أحيت المفوضية الأوروبية الأمل لدى الأتراك باحتمال انضمامهم الى الاتحاد الاوروبي... ولو بعد زمن طويل وبنهاية درب شائك. فتقرير المفوضية الاوروبية الذي اوصى ببدء التفاوض مع تركيا من أجل انضمامها الى الاتحاد الاوروبي، أقر بأن أنقرة نفذت كل الاصلاحات السياسية المطلوبة، الا ان توصياته جاءت مشروطة ومختلفة عما سبقها من توصيات بشأن الدول التي انضمت الى الاتحاد الاوروبي، ما فتح باب الجدل واسعاً داخل الاوساط التركية. وحتى ولو رفض رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اعتبار تلك التوصية مشروطة، فإن ما جاء فيها يهدد بتعليق المفاوضات في حال تراجع تركيا عما أقرته من اصلاحات أو وقوع خروق كبيرة لحقوق الانسان على أرضها. كما ان التوصية لم تحدد تاريخاً لبدء التفاوض وتركت ذلك للقمة الاوروبية في كانون الاول ديسمبر المقبل. ولم تتعهد المفوضية بمنح تركيا العضوية الكاملة في الاتحاد في نهاية المفاوضات، بل إن التوصية اشارت بوضوح الى ان بعض الامتيازات التي يحق لتركيا الحصول عليها في حال دخولها الاتحاد، ستكون مقيدة، مثل حرية التنقل التي ستعطى للاتراك على دفعات بعد نهاية المفاوضات. راجع ص 10 وبحسب ديبلوماسيين في أنقرة فإن هذه الشروط وجدت طريقها الى التقرير الأوروبي في آخر لحظة، بعدما قرر معدو التقرير مراعاة حساسيات الاوروبيين تجاه الاتراك، على حساب تسهيل عضوية تركيا. ولم يتردد احد اعضاء لجنة صياغة التقرير الاوروبي في تذكير زملائه بحصار العثمانيين لفيينا في القرن السابع عشر. وعلى رغم هذه السلبيات فان الحكومة التركية رأت في حصولها على التوصية ببدء المفاوضات ما يكفي كي تعلن نصراً سياسياً تاريخياً، خصوصاً أن هذه التوصية أنقذتها من ترصد الجيش التركي بها... ولو موقتاً الى حين عقد القمة الاوروبية المقبلة، من أجل ان يرى اذا كان ما قدمته من تنازلات سياسية في شأن قبرص والاكراد يلقى صدى ايجابياً او لا لدى الاتحاد الاوروبي. كما ان حكومة اردوغان تدرك أن هذه الخطوة ستطيل عمرها في الحكم بعدما ظفرت هي بقطف ثمار جهود الحكومات السابقة على طريق تنفيذ الاصلاحات التي طالب بها الاتحاد الاوروبي. الا انه وعلى العكس من الحكومة التركية، فان قطاعات من الشارع التركي بدأت تفقد حماستها وايمانها بالحلم الاوروبي. ولم ينفع التقرير الاوروبي في تبديد معارضة القوميين الاتراك لمبدأ التفاوض مع الاتحاد الذي سيطرح على تركيا اعادة النظر في تعريف الاقليات مستقبلاً، ويطالب باعتبار الاكراد والعلويين اقليات لا بد من حصولها على حقوق سياسية. ويخشى القوميون أن يحاول القبارصة اليونانيون الاعضاء في الاتحاد الاوروبي انتزاع تنازلات مؤلمة من تركيا بشأن القضية القبرصية، في مقابل عدم استخدام حق الفيتو ضد عضوية تركيا. كما سيسعى اللوبي الارمني في اوروبا للضغط على تركيا من أجل الاعتراف بوقوع مجازر الارمن بداية القرن الماضي، وهي كلها أمور لا يمكن لتركيا ان تقبل بها في الوقت الراهن.