كان شهر رمضان ولا يزال احتفالية دينية ووطنية، تشمل جميع البلدان العربية والاسلامية، فالاحتفاء بشهر الصوم له دلالته الخاصة في عقيدة المسلم في كل مكان. أما في مصر فالمعروف أن لرمضان خصوصيته، لأن الجميع، من مسلمين وأقباط، يستقبلونه ببهجة وفرحة، فهذا الشهر المبارك لا يرتبط في أذهان المصريين بالاسلام ومناسكه فحسب، بل يرتبط أيضاً بعادات وتقاليد شعبية متوارثة ولدوا وعاشوا في ظلالها. ولفتت تلك العادات والتقاليد انظار الرحالة الاجانب، وسجل كتاب "رمضان في الزمن الجميل" للباحث المصري عرفة عبده الكثير من مشاهداتهم ورصدهم للمظاهر الرمضانية في ليل القاهرة ونهارها. كتب البريطاني إدوارد لين عن رمضان قائلاً "والليلة التي يتوقع أن صبيحتها رمضان تسمى ليلة الرؤية... فيرسل عدد من الاشخاص الموثوق فيهم إلى مسافة أميال عدة في الصحراء حيث يصفو الجو لكي يروا هلال رمضان". أما الرحالة الايطالي فيلكس فابري الذي زار مصر عام 1483 للميلاد، فأعرب عن دهشته ليلة دخوله القاهرة لكثرة ما رأى في شوارعها من الانوار والمشاعل، إضافة الى الفوانيس المختلفة الأشكال والألوان التي يحملها الكبار والصغار... ولما استفسر عن ذلك الصخب قيل له إنه شهر رمضان، وإن المسلمين يحتفلون به على هذا النحو. ويقول الرحالة الفرنسي جان باليرن الذي زار مصر عام 581 للميلاد "يحرص المصريون في رمضان على توزيع اللحوم والصدقات على الفقراء، ويتبادلون الزيارات ويقومون بإنارة فوانيس كبيرة ملونة أمام المنازل والحوانيت وفي المساجد". أما برناردي بريد باخ الذي قدم لمصر من مدينة البندقية، في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، فقد وصف مظاهر بهجة الناس بهذا الشهر الكريم مثل إنارة المساجد والدروب والانشاد وحلقات الذكر. والرحالة الايرلندي ريتشارد بيرتون الذي وصل الى مصر عام 1853 للميلاد، فكتب قائلا: "تراعي مختلف الطبقات شعائر هذا الشهر بإخلاص شديد، على رغم قسوتها على حد قوله. فلم أجد مريضاً اضطر ليأكل حتى لمجرد الحفاظ على حياته... وحتى الآثمين الذين كانوا قبل رمضان اعتادوا السكر والعربدة، تركوا ما كانوا فيه من إثم فصاموا وصلوا. والاثر الواضح على هذا الشهر على المؤمنين هو الوقار الذي يغلف طابعهم... وعند اقتراب المغرب تبدو القاهرة كأنها أفاقت من غشيتها، فيطل الناس من النوافذ والمشربيات بينما البعض منهمك في صلاته وتسبيحه.