يعتبر حي بارباس في الدائرة 18 في باريس "عاصمة" للعرب والمسلمين، بكل ما للكلمة من معنى. ويتحول لمناسبة شهر رمضان إلى مفترق طرق للغالبية من المهاجرين، الذين يقصدونه للتسوق أو لتمضية بعض الوقت، وسط أجواء لا تختلف كثيراً عما يجري في بلدانهم الأصلية. يرتدي هذا الحي الشعبي حلة جديدة، في رمضان حيث يضطر التجار إلى تغيير نشاطهم، والتركيز على مواد يكثر عليها الطلب من جانب الصائمين، مثل الزلابية، وهي سيدة طاولات الإفطار خاصة لدى التونسيينوالجزائريين. ويلاحظ أن بعض التجار يعتمد على حرفيين وأصحاب مهنة، يصلون من تونس لتحضير هذه الحلويات. ويتباهى تجار بارباس من طريق ملصقات دعائية كثيرة، بأن سلعهم عربية خالصة. منهم عثمان الوجدي الذي حوّل متجراً للألبسة إلى محل لبيع "زلابية بوفاريك"، نسبة لاحدى المدن الجزائرية. ويؤكد أن صانعها وصل ثلاثة أيام قبل بداية رمضان من الجزائر. ويلاحظ الاقبال الكبير على هذه الحلوى. ويوضح بعض الزبائن أنهم لا يشعرون بنعمة الإفطار وحلاوته إلا إذا تذوقوا قطعة من زلابية بوفاريك. وبحسب احد أعضاء اتحاد تجار بارباس، فإن تغيير النشاط التجاري في شهر رمضان تقليد قديم جداً، وفي امكان أي تاجر أن يحصل على هذا الامتياز، بمجرد تقديم طلب مكتوب إلى لجنة الشؤون التجارية في البلدية. افطارات جماعية ومن أكثر السلع التي تلقى رواجاً في هذا الحي أجهزة الاستقبال الخاصة بالبرامج الفضائية، التي يمكن الحصول عليها بأسعار معقولة جداً. وفي استفتاء سريع بين المهاجرين، شجبت الغالبية منهم غياب برامج خاصة بالمهاجرين في معظم الفضائيات العربية. ويقترح بعضهم إنتاج برامج لتعليم اللغة العربية. وتطالب سيدة بأن يُدبلج بعض المسلسلات العربية الخاصة بالشخصيات الإسلامية الشهيرة، للتعريف بالتاريخ الإسلامي في أوروبا، خصوصاً بعد الحساسية التي زرعتها حوادث الحادي عشر من ايلول سبتمبر في العلاقات بين المسلمين والغرب. وقد يفاجأ زائر الحي في الصباح، بأبواب المحلات مغلقة، خصوصاً المقاهي، التي يمتنع أصحابها عن بيع الخمور. وتنظم "افطارات" جماعية، سواء من الزبائن العاديين أو بعض المسافرين الآتين من "البلد" لقضاء حاجاتهم المختلفة. وتعتبر جمعية "شوربة للجميع"، رائدة في تنظيم الإفطارات الجماعية التي يستفيد منها أكثر من 3000 شخص يومياً، تحت خيمة قرب مترو "كريميه". ويؤكد الطلبة الذين يشاركون في إعداد هذه الوجبات، أن المستفيدين من هذا الإفطار ليسوا كلهم فقراء، ويوضحون أن بعض العائلات تفضل المجيء إلى هنا بحثاً عن التواصل مع أبناء جلدتها، ولكي يطلع أطفالها على فضائل هذا الشهر كالتواصل والتعاضد بين المسلمين. و يلاحظ أن "شوربة للجميع" ليست حكراً على الصائمين، إذ يلاحظ وجود عدد معتبر من الفرنسيين. أما السهرة، فهي مخصصة عموماً ل"خرجات" عائلية لحضور بعض الحفلات التي يحييها نجوم الغناء، مع العلم أن بعض المقاهي في هذا الحي ما زالت تحظى بزيارات مهمة من بعض الفنانين الذين انطلقوا منها قبل سنوات، خصوصاً نجوم أغنية الراي الشهيرة مثل الشب مامي وخالد. أما المقاهي الصغيرة، فتنظم بعض الألعاب التي اعتادها المهاجرون في بلدانهم الأصلية مثل "اللوتو" حيث يتحلق المشاركون حول طاولة كبيرة ويدفعون ما بين اثنين إلى خمسة يورو للمشاركة في السحب، ويلاحظ أن بعض الجمعيات شرع هو الآخر في تنظيم هذه اللعبة لتمويل أنشطته الموجهة للجاليات العربية.