انتهت قصة برجس اغتصاب صوِّر بالهاتف الجوال التي أثارت سخط المجتمع السعودي. إلا أن الحكاية لا تزال موضع تداول في الشوارع، الأسواق، والمتنزهات العامة، والمحال التجارية على خلفية الحذر من "الباندا". و "الباندا" هاتف جوال مزود بخدمة الكاميرا، مع إمكان التصوير بطريقة الفيديو. ويتمتع بخدمة Bluetooth التي تسمح بتبادل الصور لاسلكياً. إلا أن سوء استخدامه في أوساط الشباب، وقصة برجس، جعلا السيدات والشابات السعوديات في توتر دائم جراء احتمال نشر صورهن في المجالس الشبابية، أو على الانترنت. هذه الأسباب دفعت بعض صالات الأفراح والفنادق الى منع دخول المدعوين الذين يحملون اجهزة الهاتف المزودة بخدمة الكاميرا، وجعلت قرار بيع "الباندا" بعد شرائه واستعماله أمراً مستحيلاً، وباتت الغالبية تفضل التخلص منه من طريق إتلافه. مدى حسين التي تعرضت للتصوير من جانب مجموعة من الشباب أثناء ممارستها لرياضة المشي تتمنى أن يتعلم الشباب كيفية التعامل مع التقنيات الجديدة، إلا أنها تؤثر أن تكون هناك رقابة شديدة من الدولة على مثل هذا النوع من الأجهزة، وفرض عقوبات صارمة على من يعثر في حوزته على هاتف مزود بكاميرا، خصوصاً اثناء ضبطه بالجرم المشهود وهو يصوّر إحداهن، كما حدث معها "أمارس رياضة المشي في شكل شبه يومي برفقة ولدي، إلا أن وجوده بجواري لم يردعهم، فقد لاحظت اقتراب سيارة في داخلها مجموعة من الشباب التي لا تزيد أعمارهم عن العشرين عاماً، يلوحون لي بجوّالاتهم من نوع الباندا، وبالفعل رأيتهم يلتقطون الصور، ومع اقترابهم أكثر رفع أحدهم صوته قائلاً: "شاهدي نفسك على الانترنت" إلا أن الحظ لم يخدمهم في ذلك إذ تمكنت من التقاط رقم السيارة والإبلاغ عنها بعد توجهي إلى المنزل ورواية ما جرى لي لوالدي". هند وأميرة توجهتا إلى أحد المراكز التجارية في جدة لشراء بعض الاحتياجات من الأسواق، ليتكرر معهما المشهد نفسه. وما أثار غضبهما وخوفهما في الوقت نفسه، ليس فقط إمكان نشر الصور من طريق الانترنت، بل ايضاً من احتمال إرسالها من طريق "البلو توث". تجربة نفين راسم مع الظاهرة مختلفة بعض الشيء: "كنت في زفاف إحدى قريباتي ومن المعروف أننا نأخذ حريتنا في أفراحنا خصوصاً من ناحية اللبس، وذلك لعدم وجود الاختلاط فيها. لاحظت امرأة ترفع جوالها من نوع "الباندا" لالتقاط صورة لي، فما كان مني إلا التوجه إليها في شكل مباشر وسحب الجوال من يدها وسحب الشريحة منه ثم وضع الجهاز داخل كأس العصير، ومن ثم غمرته بالماء مما أثار غضب السيدة، فدخلت معها في مشادة كلامية انتهت بخروجها من الحفلة". تضيف نفين: "المطلوب من جميع قاعات الأفراح منع دخول السيدات بهواتفهن النقالة وتسليمها مع العباءات عند الدخول، وفي حال احتياجهن لها يمكن أن يتم الاتصال خارج القاعة". وتشرح نعمة محمد الفايز، منسقة ومديرة إحدى قاعات الأفراح النسائية، أن قرار منع الدخول بالجوال المزود بالكاميرا آخذ في الانتشار في الفنادق والقاعات السعودية، وخصوصاً في المدن الرئيسة، مضيفة أنه في حال امتناع البعض عن تسليم هاتفه تمنع السيدة من الدخول، وتقول: "اعتمدنا هذا النظام بعد القصة الشنيعة التي دوت في أرجاء البلاد قصة برجس وهو منع دخول المدعوات إلى القاعات بهواتفهم النقالة إلا في حال عدم وجود الكاميرات". وتتابع "نواجه الاعتراض من جانب بعضهن بحجة حاجتهن له والاتصال بذويهن للعودة في الوقت المحدد، إلا أن مثل هذا العذر لا يقف حائلاً دون تنفيذ القرار، ولكن بصفة عامة وجد النظام استحسان الكثيرات، إذ أن السيدة بذلك تكون متأكدة في شكل قطعي أنه لا يوجد ما تخاف منه". من جهة أخرى، يتعرض بعض الشباب في حال مخالفتهم القواعد المرورية، أو قطع الإشارة الضوئية، أو المرور بنقطة تفتيش، إلى سؤال من جانب شرطي المرور عن الرخصة والاستمارة... والجوال. وفي حال تبين أن الهاتف مزود بالكاميرا، و"البلو توث" يصادر او تُكسر الكاميرا ثم يعاد إلى صاحبه. وتعد هذه خطوة من قبل الحكومة للعمل على الحد من استخدام هذا النوع من الهواتف النقالة، والامتناع عن شرائها. وعمدت شركة الاتصالات إلى إرسال رسائل على الجوال يحمل نوعاً من الفيروسات يلتقطه فقط الجوال المزود بخدمة "بلو توث" ويعمل على تعطيل الجهاز. هذا ما يؤكده صاحب محلات خطوط التقنية في جدة حازم أبو حليمة. ولكنه يوضح في الوقت نفسه ان هناك اجهزة اكثر تطوراً من "الباندا" لجهة إمكان استعماله ككاميرا وهو يدعى الدمعة 7600 - 7610: "من ناحية الشكل هو أكثر نعومة ويناسب السيدات ولديه ذاكرة بسعة كبيرة تستوعب كمية اكبر من الصور والرسائل، إضافة الى ان ال"بلو توث" يعمل على "الباندا" في مدى 10 أمتار فقط، في مقابل 40 متراً ل"الدمعة". غير ان إقبال الزبائن عليه لا يزال قليلاً، لأن سعره يرواح بين 1900 و2100 ريال، فيما يراوح سعر جوال "الباندا" ما بين 1250 و1450 ريالاً. ويضيف أبو حليمة أن الأسواق "تتجه الآن الى بيع الذاكرة الإضافية التي تزيد من مساحة التخزين في الجوال، بسعات مختلفة منها "32 ميغابايت" بسعر 25 ريالاً، و64 بسعر 65 ريالاً، أما ال120 فتباع بسعر 90 ريالاً وهنا يمكن تخزين مقاطع من الأفلام لمدة تزيد على الساعة إلى الساعة والنصف". ويذكر حازم أن هذه الأدوات والأجهزة يمنع بيعها في السعودية، "ومعظمها يتم شراؤها من الخارج خصوصاً من الإمارات".