على رغم أن التشريعات الاسلامية هي الأكثر إنصافاً للمرأة، إلا أن واقع المسلمين والعرب، الذي يفترض به أن يجسد الإسلام، لم يقصّر في جفاء المرأة وهضم الحقوق التي منحها إياها كدين . ولهذا تقول الدكتورة نورة السعد الكاتبة والأكاديمية المعروفة، تعليقاً على بعض الفقرات التي جاءت في تقرير الأممالمتحدة عن التنمية في العالم العربي: "ما نعيشه في الواقع هو أننا كنساء مسلمات يتحكم العرف وليس التشريع الإسلامي في إيفائنا حقوقنا، وينبغي علينا كمجتمع مسلم وجهات مسؤولة أن نستوعب تلك الحقوق جيداً ونعلمها لأبناءنا وبناتنا، فالجهل بحقوقنا كمواطنين وليس كنساء فقط، هو جزء من إشكالية التخلف". جوالك يطلقك وفي هذا الصدد يعد من المؤسف حقا أن يكون الرجل في العالم الاسلامي أول من تبنى الوسائل التكنولوجية لبعث رسالة طلاق إلى زوجته. وتعد ماليزيا الدولة الثانية على مستوى العالم التي اعترفت بالطلاق عبر "رسالة جوال". وبهذا يعد ثلاثي: البريد الإلكتروني ورسائل الجوال والجوال ذو الكاميرا... أكثر جديد التقنية إضرارا بالنساء، إذ يشجع في صورة كبيرة على فصم عرى العلاقات الاجتماعية. ولدى سؤال السيدات عما إذا كن يعتقدن أن الجوال سيكون "مكروهاً" لدى النساء لإمكان نقله رسالة طلاق، وما إذا كان يشجع على الطلاق عند تعكر صفو المودة بين الزوجين، تقول الغالبية إن النساء يتعلقن بالجوال بدرجة كبيرة ولا يمكن أن تؤثر حادثة أو حادثتان حول العالم على ذلك. وتقول أسماء: "لا أعتقد أن النظرة الإيجابية للنساء إلى الجوال ستتأثر بحالة طلاق عبره .. إلا على مستوى ضيق". وترى أن العائلة التي طلّقت ابنتها عبر الجوال ستنظر دوماً إلى الجوال بتشاؤم. واتفقت كامل الشريحة على أنه ربما قد يسرّع الجوال البت في الطلاق، "إذ لو كان الزوج هم بطلاق زوجته، وهو في مجلس أو مكان ما لأمكنه ذلك بكل سهولة عبر الجوال" بينما إذا لم يكن لديه أو لدى زوجته "نقال"، فإن حدة الغضب التي انتابته في تلك اللحظة قد تذهب ، ويعود إليه رشده قبل أن يواجه زوجته، اي أنه يحد من فرصة مراجعة النفس والتروي لدى الزوج ويساعده على سرعة اتخاذ القرار ! رسالة...ثم طلاق من ناحية أخرى، أضافت الرسائل المرسلة عبر الهواتف النقالة سبباً جديداً لأسباب الطلاق في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعاني أصلاً من نسبة ارتفاع الطلاق بين أبنائها. ونشرت مصادر عدة أخيراً أن دائرة الإصلاح والتوجيه الأسري في محاكم دبي، التي تتولى مهمة إصلاح ذات البين بين الأزواج، تنظر في 15 حالة خلاف زوجي قد تؤدي إلى الطلاق بسبب الرسائل الواردة عبر الهاتف النقال. ومن الحالات التي تسعى الدائرة لحلها قبل وقوع الطلاق، اتهام إحدى الزوجات لزوجها بالخيانة وإصرارها على طلب الطلاق بعد أن قرأت على هاتفه الشخصي رسالة غرامية أرسلها أحد أصدقائه، ولم تفلح المحاولات بإقناعها بأن مرسل الرسالة رجل وليس امرأة، ورفضت أن تصدق أن رجلاً على الأرض يمكن أن يرسل لصديقه رسالة كهذه. وهناك حالة أخرى سببتها قراءة زوج لرسالة عادية على هاتف زوجته أرسلها مدير الشركة التي تعمل فيها على سبيل الممازحة، وحلف الزوج اغلظ الإيمان على أن لا تبقى زوجته في ذمته، وأن الرسالة ستكون نهاية لعلاقة زوجية استمرت ست سنوات وأثمرت طفلاً. ويقول موجه أسري في محاكم دبي انه "لم يكن متوقعاً أن تصبح الرسائل الهاتفية سبباً رئيسياً للطلاق، لكن تعدد الحالات التي تنظر الدائرة فيها تشير إلى أننا أمام ظاهرة تستوجب النظر فيها وتوعية الناس بخطورتها، خاصة أن بعض الزوجات يقمن بعد قراءة الرسائل بالاتصال بالأرقام المرسلة لهذه الرسائل ويكتشفن حقائق غير متوقعة". طلاق سريع في ما ليزيا في ماليزيا بات الطلاق "السريع" أمراً ممكناً بعد أن قررت الحكومة السماح بالطلاق عبر رسائل المحمول. وقال الدكتور عبد الحميد عثمان، مستشار رئيس الوزراء الماليزي للشؤون الدينية "إنه طالما كانت الرسالة واضحة وليس فيها أي غموض، فان الطلاق يكون صحيحاً وفقا للشريعة الإسلامية". وجاء قرار الحكومة في أعقاب حكم أصدرته محكمة لمصلحة رجل طلق زوجته برسالة عبر المحمول قبل نحو عام . وعلى رغم من قرار الحكومة ذلك، احتجت جهات ماليزية على اعتراف الحكومة بهذا النوع من الطلاق معتبرة إياه مساعدا على تقويض بناء الأسرة الاسلامية . ونقل موقع "بي بي سي" العربي عن المحامية الماليزية أزالينا عثمان، زعيمة جناح المرأة في الحزب الماليزي الحاكم قولها "إن الفتوى تبسط قرار الطلاق وتسهل على الرجال تجاهل خطورته على الأسرة والمجتمع"، كما نقل انتقادات جماعات المرأة في ماليزيا للفتوى التي أصدرها الشيخ هاشم يحيي، وهو من كبار رجال الدين في البلاد للسبب نفسه. البريد الإلكتروني بعد انتشار الإنترنت في العالم الإسلامي، قد يكون أشخاص كثيرون طلّقوا عبر البريد الإلكتروني. غير أن أولى القضايا التي أثارت جدلاً وتناولتها وسائل الإعلام، قضية السيدة المصرية التي تعمل مرشدة سياحية، التي طلّقها زوجها المقيم في ألمانيا عبر رسالة بعثها إليها على بريدها الإلكتروني، مما دفعها هي الأخرى للتقدم إلى المحكمة مصطحبة معها رسالة الطلاق وعقد الزواج لاستصدار صك الطلاق، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً من الناحية الفقهية، على رغم إصدار المحكمة حكماً بطلاق السيدة من زوجها. وأكدت في حينه لجنة الفتوى في الأزهر أن الزواج هو الرباط المقدس الذي شرعه الله سبيلاً لتكوين الأسرة ، فحدد وسائل إتمام هذا الرباط أو إنهائه ولكن مع وجود الوسائل الحديثة والتقدم التكنولوجي ظهرت وقائع جديدة لم تتطرق الفتاوى الشرعية لحكمها من قبل. وتترقب الأوساط العلمية وعد لجنة الفتوى بمحاولة إصدار فتوى واضحة قريبا توضح الضوابط الشرعية للطلاق والزواج الإلكتروني وحدود المحظور منه والمباح. وقد عارضت جمعية المأذونين المصريين إتمام الزواج أو الطلاق عبر الإنترنت لما قد يكون فيه من إهدار للحقوق الزوجية التي أقرتها الشريعة الإسلامية ، لأن الزواج يحتاج إلى توثيق بالإضافة إلى التأكد من صحة الايجاب والقبول ومن شخصية طرفي العقد ، والإنترنت لا يتيح ذلك. وأكدت الجمعية أن هذا الأمر قد يحدث فتنة كبيرة من خلال التلاعب بالبيانات الإلكترونية ، والأمر ذاته ينطبق على الطلاق لأن اختراق الإنترنت سهل وبالتالي من الممكن أن يقوم أي شخص بتطليق زوجة صديقه مثلا عن طريق الإنترنت وبعد انقضاء عدتها ستتزوج المطلقة من رجل آخر في حين أن زوجها لم يطلقها بعد. جوال الكاميرا وعند الحديث عن الجوال ذي الكاميرا والذعر الذي أحدثه بين النساء، نجد أن هذا الابتكار يواجه عقبات كثيرة بسبب سوء استخدامه في التجسس على خصوصيات الآخرين حتى منع في بعض الدول وفي المملكة العربية السعودية شنت أغلب فئات المجتمع حملة ضد هذه النوعية من الجوالات. وأول ما أعلن عنها، صدر مرسوم بمنع المتاجرة بها أو استخدامها بدافع الحفاظ على أعراض الناس، ووقفاً لأي نوع من التحديات الأخلاقية التي من الممكن أن تتسبب في كارثة اجتماعية إذا ما تفاقمت في وقت لاحق. لكن فوبيا الجوال المزود بالكاميرا تضاعفت في السعودية بعد "عملية الاغتصاب" التي بثت عبر جوال الباندا، وأعقبها رفض شعبي ورسمي لهذا النوع من الجوالات. وبات الجوّال المزود بكاميرا "المطلوب الأول للعدالة" في صالات الأفراح، والجامعات وأماكن التجمعات النسائية في السعودية. وذهب محمد بن عبد العزيز المسند الأستاذ في كلية المعلمين في الرياض إلى أن "الجوال ذا الكاميرا يهدد المجتمع بأخطار اجتماعية وأخلاقية وأمنية. فهو يتسبب في خراب البيوت ووقوع الطلاق الذي يبغضه الله ، وذلك أن الرجل قد يفاجأ بصورة امرأته وهي بكامل زينتها متداولة بين الفساق والفجار، مما يجعله يزهد فيها حتى ينتهي الأمر بالطلاق" . وأضاف أنه "على الرغم من أن نسب الطلاق في هذه البلاد أعلى من غيرها في دول الخليج المجاورة إلا أن هذه النسب تزداد في حال انتشار هذا النوع من الجوال ووقوعه في أيدي الفساق وضعاف النفوس". أما عن ضرره من الناحية الأمنية، فيعتقد أن "العرض أغلى ما يملكه المسلم بعد دينه ، والمساس بالأعراض سيؤدي لا محالة إلى شيوع الجريمة دفاعاً عن العرض والشرف. وإذا اختل أمن المجتمع عمت الفوضى، ووجد اللصوص ضالتهم ، وفقد المجتمع أهم مقومات التطور والرقي".