قلّلت شركة"بوينغ"الأميركية لصناعة الطائرات من أهمية التأثيرات السالبة التي يمكن أن يخلفها ارتفاع أسعار النفط على صناعة النقل الجوي في العالم، على رغم تحذيرها في الوقت نفسه من أن بعض شركات الطيران الأميركية العملاقة سيختفي من الوجود. وقالت انها ستطلق"مبادرة ديناميكية"لزيادة مبيعاتها من الطائرات التجارية في الشرق الأوسط، وانها تتهيأ لدخول السوق الليبية وتدرس دخول السوقين الأفغانية والعراقية. شكّك هاري ستونسايفر، الرئيس المدير التنفيذي لشركة"بوينغ"، في احتمال بقاء أسعار النفط مرتفعة حول العالم، وقال ان الارتفاع"مصطنع"حتّمته ظروف موضوعية، وانه سيزول بزوالها. وقال ستونسايفر، في لقاء مع"الحياة"في اطار جولة يقوم بها في الشرق الأوسط، اجتمع فيها مع عدد من كبار الزعماء والمسؤولين في المنطقة، لا سيما في دول الخليج، ان"أسعار النفط ارتفعت بسبب الاختلالات التي قادت إليها التطورات في روسيا ونيجيريا وفنزويلا والعراق، والتي أحدثتها أيضاً المضاربة"، لافتاً إلى ان هناك"قناعة بأن خروج المضاربين من السوق في الفترة المقبلة سيؤدي إلى انخفاض سعر النفط وعودته إلى مستوياته السابقة". واستبعد رئيس أكبر شركة أميركية لصناعة الطيران ان تستمر التأثيرات السالبة لارتفاع أسعار النفط، والتي قدّرت مصادر"الاتحاد الدولي للنقل الجوي"الخسائر الناجمة عنها بنحو عشرة بلايين دولار، في حال بقاء الأسعار في محيط 50 دولاراً للبرميل الواحد. وقال ستونسايفر:"حتى لو افترضنا ان الأسعار بقيت مرتفعة، فإن صناعة الطيران سيكون لديها الوقت الكافي للتكيف وامتصاص الصدمة عبر تحديث أساطيلها"، مشيراً إلى ان تقلبه في قيادة عدد من الشركات الدولية أوصله"منذ وقت طويل إلى قناعة بأنه لا يجب أن يولى الاهتمام للسعر وحده، بل بادارة الأعمال بشكل صحيح". واعترف بأن قطاع النقل الجوي في الولاياتالمتحدة، الذي يُعتبر القطاع الرائد في صناعة الطيران في العالم،"يواجه وضعاً صعباً"، وان"بعض الشركات الأميركية سيختفي، لأنه لا يمكن له أن يستمر على قيد الحياة إذا كانت كلفة اليد العاملة تشكل 40 إلى 50 في المئة من إجمالي كلفته، في الوقت الذي يمارس ارتفاع سعر النفط ضغطاً كبيراً". وأضاف:"إعادة هيكلة الكلفة ستحتم تحديث الأساطيل عبر اللجوء إلى شراء طائرات جديدة، مثل طائرتنا المقبلة المتطورة"7 اي 7"المصنوعة من ألياف الكربون والتي يمكن أن تحقّق وفراً كبيراً في الوقود". ولاحظ ان الطلبيات الجديدة ستعني زيادة عمل مصنّعي الطائرات بما في ذلك"بوينغ". وقال ان الضغوط في السوق العالمية أدت إلى إعادة النظر في استراتيجيات النمو"ومنها ان شركات كثيرة إقليمية تتعرض لضغوط من قِبل حملة الأسهم فيها للعودة إلى سوقها الإقليمية"والتخلي عن خطط التوسع التي وضعتها سابقاً. وأشار إلى ان"الاختلال في السوق سيترافق مع وجود طلبيات"، وان السوق الأميركية ستشهد تحولات"منها اننا لن نتوقع طلبيات من يونايتد ايرلاينز لوقت طويل وربما أيضاً من دلتا، وإن كانت في وضع أفضل من يونايتد، لكنها إذا أرادت تنفيذ خطتها للتوسع، فعليها أن تشتري طائرات جديدة حتماً". ولاحظ أيضاً ان"نورثويست في وضع جيد وهي قادرة على إبرام طلبيات، سيما وان معدلات الحركة الجوية في سوق الولاياتالمتحدة باتت مناسبة وأعلى من مستويات عام 2000، بعدما ضعفت قليلاً، لأن اقتصاد العالم تراجع بعد 11 أيلول سبتمبر 2001 لمدة ستة إلى تسعة شهور". وأشار إلى ان"الحركة الجوية في العالم تضاعفت في السنوات الأخيرة، لكنها تبقى لاحقة بالدورة الاقتصادية وحسن الأداء الاقتصادي". وقال ان"بوينغ"تقود برنامجاً رائداً لتطوير تقنيات ادارة الحركة الجوية في العالم مستخدمة قدراتها التقنية العالية. وأضاف:"نحن نعتقد ان حركة نقل المسافرين جواً وكذلك الشحن الجوي ستنمو بمعدل خمسة إلى ستة في المئة سنوياً لكل منهما. ومن المستحيل زيادة الحركة إلا اذا تم تحسين نظام الحركة الجوية في العالم. ونأمل بأن يكون الجميع مشاركاً في ذلك، سواء ايرباص أو لوكهيد. ونحن نعمل مع الأوروبيين والصينيين والأميركيين وكل الهيئات لوضع أسس أفضل لنظام جوي عالمي فاعل يتيح النمو بشكل متوازن". وأوضح ان"بوينغ"تعمل منذ ثلاث سنوات على بناء هذا النظام الذي يشبه"نظاماً متقدماً لادارة حركة سير السيارات على الطرقات". وقال:"أنفقنا الكثير من الأموال على هذا المشروع ونريد أن تستفيد منه دول الشرق الأوسط، حيث ظهرت في السنوات الأخيرة صناعة نقل جوي متطورة". السوق العربية وأكد ستونسايفر، الذي التقى خلال جولته الأخيرة عدداً من كبار المسؤولين العرب، والذين رفض كشف ما دار من حديث معهم حول مشتريات الطائرات المدنية أو المعدات الحربية التي تصنعها"بوينغ"، أنه ينوي الاهتمام شخصياً بدعم مبيعات الطائرات المدنية التي تصنعها شركته في الشرق الأوسط. وقال:"سآتي كل شهرين على الأقل على المنطقة التي نملك فيها قدراً عميقاً من مشاعر الصداقة والوفاء التي تطالعنا أينما اتجهنا، وهو ما لمسناه في اجتماعاتنا مع كبار القادة والمسؤولين". وتعهد بأن تطلق"بوينغ"مجموعة"مبادرات خلاقة"لتطوير حصتها في السوق العربية، حيث نجحت"ايرباص"في السنوات الأخيرة في الهيمنة عليها. وتحدث عن العراق، فأكد أنه"لا يزال من المبكر حتى الآن الحديث عن أي تفاهم مع بغداد في شأن توسيع الأسطول واستبداله، وذلك ريثما تقوم حكومة منتخبة في العراق". وأكد انه ما أن"يحصل السلام، سيتم تطوير نظام جوي للعراق بأسرع وقت ممكن"، مع حرصه على الإشارة إلى أن"بوينغ"ربما لن تكون اللاعب الوحيد في العراق، حيث قدّمت مساعدات قيمة لمسؤولي قطاع النقل الجوي. وقال ان"بوينغ"أبدت اهتماماً مماثلاً بأفغانستان التي التقى رئيسها حميد كارزاي في شيكاغو أخيراً، وان شركته سهّلت الاتصالات بين كل من كابولوبغداد وهيئة الطيران الفيديرالي الأميركية. وبخصوص ليبيا التي سبق أن أبدت اهتماماً منذ سنوات عدة بشراء طائرات"بوينغ"، من دون أن تتمكن بسبب الحظر الأميركي، قال:"ليبيا مثل العراق فيها فرص كبيرة لنمو النقل الجوي، ونحن ناقشنا مع الليبيين مسألة بيعهم طائرات. لكن يجب علينا أن نحصل على تراخيص قبل أن نصبح جديين أكثر في مفاوضاتنا".