عاش لبنان امس يوماً آخر من دون كهرباء وعلى هدير المولدات ومن دون اي موقف حكومي من "الظلام" الذي غرقت به المناطق وبيروت على مدى ليلتين. وكان مأمولاً ان يتقلص الانقطاع الطويل للكهرباء الانتاج 500 ميغاواط من اصل 1500 حاجة الاستهلاك من ضمنها 120 من سورية اعتباراً من مساء اول من امس بعد وصول اول باخرة ديزل اويل 33 ألف طن لتزويد معمل الزهراني بها، الا ان تأخر وصولها مرة ثالثة الى صباح امس حال دون ذلك. فتأجل الموعد مبدئياً بعودة التيار ولو في الحد الادنى الى مساء امس باعادة تشغيل معمل الزهراني في السابعة، على أمل تحقيق المزيد من الانفراج مع وصول باخرة ثانية 28 ألف طن بعد ظهر امس الى معمل دير عمار في الشمال واخرى محمَّلة فيول 27 ألف طن اليوم لمعملي الجيه والذوق. وفيما خرقت "العتمة" التي خيّمت في المناطق خارج العاصمة، بعض اضواء المنازل المشتركة بالمولدات الجماعية او الخاصة، انعدمت كلياً في احياء بيروت التي تخلّت عن المولدات بعدما أصبحت خارج اجراءات التقنين حتى ان محالاً ومقاهي وشوارع في وسط بيروت التجاري غير موصولة الى المولدات تعطلت اعمالها. وانعكس انقطاع التيار الكلي وخلال ساعات النهار بكامله على النشاط في الدوائر الرسمية الممكننة بعدما فرغت بطاريات يو بي أس الحواسيب من الطاقة وهي كما يبدو غير مجهزة بمولدات، وكذلك على عمل بعض المؤسسات التجارية والصناعية والخدماتية الخاصة وخصوصاً في بيروت وغير المزودة بمولدات ما كبدها خسائر كبيرة هي في غنى عنها في ظل الاوضاع الاقتصادية الراكدة. ولجأ اللبنانيون مجدداً امس الى البدائل التي كانوا يستعملونها خلال ايام الحرب، اذ كان لافتاً امس الاقبال على شراء المولدات او صيانتها، فيما سعى آخرون لا تسمح لهم قدراتهم الشرائية باقتناء مولد الى شراء معدات انارة تضاء بواسطة البطاريات كما كان رائجاً في منازل لبنانية كثيرة ايام الحرب. ويبدو ان اللبنانيين لن يثقوا بعد الآن بعدم تكرار هذه الازمة التي تتجدد كل شهرين وهي مرشحة لذلك طالما استمر العجز المالي وارتفاع سعر النفط العالمي، وخصوصاً في ضوء "الصورة القاتمة" التي رسمها رئيس اللجنة النيابية للاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه محمد قباني عن هذا القطاع، معتبراً ان القطاع "اصبح في حجم كارثة وطنية". وأشار الى ان "الانفاق على هذا القطاع بلغ اكثر من عشرة بلايين دولار وتصل الكلفة السنوية للخزينة والناس الى اكثر من 940 مليون دولار". ولم ينكر تأثير الارتفاع الكبير في اسعار النفط الذي "زاد العجز" ودعا مصلحة حماية المستهلك الى "معالجة العشوائية في اسعار الاشتراكات في المولدات، وتسيير دوريات لمنع الاستغلال". وتفاعلت ردود الفعل على هذه الازمة اذ اعتبر الرئيس سليم الحص انقطاع التيار "في حجم الكارثة لا بل الفضيحة"،. ورأى ان "مشكلة الكهرباء دليل ساطع على غياب، حتى لا نقول غيبوبة الحكم في لبنان". ودعا رئيس حركة "التجدد الديموقراطي" النائب نسيب لحود الى "رفع الصوت بالمساءلة والمحاسبة". وقال: "لعل وقوع هذه الازمة بالتزامن مع ما يشاع ويفتعل من اجواء امنية مقلقة ليس مصادفة بريئة وكأننا امام رسالة الى اللبنانيين لابتزازهم".