قد يكون رمضان هذه السنة مختلفاً عما سبقة في الاعوام العشرة الماضية، فهناك اداء حكومي مختلف نسبياً ووعود اطلقها وزراء كثر نفَّذوا بعضها و"الباقي قيد التنفيذ"، وهناك كذلك تحريك ولو موقت للسوق قد يقضي تدرجاً على الركود القائم. وعلى رغم أن المواطن يئن من مشاكل عدة قائمة إلا ان المشكلة الاكبر التي تمكن من تجاوزها هي عودة ثقته في الحكومة وثقته في اداء بعض اعضائها ... علماً أن البعض الآخر مشكوك في ادائه منذ البداية ولا يتوقع منه الا الوعود فقط. لكن المواطن يرى تغييراً بالفعل. قد يكون في لغة الحوار، في طرح الحلول للمشاكل، حتى تغيير الوجوه ودخول عناصر شابة ورجال أعمال إلى الحكومة. هذا أمر يراه المواطن جيداً وكأن لسان حاله يقول "فانوس الحكومة سيضيء في رمضان السنة الجارية، ولو موقتاً بعد سبع سنوات من خفوت هذا الضوء"، إذ كان عام 1998 بداية معاناة حقيقية للمواطن المصري والسطر الأول في كتاب مشاكله التي باتت لا تحصى. جالت "الحياة" على وزراء كثر لمعرفة اتجاه وزاراتهم في رمضان، في مقدمها وزارة التموين، وأكد الوزير حسن خضر استعداد الحكومة بشكل غير مسبوق لرمضان، وتوفير كل السلع للمواطنين من خلال المنافذ والمجتمعات الاستهلاكية مع إحكام الرقابة على الاسعار وعمليات البيع. وشدد على مراقبة توزيع السلع الاضافية على البطاقات التموينية في المواعيد المحددة وأخذ عينات من هذه السلع بصفة دورية للتأكد من سلامتها. وقال إنه تم الانتهاء من إعداد الكشوف الخاصة بمنافذ توزيع الدقيق المعبأ خلال رمضان، واستخراج 72 في المئة من الدقيق المدعم التي تقرر طرحها اعتبارا من اليوم. وأكد على الايجابيات التي تحققت من وراء تطبيق اللامركزية التي طالب بها الرئيس مبارك المحافظين والخاصة باقامة المخابز وتوزيع حصص الدقيق والسماح بأحقية استخدام الدقيق الفاخر المخصص للفينو في انتاج الخبز الشامي 90 غراماً بعشرة قروش. وتم التأكيد كذلك على مديري مديريات التموين في المحافظات على فتح "البَقَّال التمويني" لفترتين صباحية ومسائية خلال رمضان حتى يتمكن المواطن من صرف المقررات التموينية. وأضاف انه تم أيضاً التأكيد على متابعة الارصدة الموجودة في كل محافظة من المواد النفطية خصوصاً السولار وتوفيره في المخابز عشرة أيام وضمان توافر حاجة كل مخبز من خلال المتعهدين ومحطات الخدمة في المنافذ النائية خصوصاً مع توفير 837 ألف طن سولار لحاجات رمضان، وايضاً توفير23.2 مليون اسطوانة "بوتاغاز" بزيادة تبلغ 16 في المئة على شهر رمضان العام الماضي الى جانب توفير 95 الف اسطوانة احتياط عند الحاجة اليها. وأكد على المتابعة والرقابة على محطات تعبئة "البوتاغاز" وتفعيل دور اللجان الرباعية من التموين والمحليات وشركة البتروغاز لضمان طرح كميات "البوتاغاز" المعبأ على المستودعات، مشيراً الى أنه تقرر استمرار غرف العمليات خلال رمضان في الفترة المسائية لتلقي أي شكاوى من المواطنين. وأكد أن هناك تنسيقاً كاملاً بين وزارات التموين والنقل والصحة والتعاون الدولي لتنفيذ اتفاق استيراد اللحوم السودانية التي بدأ وصولها الى مصر الخميس الماضي عبر اربع رحلات جوية اسبوعياً تحمل كل منها 200 طن من اللحوم المبردة. وعن الموقف التمويني وحالة الاسواق خلال رمضان أكد توافر كل السلع الأساسية والرمضانية بكميات تزيد بما يقرب 20 في المئة على معدلات الاستهلاك الشهري في بقية شهور العام. وأكد أنه ليس هناك اي تعديل في اسعار اي من السلع الغذائية الاساسية كما اشيع وانه لا تعديل في اسعار السلع المطروحة من "الشركة القابضة للصناعات الغذائية". واشار الى توافر القمح من مصادر دولية وهناك تنسيق كامل بين الوزارات لتوفير حاجات المواطنين خلال رمضان الى جانب تحقيق اللامركزية في المحافظات للاشراف على المخابز وتوفير رغيف الخبز بسهولة. إسكان من جهته، أشار وزير الإسكان محمد إبراهيم سليمان إلى أنه سيتم خلال الشهر الاعلان عن شروط حجز وحدات الإسكان الاقتصادي المتطور بمقدم خمسة آلاف جنيه وقسط شهري لا يتعدى 75 جنيهاً ويتم سداد قيمة سعر الوحدة على ثلاثين سنة وسيتم توفير حاجات مختلف المدن من هذا النوع من الاسكان. ويبقى على المصانع التزام البناء على خمسين في المئة فقط من مساحة الارض وذلك لضمان اجراءات الامن الصناعي وحماية المصانع في حال حدوث أي حريق، موضحاً انه سيتم الاتصال بوزارتي الكهرباء والبترول لتقسيط وتيسير التوصيلات الخاصة بالكهرباء والغاز للمستثمرين وكذلك سيتم تقديم تيسيرات على اقساط الاراضي للمتعثرين خصوصاً الذين حصلوا على اراضٍ بأسعار مرتفعة قبل التخفيضات الجديدة. في الوقت نفسه سيُعلن الوزير خلال الشهر تقديم التسهيلات للمستثمرين الجادين وكذلك تشجيع الشباب على الانتاج من خلال تقديم اراضٍ صناعية بمساحات صغيرة يحصل عليها الشاب بنصف ثمنها في اشارة الى ان الدولة مستعدة لتقديم العون لأي مستثمر تعثر لظروف خارجة عن إرادته. وقال سليمان إنه تقرر خفض أسعار اراضي الخدمات التجارية والصحية والتعليمية في مدن العاشر من رمضان وبدر والسادات وبرج العرب بنسب مختلفة تصل الى نحو 40 في المئة وذلك تشجيعاً لتنفيذ مشاريع في تلك المجالات. وسيتم إعطاء كل المدن الجديدة اراضي بالمجان لإقامة معارض تضم انتاج تلك المدن. ويتم حالياً إجراء اتصالات مع وزارة الانتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع لتنفيذ وحدات مترو تصنع محلياً تربط مدينة العاشر من رمضان في مدينة القاهرة الكبرى لتيسير انتقال العمالة الى المصانع. استثمار من جانبه، اعتبر وزير الاستثمار محمود محيي الدين شهر رمضان فرصة لتحجيم اللقاءات الصحافية او عقد الطاولات المستديرة لكنه فرصة أيضاً لدرس اكبر عدد ممكن من الاجراءات التي تيسر على المواطن، وقال إن "الوزارة ستدرس الايام المقبلة امكان جذب استثمارات تراوح بين 1 و1.5 بليون دولار حتى سنة 2005 على رغم حادث طابا الاخير الذي سيكون دافعاً للعمل الجاد وليس معوقاً. وأشار الى أن التغييرات الجذرية التي اجرتها الحكومة سواء في ما يتعلق بالجمارك أو الضرائب ستؤثر ايجاباً في الحياة الاقتصادية في البلاد. وقال: "سيتم في النصف الثاني من رمضان تغيير بعض رؤساء الشركات القابضة التابعة للوزارة عقب الانتهاء من أعمال الجمعيات العمومية للشركات مع عدم الاعتداد بشرط السن كمعيار وحيد للتقويم" مشيراً الى إمكان الابقاء على رؤساء شركات تجاوزوا سن المعاش والاستغناء عن آخرين من دون سن المعاش بالنظر الى أن نتائج الشركات ومدى التزام مسؤوليها بايجاد صف ثانٍ وثالث وحُسن إدارة الأصول المملوكة للشركة عوامل رئيسية في تقويم الأداء. وعن برنامج التخصيص قال محيي الدين: "تم طرح عشر شركات للبيع من أصل 172 شركة مملوكة للقطاع العام كما سيتم في رمضان درس طرح إحدى شركات التأمين العامة للبيع في البورصة أو لمستثمر رئيسي أو كليهما معاً للإعلان عنها قريباً". وبالنسبة إلى شركات الأسمدة، قال "ستعقد اجتماعات عدة في هذا الشأن في ظل إيماننا أن هناك أربعة قيود تعرقل طرح هذه الشركات ضمن البرنامج المذكور أولها أن تلك الشركات تحتكر مجال صناعة الأسمدة في مصر وثانيها ان هناك سقفاً لأسعار الأسمدة في السوق وثالثها أن هناك قيوداً على تصدير الأسمدة الى الخارج وآخرها يتعلق بالسياسات المتبعة في ما يخص مدخلات الانتاج سواء بالنسبة إلى الكهرباء أو الغاز ومن ثم فإن تخصيص تلك الشركات لن يتم قبل علاج هذه المشاكل التي تحول دون إقدام المستثمرين على شراء هذه الشركات، وستعقد اجتماعات على مدى الاسبوعين المقبلين لدرس الموقف". وفي ما يتعلق بما هو معمول به من منح مزايا ضريبية لبعض الشركات تتضمن الإعفاء الضريبي لفترات تصل الى عشرين سنة قال محيي الدين: "إن الحكومة ستدرس في رمضان عدم الاستمرار في تقديم مثل هذه المزايا نظراً إلى أن الشركات كانت تحصل عليها في الماضي لعدم وجود بنية تحتية قوية أو تشريعات مشجعة للاستثمار ومن ثم فإن الحاجة الى هذه المزايا لم تعد موجودة مع الاجراءات التي اتخذتها الحكومة سواء بالنسبة إلى الجمارك أو الضرائب التي تجعل مصر أقل دول العالم في الضرائب المفروضة على الارباح والافراد. وستلتقي الحكومة المنتجين والمصدرين والمستوردين ومنظمات الأعمال خلال شهر رمضان لهذا الأمر". سياحة من جانبه، قال وزير السياحة أحمد المغربي إن الحكومة تدرس في رمضان كيفية تفادي أثار حادث طابا الذي أكد نجاح الحكومة في تجاوزه، في الوقت الذي ستدرس الحكومة اجراء تعديلات تشريعية بشكل عاجل في ما يتعلق بقوانين الاقامة للأجانب والغاء القيود المفروضة عليهم في بيع ممتلكاتهم، وذلك بهدف تشجيع المزيد من التدفق السياحي الى مصر. ووصف الحادث الارهابي الذي وقع في طابا أخيراً بأنه عرضي يمكن أن يحدث في أي مكان في العالم ومن الصعب في الوقت الراهن قياس حجم تأثيراته السلبية، وتوقع ان يزيد عدد السياح الذين يزورون مصر السنة الجارية مقارنة بالعام الماضي على رغم الحادث. وأضاف ان مصر تعد افضل ثالث مقصد سياحي على مستوى العالم، طبقاً لاراء السياح انفسهم، وقال "إن الوزارة تدرس في رمضان أيضاً إمكان تحقيق هدف مضاعفة عدد السياح الذين يزورون مصر سنوياً من 6 ملايين الى 12 مليوناً خلال عشر سنوات على اساس توفير البنية التحتية والاستثمارات اللازمة لاسيتعاب هذه الزيادة وسط توقعات بإمكان ان يصل عدد السياح الى اكثر من 15 مليون سائح خلال عشر سنوات". وأكد المغربي اهمية زيادة الوعي السياحي لدى المواطنين، مشيراً الى أن كل مليون سائح يدخل الى مصر يساهم في توفير ما يراوح بين 250 الفاً الى 500 الف فرصة عمل، إضافة الى الدور الذي تلعبه السياحة في توفير القطع الصعبة وزيادة اجمالي الناتج المحلي. وشدد على أن هناك امكانات كبيرة لنمو سياحة الاقامة او ما يعرف باسم الاسكان السياحي الامر الذي ساعد اسبانيا على احتلال مكان رئيس على خريطة السياحة الدولية مشيراً الى ضرورة جذب الشركات البريطانية المتخصصة في التسويق لهذا النمط من السياحة الذي يمكن ان يساهم في تحقيق طفرة في عدد السياح والدخل السياحي لمصر خلال السنوات المقبلة. النقل وفي الإطار نفسه، أكد وزير النقل عصام شرف ان رمضان سيشهد تحسين الخدمة في مرفق السكك الحديد بشكل مميز من دون المساس بأسعار قطارات محدودي الدخل، وقال "إن الشهر سيشهد كذلك العمل على الاستفادة القصوى من كل الموارد التابعة لهيئة السكك الحديد واستغلال العائد منها لتحسين الخدمة بالقطارات التي يزداد استخدامها من قبل محدودي الدخل مع فتح الباب للقطاع الخاص لتطوير بعض الخدمات الاخرى المعنية للفئات القادرة من المجتمع". وأكد شرف أن أي تطوير يتم الأخذ به يكون من ورائه استفادة للفئات محدودة الدخل، مشيراً الى أن قرار إلغاء زيادة اشتراكات الطلبة جاء بعد الاقتناع بأن هناك موارد متاحة يمكن استغلالها تعوض القيمة دون زيادة اشتراكات الطلبة. وأشار الى نشاط الشركة المصرية لمشاريع السكك الحديد والنقل ودخولها في مناقصات اولى ثمارها انشاء خط سكة حديد بين الزرقا وعمان في الأردن بطول 25 كلم كمرحلة اولى بالاشتراك مع احدى الشركات الهولندية الامر الذي يدر عائداً مالياً يمكن الاستفادة منه في تحسين مستوى الخدمة بالهيئة لصالح محدودي الدخل. كما أكد على أن سياسة المرحلة المقبلة تتمثل في تحقيق الإصلاح والاستقرار بين رؤساء الهيئات والقطاعات التابعة للوزارة خصوصاً مرفق السكك الحديد ومترو الانفاق. من جهته نفى وزير التجارة رشيد محمد رشيد ارتفاع أسعار بعض السلع في رمضان بسبب التعديلات الجمركية الأخيرة، لافتاً إلى أن وزارته ستوضح في الاسبوع الأول من رمضان ومن خلال تقرير سيعرض على مجلس الوزراء أن ارتفاع الأسعار في السوق المحلية ليس ظاهرة عامة، وهناك عدد كبير من السلع انخفض سعره بالعقل وبمستويات مختلفة. وأضاف: هناك بعض سلع مستوردة ارتفعت أسعارها عالمياً ومن ثم ارتفعت اسعارها محلياً مثل ما حدث في ياميش رمضان على رغم "تخفيض" الجمارك عليه. كلام صور