عدا عن ربطة العنق الحمراء والسترة السوداء، بدا بوضوح الخلاف بين الرئيس الأميركي الجمهوري جورج بوش ومنافسه الديموقراطي جون كيري في مناظرتهما الأخيرة في شأن "السياسة المحلية" والتي حسمها كيري، بحسب استطلاعات الرأي الأولية الصادرة أمس، بعد جدل ولهجة قاسية بين الفريقين حول السياسة الضريبية والقيم الاجتماعية والدينية ودور المرأة والتي اختلطت أحياناً بالسياسة الخارجية ومسائل الأمن القومي. وتسابقت كل من الحملتين الى الشاشات الصغيرة فور انتهاء المناظرة في ولاية اريزونا فجر امس، لاعلان مرشحها فائزاً. وأكد كارل روف المستشار الأعلى لحملة بوش-تشيني أن "فوز الرئيس كان واضحاً ومحتماً"، فيما هنأ مستشار كيري، بوب شروم مناصريه ولمح الى "تفوق كيري للمرة الثالثة ونجاحه في الهجوم والدفاع". وأشارت استطلاعات الرأي الأولية الى تقدم لكيري بنسب متفاوتة وصل اقصاها ال13 نقطة بحسب استطلاع مركز "غالوب" وشبكة "سي أن أن" الذي اعطى المرشح الديموقراطي نسبة 52 في المئة، فيما فضله 36 في المئة من المستطلعين في محطة "سي بي أس"، في مقابل 25 في المئة لبوش، وأعطى استطلاع شبكة "أي بي سي" تقدماً طفيفاً لكيري بنقطة واحدة ونسبة 42 في المئة. هفوات المرشحين "اخطاء" ولم تسلم الجرة من أخطاء في الحقائق والمعلومات للمرشحين والتي رصدتها وسائل الاعلام قبل ساعات الفجر الأولى. وكان أولها لبوش في الدقائق الأولى في سؤال حول الأمن القومي. واذ اتهم كيري الرئيس ب"اضاعة الفرصة للقبض على بن لادن، بتوكيل المهمة لأمراء الحرب في أفغانستان". وأضاف: "بعد ستة اشهر من التزام الرئيس بالقبض على بن لادن حياً أو ميتاً، رد على سؤال صحافي بالقول أنه لا يعرف، وغير قلق أو مهتم بالموضوع". ورد بوش بوصف التعليق ب"المبالغ به"، ونفى نفياً قاطعاً ان يكون ذكر ذلك في أي مناسبة". لكن شبكة "سي أن أن" سارعت الى بث شريط يصور لقطة من حديث صحافي في البيت الأبيض في آذار مارس 2002 بين الرئيس بوش ومراسلة المحطة كالي والس، يؤكد تصريحات كيري. وأخطأ كيري في محاولة لمغازلة الأقلية الافريقية الأميركية واعتبار بوش أول رئيس أميركي "لم يجتمع بالكونغرس الافريقي - الأميركي" الذي التقى معه بوش مرتين خلال ولايته. ويميل الصوت الافريقي - الأميركي الى الديموقراطيين ويعتبر أساسياً في ولايات حاسمة مثل فلوريدا وأوهايو. وشكى كيري من الوضع المتردي للسود وارتفاع نسبة البطالة في صفوف شبابهم في مدينة نيويورك الى 50 في المئة. بوش يتهم كيري بالتطرف اليساري ورد بوش بوصف كيري ب"ليبرالي ولاية ماساشوستس يتقن فن الانتقاد من دون اعطاء خطة واضحة وواقعية للوضع". واتهمه ب"الشذوذ عن القاعدة"، مشيراً الى "وجود تيار أساسي في الوسط السياسي الأميركي، فيما يجلس كيري في أقصى اليسار". وجاءت اتهامات بوش لكيري ب"الجلوس في أقصى اليسار" بعد العودة الى رصيده في مجلس الشيوخ في السنوات العشرين الماضية كسناتور عن ولاية ماساشوستس والتي عمل فيها على "زيادة الانفاق الحكومي والضرائب وادخال الحكومة الفيديرالية في شؤون المواطن الخاصة". ويؤكد كيري في برنامجه الانتخابي العمل على زيادة الضرائب على العائلات التي يفوق مدخولها ال200 ألف دولار سنوياً وتحويل الأموال للرعاية الصحية لأكثر من 27 مليون أميركي. واتهم كيري الرئيس ب"ادارة ظهره لصحة الأميركيين". وأضاف: "لدي خطة لتأمين صحي شامل ومتساو لكل الأميركيين سواء كانوا أعضاء في الكونغرس أو أناساً عاديين". ورد بوش بالقول: "الخطة السليمة ليست مجموعة من الانتقادات أو وعود لا يمكن الايفاء بها"، وأشار الى أن "خطة كيري تكلف الحكومة الأميركية 7700 دولار للعائلة الواحدة وما مجموعه 5 تريليون دولار سنوياً". تبادل انتقادات قاسية وتناولت المناظرة تعابير قاسية بين المرشحين تناول فيها بوش "صداقة كيري للسناتور اليساري ادوارد كينيدي"، بعدما وعد المرشح الديموقراطي بالعودة الى أيام التسعينات واتباع سياسة الرئيس كلينتون الاقتصادية والمتمثلة برقابة من الكونغرس على المدفوعات والضرائب لتخفيض العجز. وهزأ كيري بدوره من تصريحات بوش حول السياسة الاقتصادية، وقال: "تشبه محاضرة الرئيس حول الاقتصاد وضبط الانفاق محاضرة توني سوبرانو حول القانون والأخلاق". ويعتبر سوبرانو من أبرز نجوم هوليوود في مسلسلات المافيا والسرقات. كيري ينتقد ابنة تشيني كما لاقت تصريحات كيري المتعلقة بالزواج المثلي والذي يعارضه كلا المرشحين، ردوداً قاسية من عائلة نائب الرئيس ديك تشيني والتي اعتبرت على لسان عقيلته لين تشيني أمس "اقدام كيري على ذكر ابنتها المثلية جنسياً لتدعيم رأيه رخيصة ولئيمة". ورداً على سؤال الاعلامي بوب شيفر اذا ما كانت "المثلية الجنسية خياراً شخصياً"، قال المرشح الديموقراطي المعارض لتعديل الدستور ومنع ترخيص بعض الولايات للزواج المثلي: "نحن جميعاً أبناء الله. وأنا أعتقد انك لو تحدثت الى ابنة ديك تشيني، المثلية جنسياً، ستقول لك أن المسألة ليست خياراً، بل كونها كما هي وكما خلقت". وأكد بوش أن "نشر قيم الحرية هي أساس في السياسة الخارجية ومستلهمة من الله". ورد كيري بالقول: "هناك الكثير من القيم مستلهمة من الدين، مثل قول احب جارك كما تحب نفسك"، ودعا الى "تحسين علاقات الولاياتالمتحدة بجيرانها في الخارج". وبرزت قضايا المرأة في المناظرة الأخيرة بين المزاح والجد أحياناً. وبدأها كيري بانتقاد الحد الأدنى للأجور ووعد بزيادة 3800 دولار سنوياً ل9.2 مليون امرأة أميركية، وتحديث قوانين العمل لمنع التمييز ضد النساء، كما أكد حق المرأة الشخصي بالاجهاض ضمن "اطر أخلاقية". وأشارت الاستطلاعات الى تأييد 54 في المئة من النساء لكيري في مقابل 42 في المئة لبوش. وفي لفتة طريفة، أكد بوش أنه تعلم من عقيلته وابنتاه بالاصغاء اليهن. وتغنى ب"بلغة لورا بوش الانكليزية والتي على عكسي مفهومة من العموم". وابتسم الحضور مع تعليق كيري على زواجه "الرفيع" من المليونيرة تيريزا هاينز كيري.