على الضفة المقابلة لواحدة من أشهر قلاع التعذيب خلال حكم الرئيس السابق صدام حسين، حيث تقوم دائرة الاستخبارات العسكرية في الكاظمية شمالي بغداد، تقع ضاحية الدهاليك التي يعتقد الباحثون بأنها واحد من ثلاثة أحياء كانت تتكون منها بغداد المدورة التي أسسها أبو جعفر المنصور والتي توسعت تدريجاً لتضم كثيراً من الاحياء شمالاً وجنوباً. يشتهر سكان هذه الضاحية باحترافهم مهنة الصيد وكأن بينهم اتفاقاً غير معلن على تقاسم مجرى النهر، بينما حاول رجال السلطة والمتنفذون الاستحواذ على الضفاف ووضع أيديهم على أعمال الصيادين. كما أنهم سعوا الى إقامة مطاعم سياحية تحاذي بيوت الصيادين أو تتجاوز عليها ما تسبب في مشاكل كثيرة بين الطرفين تصاعدت إلى حد التهديد بالقتل... لكن ذلك لم يوقف عملية الاستيلاء المنظمة. وتقول أم محمد التي ساهمت قبل أيام في تنظيف ضفة النهر المحاذية لبيتها مع إبنها وأحفادها "إن مهنة صيد السمك توارثها آباؤنا عن أجدادنا وتركت بصماتها على جلودهم وعظامهم، ونحن الآن نحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتجهيز الضفاف لاستقبال الناس صيفاً وللصيد في أوقات أخرى". أما علي البلام الذي يعد أقدم صيادي السمك في المنطقة فيقول "ان الدهلكيين يعتزون بمهنة الصيد، وأحدهم يحتفظ بأقدم بلم زورق خشبي يستخدم محلياً في الصيد يعود إلى جده الملقب "أبو زوري" وهو صياد مشهور أطلق عليه اللقب لان شبكته كانت تصطاد دائماً السمك الكبير جداً في حين ان الزوري سمك صغير بحجم أصبع اليد، أي ان اللقب معاكس تماماً للحقيقة وهذا ما درج عليه البغداديون". وبلم أبو زوري يحتل حالياً ركناً في صالة الضيوف في بيت حفيده الذي حوّل بيته إلى ما يشبه المتحف الذي يضم شبكات صيد قديمة وحبالاً وادوات صيد أخرى. وتضم ضاحية الدهاليك جامع "علي باش"، وهو جامع قديم يجتمع فيه الأهالي خارج مواعيد أداء الصلاة لمناقشة أوضاعهم أو اتخاذ قرار بخصوص حدث معين.