نفت دراسة حديثة حصلت "الحياة" على نسخة منها أن يكون الصيام سبباً في إزدياد أمراض القلب خلال شهر رمضان. وفي لقاء مع "الحياة"، تحدث الدكتور جاسم السويدي، استشاري القلب في مؤسسة حمد الطبية في قطر والأمين العام لجمعية القلب الخليجية، عن "إشاعات تسود بين الأطباء وعامة الناس على حد سواء بأن أمراض القلب في إزدياد في شهر رمضان. وفي المقابل، يظن بعض الناس أن أمراض القلب تتناقص في الشهر المبارك"! وبين السويدي ان الدراسات الاكثر جدة في هذا الشأن ركزت على معرفة من يستطيع من مرضى القلب الصيام ومن يجب أن ينصح طبياً بأن يمتنع عن الصيام. واجريت هذه الدراسة، بحسب السويدي، في رمضان عام 2003. وشملت 465 مريضاً في مراكز عدة في الخليج، مثل مستشفى مبارك الكبير ومستشفى الصدر في الكويت ومستشفى الجزيرة في الإمارات والمستشفى العسكري في البحرين ومؤسسة حمد الطبية في قطر. وبلغ متوسط أعمار المرضى 363 من الذكور و102 إمرأة الذين شملتهم الدراسة 56 سنة. واختير المرضى ممن يعانون أمراض قصور القلب Cardiac Insuffeciency، وتصلب الشرايين Atherosclerosis، وخلل صمامات القلب Valvular Disorder، وتسارع في دقاته Tacicardia. نتائج علمية لمصلحة الصيام قومت هذه الدراسة حالات المرضى في شهر شعبان، وفي منتصف رمضان، وشهر شوال الذي يلي الصيام. وكشفت أن 77.8 في المئة من مرضى القلب أستطاعوا صيام شهر رمضان كاملاً، و82 في المئة من المرضى كانوا مواظبين على تناول الأدوية، و87.9 في المئة من المرضى كانوا محافظين على التغذية بحسب تعليمات الأطباء، وأن 21 مريضاً اي 4.5 في المئة من المجموعة دخلوا المستشفى في فترة الدراسة. وخلصت الدراسة الى أن غالبية مرضى القلب الذين حالتهم مستقرة يستطيعون الصيام. ولم تشمل الدراسة المرضى الذين يعانون حالات متقدمة من تصلب الشرايين أو قصور القلب. وأكدت أن معدل الاصابة بالنوبات القلبية، وكذلك دخول المستشفى بسبب الضعف في عضلة القلب، تساويا بين رمضان واشهر السنة الأخرى. وذكرت أن الصائمين أكثر عرضة للاصابة بالنوبات القلبية وقت الإفطار، وأن معظم مرضى القلب الذين حالتهم مستقرة بامكانهم الصيام في رمضان بعد مراجعة طبيبهم المختص. وعملت "مؤسسة حمد الطبية في قطر"، وهي المؤسسة الطبية الأحدث والأكبر في الدوحة، على إجراء دراسة علمية أخرى في وقت سابق عن هذا الموضوع. وشملت تلك الدراسة عدداً من المرضى المصابين بمرض قصور القلب الاحتقاني. ودرست حالهم في شهر رمضان مقارنة بأشهر أخرى بين عامي 1991 و2001 . وأوضح السويدي أن تلك الدراسة شملت 2160 مريضاً 1290 من الذكور و870 من الاناث قطرياً مصابين بمرض قصور القلب. وبلغ متوسط أعمار المرضى 64 سنة. وتبين أن عدد مرضى قصور القلب في رمضان هو 208 مرضى مقارنة ب177 في أشهر السنة الأخرى. واوضح إن الفارق ليست له دلالة احصائية مهمة. كما كشفت الدراسة أن نسبة الوفيات في شهر رمضان، بسبب مرض قصور القلب تساوي نسبة الوفيات في أشهر السنة الأخرى. كما استنتجت الدراسة أن عدد مرضى قصور القلب الاحتقاني Congestive Heart Failure في رمضان مماثل لأشهر السنة الأخرى. وبيّن السويدي أن دراسة ثالثة أجريت عن النوبات القلبية Cardiac Attacks في رمضان ونشرت في مجلة القلب البريطانية عام 2004، وأكدت أن عدد مرضى النوبات القلبية في رمضان مماثل لعددهم في أشهر السنة الأخرى. وأشار الى دراسة رابعة عن توقيت الاصابة بالنوبة القلبية للصائمين. وبينت أن أكثر اوقات الاصابة بالنوبة القلبية بالنسبة الى الصائمين هي فترة تناول الأطعمة، اي بين الافطار والسحور من الرابعة مساء حتى الرابعة صباحاً. ومثلت فترة الافطار بين الرابعة مساء حتى السابعة مساء، أكثر الفترات خطورة. أما بالنسبة الى فترة الصيام من الخامسة صباحاً حتى الرابعة مساء فهي وفقاً للدراسة "أقل عرضة للاصابات للنوبات القلبية". ابحث عن الكوليسترول وتحدث السويدي عن نسبة الكوليسترول في الدم. وعرض أربع دراسات ، ثلاثة منها في السعودية وواحدة في قطر، خلصت الى أن نسبة الكوليسترول في الدم تزداد مع الصيام. لكن دراستين أخريين قام بهما علماء على 22 فلسطينياً أظهرت نتائج ايجابية في نسبة الكوليسترول في الدم، وجدتا أن نسبة مجموع الكوليسترول Total Cholesterol لم تتغير في الدم في شهر رمضان المبارك، بينما تزداد نسبة الكوليسترول الحميد Low Density Lipoprotein بنسبة 30 في المئة مما يفيد في تقليل نسبة الاصابة بتصلب الشرايين والنوبة القلبية. وبالنسبة الى مرض السكري، اوضح الأمين العام لجمعية القلب الخليجية أن معظم الدراسات لم تظهر آثاراً سلبية للصيام على المصابين به. وعلى النقيض من ذلك، وُجد أن الصيام قد يفيد مرضى السكري، خصوصاً من أصحاب الوزن الزائد، لأن الصيام يساعد عموماً على تقليل الوزن. وأشار الى ضرورة نصح بعض المرضى بعدم الصيام، اذا استلزمت حالهم الصحية ذلك. وعن مرض ارتفاع ضغط الدم أشارت المصادر الطبية الى دراسةأجراها علماء اسرائيليون على 17 صائماً يعانون ارتفاع ضغط الدم ويتناولون الأدوية. وأثبتت أن الصيام لا يؤثر في ارتفاع الضغط، خصوصاً عند المرضى الذين يتناولون الأدوية مرة في اليوم. ونشرت هذه الدراسة في "مجلة ضغط الدم" عام 2001. الصيام وجلطة الدماغ وفي سياق مشابه، عُلِم أن دراسة أجريت في تركيا أشارت الى أن نسبة الاصابة بجلطة المخ Brain Stroke لا تتغير بين رمضان وبقية اشهر السنة. واوضح السويدي أن الصيام عند بعض المرضى قد يؤثر ايجاباً فيهم من خلال تقليل الوزن، كما أنه يشكل فرصة للاقلاع عن التدخين. وكشف ل"الحياة" أن الدراسات أثبتت أن أمراض القلب هي السبب الرئيسي للوفاة في دول مجلس التعاون الخليجي. وعزا ذلك الى أسباب عدة في صدارتها ارتفاع نسبة مرض السكري. وأكدت إحدى الدراسات أن 53 في المئة من مرضى القلب مصابون بالسكري، وأن نسبة الاصابة بين النساء 96 في المئة. وللمقارنة، فان النسبة نفسها في أميركا تبلغ 25 في المئة، وفي أوروبا لا تتجاوز 12 في المئة. وأكد أن السبب الثاني لارتفاع عدد الاصابات بأمراض القلب خليجياً يعود الى التدخين. وفي هذا الاطار، شدد على أن ارتفاع نسبة الاصابة بمرض السكري الذي يؤدي لأمراض القلب يعود أيضاً الى الجينات، مثل زواج الأقارب المنتشر في الخليج، اضافة الى نمط الحياة وطبيعة الأكل وقلة الحركة. وعُلِم ان عدد المصابين بأمراض القلب في قطر في الفترة بين عامي 1999 و2001 بلغ 5388 مريضاً أدخلوا المستشفى بنوبة قلبية، بينهم 1589 قطرياً 1147 من الرجال و451 نساء و 2606 هنود. وكشف السويدي عن خطة لانشاء مركز أحصاء خليجي موحد لأمراض القلب. وقال إن الجمعية ستصدر كتيباً عن الطرق المثلى لعلاج النوبة القلبية سيوزع في كل دول الخليج. كما ستصدر الجمعية كتاباً عن الجلطات والطرق المثلى لعلاجها. وأوضح أن الاجتماع المقبل للجمعية، التي تكونت عام 2001 سيعقد العام المقبل في السعودية. وسيشارك فيه عدد من الخبراء العالميين.