المهاجر"، العام 1997، كما قدم مسرحيات عدة مع فرق مقدسية، منها "الخان"، و"الشوك"، والفرقة الشعبية... في بداياته كتب الشعر، وصدرت له مؤلفات عدة في الطرائف، منها كتاب "عائلات مستورة"، كما ادى ادواراً عدة في افلام سينمائية فلسطينية.