عندما أُقيل مراد محجوب، مدرب النجم الساحلي التونسي الأسبوع الماضي، إثر خسارة النادي في مباراة الذهاب لحساب الدور نصف النهائي لكأس رابطة الأبطال الأفريقية أمام جان دارك السنغالي .. تعددت الترشيحات والتكهنات حول اسم المدرب الذي سيواصل مسيرة النجمة الحمراء في مشوارها الأفريقي، ولكن لا أحد في تونس توقع أن يكون الخليفة عبد المجيد الشتالي، المحلل الرياضي على قناة "الأوربت"، ابن جوهرة الساحل التونسي "سوسة"، ومدرب منتخب تونس الأشهر، بعد أن قاد التوانسة لما أصبح يعرف ب "ملحمة الأرجنتين"، ومونديال 1978 الذي شهد أول فوز لمنتخب عربي حققه منتخب تونس أمام المكسيك 3-1.. فقبل 26 عاماً ودع عبد المجيد الشتالي قطاع التدريب، واعتذر عن كل العروض التي قدمت له من قِبَل الأندية التونسية، حتى ناديه النجم الساحلي في أدق الأزمات التي عرفها، معتبراً أن التدريب فعلٌ ماضٍ، مشدداً على حرصه على الحفاظ على اسمه وصورته الجميلة لدى أهل سوسة والتوانسة عموماً. عندما يعود الشتالي إلى ذاكرة التاريخ، يحلو له تذكر نهائي كأس تونس عام 1959 التي توج بها لاعباً وصانع ألعاب النجمة الحمراء، ثم مباراة التأهل لمونديال الأرجنتين في معلب المنزه أمام المنتخب المصري حيث فاز منتخب تونس بنتيجة عريضة 4-1، وأول فوز عربي في المونديال بانتصار تونس على المكسيك ب 3 أهداف لهدف.. ويبدو أن الشتالي الذي صنع مجده لاعباً ومدرباً ثم نجاحه في عالم التحليل الرياضي التلفزيوني، وبعد أن حقق استقراره الاجتماعي والمالي، عاد ليفكر في التاريخ مرة أخرى، عبر قيادة النجمة الحمراء في خطوتها الأخيرة في أم الألقاب الأفريقية، لعلها تكون العشاء الأخير للرجل الذي تجاوز الستين من العمر، وينوي التقاعد وقد ترك لمدينته وناديه أجمل ذكرى وأغلى كأس. لن نذيع سراً لو قلنا إن مسألة إقالة المدرب مراد محجوب، والتي كتبت كعادتنا العربية على أنها استقالة، قد قوبلت بشيء من الامتعاض في الأوساط الكروية التونسية" فالرجل خسر مباراة بتقدم الفريق السنغالي بهدفين لهدف، ولكنه لم يخسر الموقعة بعد" فلا يزال هناك لقاء الإياب في سوسة، وبالإضافة للاحترام الذي يحظى به هذا المدرب لمهنيته وأخلاقه العالية، فإن مراد محجوب كان قد قاد النادي الصفاقسي لأول لقب عربي في دوري أبطال العرب في نسخته الجديدة، فجاءت هذه الاستقالة لتحرمه من الشرف الأفريقي.. ولكن كل من يعرف تعطش "السواحلية" لأبرز لقب أفريقي، حيث توج النجم الساحلي، بكأس الاتحاد الأفريقي "الكاف" في عدة مواسم، حتى أصبحت تقليداً موسمياً، إلا أن السواحلية طمعوا دوماً لأغلى الألقاب، وعندما نعلم بأن المباراة النهائية يمكن أن تجمعهم مع منافسهم التقليدي الترجي التونسي ندرك طبيعة الرهان والاتفاق الذي حصل ما بين رئيس النجم الساحلي عثمان جنيح والمدرب عبد المجيد الشتالي لاقتناص هذه الفرصة السانحة لدخول التاريخ. في الحقيقة فإن علاقات حميمة تربط الرجلين منذ عقود" فقد درب الشتالي جنيح عندما كان لاعباً، وتواصلت علاقتهما من دنيا الملاعب إلى عالم المال والأعمال، بمباركة من الأب الروحي للنجم الساحلي، واكبر ممول له رجل الأعمال محمد إدريس وصهر عثمان جنيح. لم يعرف الشتالي نادياً آخر سوى النجم الساحلي حيث لعب له منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي.. أتم تعليمه العالي في معهد الرياضة قصر السعيد بالعاصمة التونسية وأحرز دبلوم التدريب من ألمانيا، حيث شاءت الأقدار أن يرتبط هنالك بزوجته الألمانية.. درب النجمة الحمراء قبل أن تسند له مهمة تدريب منتخب تونسي في بداية تصفيات مونديال الأرجنتين، كان محظوظاً بتواجد الجيل الذهبي لكرة القدم التونسية تحت إمرته بدءاً من الحارس العملاق عتوقة ومروراً بغميض والعقربي وعقيد وطارق ذياب، كان الشتالي قريباً جداً من اللاعبين، ولكنه كان حريصاً على الانضباط في رفق وذكاء.. ولعل في مصادر قوة الشتالي إيمانه بأن المران والحصص التدريبية ونجاحها هي الأهم من الفوز في المباراة.. فهل يكسب الشتالي مرانه الأخير ويحمل كأس رابطة الأبطال إلى خزينة النجمة الحمراء؟