اختنا سهى، تحية طيبة وسلاماً خاصاً للأخت العزيزة والدتك، سأخاطبك بالصراحة التي تمارسينها في حديثك فأقول لك: اسكتي، اصمتي، اربطي لسانك، اغلقي فمك، بالفرنسية: بوش - كلوز". يجب ان تعدّي الى عشرة قبل ان تتكلمي، والأفضل ان تعدي الى عشرة ثم لا تتكلمين. قد لا تصدقين ان اساس هذه الرسالة المفتوحة إليك مقال كتبته دفاعاً عنك فأنا أعرفك وأعرف والدتك ريموندا قبلك، كما أعرف الأسرة كلها، وما أعرف هو انك مجبولة بالوطنية، وأن قلبك من ذهب، إلا ان لسانك دائماً كان يسبق عقلك. ما هذا الكلام السخيف، حتى لا أقول السفيه، عن "المستورثين" الذين ينتظرون موت ابو عمار؟ أبو عمار مهم، وأنت مهمة وقد أختلف معه ومعك إلا ان لكما في قلبي معزة خاصة لا يزيلها اي خلاف. الموضوع هو ان القضية الفلسطينية اهم من ابو عمار عرفات، القدوة، الحسيني ومنك ومني، والرجل مريض ولم يعد قادراً على الحكم لذلك يجب تسليم المسؤوليات الى آخرين. غير انك تتعاملين مع مرضه وكأنه عبدو عبيد، وزوجته لا تريد ان يعرف الجيران بمرضه. لا أحد يريد ان يرث ابو عمار وهو يترك تركة ثقيلة، او كأساً مسمومة، لمن يخلفه، وقد تستغربين انني اتصلت بالأخ ابو مازن فور سماعي بخبر مرض ابو عمار، وترتيب نقله الى فرنسا وسألته هل تجتمع القيادة لإدارة الشؤون الفلسطينية في غياب الرئيس. وهو قال لي ان لا احد يريد ان يجتمع فوراً حتى لا يقال ان الجماعة صاروا "مستعجلين" لخلافة الرئيس. غير ان صحة ابو عمار انتكست في المستشفى، وغاب عن الوعي، وأصبح لزاماً ان يتولى رفاقه زمام الأمور قبل ان تفلت، مع العلم ان الرئيس لم يضبطها جيداً وهو في صحته وسلامة عقله. ثم تأتين لتدلي بردح، لا بتصريح، على التلفزيون وتفضحينا جميعاً. إذا اردت ان تعاملي كزوجة رئيس دولة، عليك ان تتصرفي كزوجة رئيس دولة، يعني ان تحترمي نفسك والناس، وتزني كلامك قبل إلقائه في وجوهنا جميعاً. هل تذكرين يوم قلت لي، ولغيري انك أقرب الى حماس منك الى فتح؟ أنا ايضاً أؤيد هدف حماس في إنشاء دولة فلسطينية، ولكن أعارض العمليات الانتحارية وأجهر بذلك دائماً. وكان واجبك وأنت أقرب الى حماس، وبصفتك السيدة الأولى، ان توضحي مثلي انك ضد عمليات انتحارية تقتل المدنيين. وهل تذكرين الحرج الكبير الذي أوقعت به السيدة هيلاري كلينتون عندما زارت الفلسطينيين في رام الله، فقلت ان الإسرائيليين يسممون آبار الفلسطينيين؟ اساس التهمة، ان اسرائيل دولة صناعية، والفضلات الكيماوية من مصانعها الكثيرة تتسرب الى المياه التي يشربها الفلسطينيون، غير انك جعلت الموضوع وكأن الإسرائيليين يسممون آبار الفلسطينيين عمداً، وكان يجب ان تقدري حساسيتهم لمثل هذه التهمة النازية، وأن تقدري حساسية هيلاري كلينتون وهي صاحبة طموحات سياسية اختارت قاعدة لها نيويورك. أقترح ان تستعيني بمن يساعدك على إعداد تصريحاتك العلنية، فإن لم يكن فأنا أنصحك مرة اخرى، بالفلسطيني "المشبرح" ان "تنكتمي" يعني ان تسكتي. قبل ان تتحول هذه الزاوية من مقال يدافع عنك الى رسالة توبيخ ونصح كنت قلت انك زوجة رئيس عربي، ومن حقك ان تعاملي بما يناسب مقامك، وقلت ايضاً انه يجب ان نوفر لك ولابنتك زهوة، ابنة كل الفلسطينيين، حياة كريمة لتواصلي خدمة وطنك كما فعلت امك قبلك ولا تزال. كان هذا رأيي وأصر عليه، كما اصر على انك أنقى سريرة وأشرف من الذين ينتقدونك حسداً او جهلاً. وأدافع عنك اليوم إزاء تهم عن مصير فلوس منظمة التحرير، وخلافك مع محمد رشيد او اتفاقك معه. لا أعرف الحقيقة، ولكن أعرف ان الإشاعة والغمز واللمز مرفوضة كمروجيها الى ان يثبت العكس. ومحمد رشيد عندي وطني ذكي يكفي انه ومحمد دحلان قالا لي بعد شهر واحد من انتفاضة الأقصى انها يجب ان تتوقف لأنها تخيف الإسرائيليين وتجعلهم ينتقلون الى اليمين، اي الى آرييل شارون. ولو أُخذ برأي الكردي العراقي محمد رشيد، من الانتفاضة الى كامب ديفيد واتفاق الأطر وطابا، لما وصلنا الى ما وصلنا إليه اليوم. كما ترين أنا لا ألقي التهم جزافاً كما تفعلين، وعندي كل انسان بريء الى ان يثبت العكس. وهكذا فأنا أقترح عليك لدرء ألسنة السوء عنك ان تسلمي كل الأمور المالية الى أخينا سلام فياض، وزير المال الفلسطيني، فهو يترأس اكثر وزارات المال العربية شفافية، ووجوده يكفي لقطع دابر الشائعات. وربما استعنت بالحكومة الفرنسية لترتيب امور بيتك الخاصة، فهي حكومة صديقة، رئيساً ورئيس وزراء ووزير خارجية، ووجودها سيكون عنصر ثقة ومساعدة. يا أخت سهى، قبل يومين، وفي بيتي في لندن، كنت أستضيف على عشاء حوالى 40 صديقاً وصديقة، بينهم مسؤولون وزوجاتهم تعرفين بعضهم، وقضيت المساء مدافعاً عنك إزاء تهم لا أصدق شيئاً منها حتى يثبت في محكمة محايدة، لا سمح الله. ولم ينته الليل حتى كنت تدلين بتصريح "همايوني" لا يجوز ان يصدر عن زوجة رئيس، وإنما هو من نوع ما تردد الصحف الصفراء، او امرأتان تردحان حول حبال الغسيل عبر شرفتين. زوجك كل شيء، ثم هو لا شيء، في مقابل القضية، وواجبنا جميعاً ان نعمل لقيام قيادة بديلة تتولى إدارة شؤون الفلسطينيين في الداخل، وترد على تآمر حكومة المتطرفين في اسرائيل، وتسهل مهمة الرئيس جورج بوش الذي لا يزال يقول انه يسعى الى قيام دولة فلسطين المستقلة، بدل توفير الأعذار لمن لا يريد هذه الدولة. مرة أخيرة يا اختنا سهى: اسكتي. مع المحبة